يحتوي المجلّد الجديد من المجلة على سبع دراسات
تحت عنوان “الموسيقى العربية بين التقاليد والخبرات والابتكارات”، صدر حديثاً المجلّد الثاني والعشرون من “مجلّة البحث الموسيقي” السنوية المُحكَّمة، التي تصدر عن المجمَع العربي للموسيقى التابع لـ”جامعة الدول العربية” في مقرّها بالقاهرة، ووقّع الباحث والموسيقي الأردني نبيل الدارس الافتتاحية، وممّا جاء فيها: “عرفت الحركة الموسيقية العربية المعاصرة إمكان تعايش بين العديد من عوالم المؤلف الأصلي، وتم الاعتراف بحقّ الفنّان في التجربة، وقد أعطى ذلك زخماً لولادة القيم الموسيقية الجديدة وتطويرها والموافقة عليها”.
يحتوي المجلّد الجديد من “مجلّة البحث الموسيقي” على سبعة عناوين، تعكس بعض جوانب الاهتمامات العِلمية المتعلّقة بمجموعة واسعة من قضايا عِلم الموسيقى النظري والتاريخي، وفلسفة وجماليات الثقافة الموسيقية، والتفاعل بين أنواع مختلفة من الفنّ ككلّ منهجي، والتعليم الموسيقي.
وتناولت الدراسة الأولى “الممارسات الموسيقيّة في سلطنة عُمان: مقاربة موسيقولوجيّة تحليليّة – القصّافيّة في ولاية بَهْلَاء نموذجاً”، للباحث التونسي محمّد الكتاري، واحداً من القوالب الموسيقية الشعبية العُمانية، بهدف الكشف عن بعض الجوانب الموسيقيّة المتعلّقة بالإيقاع واللّحن، وذلك من خلال طريقة مستحدثة قائمة على تقنيات وبرمجيّات حديثة ترتكز على أسلوب منطقي رياضي.
يتضمّن سبع دراسات تعكس مجموعة من قضايا عِلم الموسيقى النظري والتاريخي
أمّا الدراسة الثانية فتتناول الراهب اللبناني يوسف الخوري، بصفته رائداً في تجديد الموسيقى اللبنانيّة، وبخاصة موضوع “التراث السيرياني الماروني”، حيث يلقي الباحث اللبناني ألان سعد الضوء من ناحية على تطوّر مراحل حياة هذا الراهب الموسيقيّة (نشأته ودراسته في لبنان والخارج)، ومن ناحية أُخرى يستعرض أعماله ونهجه الموسيقيّ المتمثّل في مزج الطابع الشرقي بالأسلوب الغربي بشكل مدروس ومتقن، وتحديداً في كيفية التعامل مع النّص، والنّغمة، والإيقاع الموسيقي، والمبادئ، ليضفي كل ذلك على موسيقاه المتعة والتقشّف والخلو من الزخرفات الصوتية والإضافات المجّانيّة.
“أسلوب الموسيقار المصري محمد القصبجي في ابتكار البنية الشكلية للمونولوج الغنائي العربي” عنوان الدراسة الثالثة، التي يقرأ فيها الباحثة التونسية عائشة القلالي إنجازات محمد القصبجي (1892 – 1966) في الأغنية العربية، والتي تعكس تكوينه الموسيقي العربي وانفتاحه على الثقافة الموسيقية الغربية. وتشير الدراسة إلى أن موسيقى القصبجي تكشف عن عملية تجديد مستمرّ للغة الموسيقية ووسائل التعبير الموسيقي، وتُظهر تقنيات وتراكيب جديدة في لحظة الاستنفاد الكامل أو الجزئي للموارد القديمة.
ويقرأ الباحث اللبناني من أصل أرميني بيتي سليخانيان دور “إدوار طوريكيان وتطوُّر كتابته البوليفونيّة في الأغنيات العربيّة”، من خلال ثلاثة نماذج من التوزيع الموسيقي المهجَّن بين التقنيات التأليفيّة الغربيّة، وخصوصيات الموسيقى العربية، قدّمها الموسيقار اللبناني (1950).
تناول لأعلام الموسيقى العربية مثل محمد القصبجي ويوسف الخوري
كما تُلقي الدراسة الخامسة الضوء على “واقع منهاج التّربية الموسيقيّة في المدارس اللّبنانيّة 1946 – 1997″، وذلك من خلال منهج مختلط (تاريخيّ- وصفيّ- تحليليّ) للوثائق والبيانات والمعلومات التي استطاع الباحث اللبناني عادل رفيق الجردي الوقوف عليها. وتخلص الدراسة إلى أنّ مناهج التعليم الموسيقي لتلك الفترة التي وقعت تحت تأثير “اللّسان الطّونالي الغربيّ” في ظلّ غياب شبه تام للّسان المشرقيّ.
وينظر الباحث التونسي سالم العيادي في سؤال “الموسيقى والأخلاق عند أبي نصر الفارابي”، متناولاً العلاقة من منظور اللَّذَّة الإستطيقيَّة بوصفها كمالاً للإدراك، وقد عمل الباحث على بيان الصِّلة بين الإستطيقا والإتيقا، وكاشفاً عن ارتباط الأداء الموسيقي (الغناء) بوصفه “لعباً نافعاً” بالحُكم الأخلاقيّ القائم على ثنائيّة المحمود والمذموم والفضيلة والرّذيلة.
ويُختتم المجلّد الثاني والعشرون بدراسة سابعة وأخيرة بعنوان “النهج المختلط في البحث الموسيقي”، وفيها يحاول الباحث اللبناني خليل أبو عبيد استكشاف إمكانية دمج فلسفة الواقعيّة النقديّة التي وضعها الفيلسوف الإنكليزي روي باسكار (1944 – 2014)، والنهج الاستدلالي الذي وضعه عالم المنطق الأميركي تشارلز ساندرز بيرس (1839 – 1914)، وذلك من خلال إلقاء الضوء على طرق وفئات ومبادئ وأساليب دراسة الأشياء والموضوعات الموسيقية.
“مجلّة البحث الموسيقي” مجلّة موسيقية تصدر عن المجمع العربي للموسيقى الذي هو هيئة متخصصة من هيئات جامعة الدول العربية، ويعنى بشؤون الموسيقى على مستوى العالم العربي، ويختص بالعمل على تطوير التعليم الموسيقي في العالم العربي وتعميمه ونشر الثقافة الموسيقية، وجمع التراث الموسيقي العربي والحفاظ عليه، والعناية بالإنتاج الموسيقي الآلي والغنائي العربي والنهوض به.