إيمانا بدور القوى الناعمة في نشر الوعي والارتقاء بالسلوك وتقديرا لدور الفنون في تنمية وتطوير المجتمعات.. يحتفل العالم باليوم العالمى للمسرح فى 27 مارس من كل عام.
وقد قام المعهد الدولى للمسرح (ITI) باعتماد هذا اليوم العالمي عام 1961م، احتفالا بجوهر فنون المسرح وجمالها وأهميتها، ودورها المهم فى الترفيه، والأثر الرمزي الذي يتركه المسرح في مناحي الحياة.
ومن أهداف يوم المسرح العالمي، تعزيز هذا الشكل الفني في دول العالم، وزيادة الوعي بأهمية هذا الفن، ودفع قادة الرأي إلى إدراك قيمة مجتمعات المسرح، إضافة إلى تقوية فكرة الاستمتاع بهذا الفن كهدف بحد ذاته.
ويسهم هذا اليوم أيضا في إعلام الحكومات والسياسيين والمؤسسات وأصحاب المصلحة في العالم بقيمة المسرح للناس ودوره في تحقيق النمو الاقتصادي للبلاد.
*أصل الفكرة
وتبلورت فكرة الاحتفال باليوم العالمي للمسرح بعد اقتراح تقدم به رئيس المعهد الفنلندي للمسرح ارفي كيفيما في يونيو 1961م خلال المؤتمر العالمي التاسع للمعهد الدولي للمسرح ( ITI )في فيينا – أكبر منظمة للفنون المسرحية في العالم، تأسست عام 1948 من قبل خبراء المسرح والرقص بالتعاون مع اليونسكو.
وفي العام التالي وتحديدا 27 مارس 196 ، تم الاحتفال باليوم العالمي للمسرح من مراكز ITI وأعضاء ITI المتعاونين ومحترفي المسرح والمنظمات المسرحية.
وبنفس التاريخ تم افتتاح مسرح الأمم في فرنسا عام 1962، وذلك خلال موسم المسرح، وكان يسمى مسرح “سارة برنارد”.
*فعاليات الاحتفال
والعام الحالي 2025، يتم الاحتفاء بهذا اليوم في أكثر من 90 مركزا من مراكز (ITI ) في جميع أنحاء العالم، مع جامعات مسرحية وأكاديميات ومدارس وعشاق المسرح في أنحاء العالم الذين ينضمون للاحتفال بهذا اليوم.
وينظم “المعهد الدولي للمسرح” احتفالية “اليوم العالمي للمسرح” لعام 2025، من الخميس27 مارس حتى الأحد القادم 30 مارس، في العاصمة البرازيلية ريودي جانيرو برعاية اليونسكو، ويشارك في تنظيمه “المركز البرازيلي للمعهد الدولي للمسرح”، وتُقدم فيه مجموعة عروض من البرازيل وكوريا الجنوبية والصين وتايلاند وتشيلي وغيرها.
كما سيُسلط الحدث الضوء على حقوق الفنانين، إلى جانب ورش عمل وحلقات نقاش وحوارات حول مواضيع رئيسة مثل الإرث الفنّي والتراث الثقافي، وفرص العمل في المسرح، ودور التعاون الدولي في التنمية الاجتماعية.
*رسالة “اليوم العالمي للمسرح”
ومن الأنشطة والاحتفاليات الخاصة بهذه المناسبة التي جرى العرف على تنظيمها أن يتم اختيار شخصية إبداعية ومسرحية لكتابة كلمة خاصة بهذه المناسبة تلقى في اليوم ذاته، ويتم تعميمها على جميع المؤسسات المسرحية في العالم.
ويلقي المخرج المسرحي اليوناني ثيودوروس تيرزوبولوس (78 عاماً) رسالة “اليوم العالمي للمسرح” لهذا العام، وفقا لتقليد سنوي.
*قضايا واقعية على مسرح الحياة
وتشتمل كلمته على تساؤلات ومناقشات منها:”هل يستطيع المسرح أن يُصغي إلى نداء الاستغاثة الذي تُطلقه أزمنتنا، في عالم يجد فيه المواطنون أنفسهم مُفقرين، محبوسين داخل زنازين الواقع الافتراضي، منغلقين على ذواتهم في عزلة خانقة؟ في عالم يتحوّل فيه البشر إلى روبوتات، تحت وطأة نظام شمولي يقوم على السيطرة عن طريق الرقابة والقمع، باسطاً ظله على كلّ جانب من جوانب الحياة؟
-هل يكترث المسرح للدمار البيئي، للاحتباس الحراري، للفقدان الهائل للتنوع البيولوجي، لتلوّث المحيطات، لذوبان القمم الجليدية، لزيادة حرائق الغابات والظواهر المناخية المتطرّفة؟ هل يُمكن للمسرح أن يصبح طرفا فاعلا في النظام البيئي؟ لقد راقب المسرح تأثير الإنسان على الكوكب لسنوات طويلة، لكنّه يجد صعوبة في التعامل مع هذه الأزمة.
-هل يشعر المسرح بالقلق إزاء الوضع الإنساني كما يتشكّل في القرن الحادي والعشرين، حيث يصبح المواطن لعبة تحرّكها المصالح السياسية والاقتصادية، وشبكات الإعلام وشركات صناعة الرأي العام؟
-نحن في حاجة إلى أساليب سردية جديدة، تهدف إلى إحياء الذاكرة وصياغة مسؤولية أخلاقية وسياسية جديدة، للخروج من الديكتاتورية متعددة الأوجه لعصور الظلمات الحديثة”.
و كان المسرح منذ عهد اليونان القديمة شكلا شائعا للفن والترفيه مما أثار إعجاب جمهوره، لكن دوره أصبح لا يقتصر على الترفيه والتثقيف، بل يجمع المسرح أيضا بين مختلف الأشكال الفنية لمنح جمهوره تجربة مسرحية حقيقية لا يمكنهم العثور عليها في أي مكان آخر من أجل التنوير.
*شكسبير من رواد المسرح
ومن أشهر رواد المسرح العالمي وليم شكسبير من أعظم الشعراء والكتاب المسرحيين الإنجليز ، وقيل أنه بلغ حدا من التعليم مكّنه من التدريس في بلدته “سترانفورد” التي يوجد بها مسرح يسمى باسمه. وكان شكسبير رجل عصره على الرغم من عالمية فنه، إذ تأثر إلى حدّ بعيد بمعاصريه من كتاب المسرح، وخاطب مثلهم الذوق الشعبي في عصره، وهو الذوق الذي كان يهوى المآسي التاريخية بما فيها من عنف ومشاهد دامية.
كما كان يهوى المشاهد الهزلية ذات الطابع المكشوف التي كانت تتخلل المسرحيات التراجيدية لتخفف من حدة وقعها لكن شكسبير هذب القصص التي نقلها عن المؤرخ هوليتشد لتاريخ إنجلترا واسكوتلندا، كما الحال في مكبث والملك لير، وسمبلين، وريتشارد الثالث. وعن المؤرخ الروماني بلوتارك، كما في مسرحية “انطوني وكليوباترا”.
ومن أشهر أعمال شكسبير: تاجر البندقية، وجعجعة بلا طحن، وزوجات وندسور المرحات، والليلة الثانية عشرة أو كما تشاء، والأمور بخواتمها، والصاع بالصاع، ويوليوس قيصر، وعطيل، والملك لير، وأنطونيو .
ومن عمالقة السينما والمسرح بمصر والعالم العربي : يوسف وهبي، جورج أبيض ، زكي طليمات، د. محمد صلاح الدين وغيرهم .
* يوسف وهبي
وقد حقق عميد المسرح العربي الفنان يوسف وهبي طفرة في المسرح بعشرينات القرن العشرين.
ومن أهم مسرحياته: الموت المدني، راسبوتين، ابن الفلاح، بنت مدارس، أولاد الشوارع، ناكر ونكير، بيومى أفندى.
* سيدة المسرح العربي
كما استحقت الفنانة الكبيرة سميحة ايوب لقب سيدة المسرح العربي عن جدارة.. فهي فنانة تمتلك رصيدا راقيا من الأعمال الخالدة في ذاكرة المسرح المصري، ومؤخرا وضعت أجزاء من مسيرتها ضمن منهج الصف السادس الإبتدائي تحت عنوان ” شخصيات مصرية مؤثرة “،
وسميحة أيوب إحدى أيقونات الفن العربي ورمز من رموزه الأصيلة الخالدة، وهي القيمة الرفيعة السامية التي ساهمت في إثراء حياتنا الفنية بتجسيد عدد كبير من الشخصيات الدرامية الخالدة بجميع القنوات الفنية، وقالت عن وضع مسيرتها في المناهج التعليمية : تواصلوا معي وأبلغوني بهذا الفعل الذي أشكرهم عليه، فهو شرف لي أن أكون في المناهج ليعرف الجيل الجديد عن الفنانين الذين لهم تاريخ فني”.
وأضافت: “أتمني أن يكون هناك فنانين غيري ممن لهم مسيرة وتاريخ مشرف في كل المناهج وهذا كان متبعا من قبل، فتواصل الأجيال شىء مهم جدا والجانب المعرفي الخاص بالفن المصري يجب أن يكون مادة أساسية في التعليم، ويجب أن تعرف الأجيال الجديدة رواد الفن والثقافة والعلماء والمفكرين والفلاسفة، وأكرر شكري لمن فكر في وضع اسمي وجانب من مسيرتي “.
وكانت بداية احتراف الفنانة سميحة أيوب من خلال أستاذها زكي طليمات الذي ضمها وهي مازالت طالبة بالمعهد إلي فرقة”المسرح المصري الحديث” التي أسسها عام 1950، وفي أول عمل فني قدمته وهو أوبريت “عذراء الربيع” غيرت اسمها بناء علي طلب أسرتها واختارت لنفسها اسما هو “سميحة سامي”، ولكن عندما أذيع الأوبريت وأشاد به النقاد ووجدت استحسانا غضبت من نفسها .
وأسند إليها بعض الأدوار الرئيسية بعروضها ومن بينها أدوار : كاندس بمسرحية ” المتحذلقات ” بيلين في ” مريض الوهم ” الملكة آن في مسرحية ” خدمة الملكة ” أنيسة في ” الشيخ متلوف “.
*سكة السلامة
كما شهدت فترة الستينات طفرة كبري في المسرح المصري علي يد نخبة من المبدعين الكبار وقدمت سميحة أيوب محموعة من أفضل أدوارها المسرحية في الكثير من المسرحيات المهمة منها مثلا: الفتي مهران، الزير سالم ، السلطان الحائر ، السبنسة ، كوبري الناموس، سكة السلامة، بير السلم، المسامير، الخال فانيا، أنتيجون ، الإنسان الطيب ، دائرة الطباشير القوقازية ، الندم ، الذباب .
وسجلت الفنانة الكبيرة سميحة أيوب في مذكراتها التي أصدرتها بعنوان ” ذكرياتي ” أن من أصعب اللحظات التي مرت بها خلال حياتها الفنية وفاة والدها حيث كانت تقوم آنذاك ببطولة مسرحية ” أجاممنون ” علي مسرح الجيب ، وتوفي والدها في الخامسة مساء ، وكان لابد أن تكون في المسرح الساعة السابعة، ولم يكن ممكننا تحت أي ظرف إلغاء العرض أو تأجيله، فاضطرت بالفعل إلي الذهاب إلي المسرح، ولم تشعر أحد من العاملين بالمسرح بأي شئ وقامت بأداء دورها كالمعتاد، وبعد نهاية العرض انفجرت بالبكاء وسارعت للقيام بالتزاماتها وتقبل العزاء .
وتشمل المسيرة الفنية للفنانة القديرة سميحة أيوب أكثر من ( 450 ) عملا من بينهم (90 ) مسرحية، ( 44 ) فيلما، ( 220 ) مسلسلا وسهرة تليفزيونية ، وما يقرب من ( 115 ) مسلسلا وسهرة إذاعية، وذلك علي مدار نحو 70 عاما هي عمرها الفني ، ووقفت سميحة أيوب لأول مرة علي خشبة المسرح مع الفنانة فاتن حمامة كما ذكرت في مذكراتها، وذلك أثناء الدراسة بالسنة الأولى بمعهد التمثيل وذلك من خلال مسرحية ” البخيل ” لموليير والتي قدمتها علي خشبة دار الاوبرا المصرية، كما عملت مع الفنانة سناء جميل كومبارس غير متكلم في مسرحية ” دنشواي ” .
*سميحة أيوب في مسرحيات عالمية
و سميحة أيوب أول سيدة بالوطن العربي تتولى إدارة فرقة تابعة للدولة وذلك عندما تولت إدارة فرقة المسرح الحديث عام 1973، كما تولت بعد ذلك إدارة فرقة ” المسرح القومي ” مرتين ، فكانت أول سيدة تتولي هذا المنصب أيضا وذلك خلال الفترة من عام ” 1975 – 1982 ) ، ( 1984-1988 )، وخلال فترة إدارتها للفرقة استطاعت أن تقدم عروضا متميزة لأجيال مختلفة من المبدعين، ومن أهم تلك العروض التي حققت نجاحا : عودة الغائب ، طائر البحر ، دماء علي ملابس السهرة، الأستاذ، المهاجر، كما نجحت في انتاج بعض العروض المشتركة مع كل من : فرنسا ومنها مسرحية ” فيدرا ” لجان راسين، وإنجلترا مسرحية ” أنطونيو وكليوباترا ” لوليم شكسبير، وقدمت 5 مسرحيات مع مخرجين من جنسيات مختلفة ما بين روسى وإنجليزى وفرنسى، وبعض وكليوباترا» مع المخرج الكبير فيرنر بوس وهو مخرج إنجليزى معروف وكل هذه التجارب كانت تجارب ممتعة.
وتمثل سميحة أيوب مدرسة خاصة فى عالم المسرح، وصاحبة أسلوب فريد في فن الإلقاء المسرحى، ولذلك كرمها الرؤساء والزعماء بداية من جمال عبد الناصر ومرورا بالسادات ومنحها الرئيس السورى الراحل حافظ الأسد لقب سيدة المسرح العربي، لكونها نموذجا مضيئا يؤكد قيمة وقامة الفنانين المصريين ومدي تأثيرهم في الجماهير .