سواء كنت قارئاً عابراً أو شغوفاً بالكتب، فمن المرجح أنك صادفت الـ”بوك توك” (BookTok)، مجتمع “تيك توك” المزدهر لمحبّي القراءة.
بخلاف أندية القراءة التقليدية أو الصفحات الإلكترونية القديمة، أعادت “بوك توك” تعريف مجتمعات القراءة، وأدّت إلى تحقيق مبيعات ضخمة للكتب وتعزيز الروابط العميقة بين المؤلفين والقراء. واليوم، مع مواجهة “تيك توك” احتمال الحظر في الولايات المتحدة، أصبح مستقبل هذه المنصة معلّقاً على المحكّ.
كيف دعمت “بوك توك” المؤلفين والقرّاء؟
ظهرت “بوك توك” خلال فترة جائحة كوفيد-19 مع ازدياد شعبية “تيك توك”. لجأ القرّاء، وخصوصاً عشاق الروايات الرومانسية والفانتازيا، إلى المنصة، ممّا دفع كتّاباً مثل كولين هوفر وسارة جي. ماس إلى دائرة الضوء. فقد أورد تقرير لـ”يو إس إيه توداي” أنّ مبيعات هوفر زادت بنسبة مذهلة بلغت 693 في المئة بين عامي 2020 و2021، وساهمت ماس في رفع إيرادات ناشرها بنسبة 75 في المئة في عام 2024. كما ساعدت خوارزميات “تيك توك” في تحقيق تكافؤ في الفرص، ممّا جعله أداة قوية للمؤلفين المستقلين والناشرين الذاتيين.
في الإطار، تحدّثت ريجينا بروكس، رئيسة رابطة وكلاء الأدب الأميركيّين، عن قيمة “تيك توك” بصفته أداة تسويقية منخفضة التكلفة. غالباً ما أشعلت مقاطع الفيديو “الفايرل” حملات ترويجية شعبية، إذ أصبح المعجبون سفراء للكتب التي يحبونها. واستفاد الناشرون أيضاً من هذا الاتجاه من خلال توقيع عقود مع مؤلفين يتمتعون بحضور قوي على وسائل التواصل الاجتماعي، وحتى إعادة توزيع العناوين المنشورة ذاتياً التي حقّقت نجاحاً واسعاً مثل تلك الخاصة بآنا هوانغ ولوسي سكور.
عصر جديد
على عكس الماضي، يوم كانت رسائل المعجبين تمثّل أحياناً حاجزاً بين المؤلفين والقرّاء، شجّعت “بوك توك” التفاعل المباشر. بدأ المؤلّفون باستضافة جلسات بث مباشر، والإجابة على أسئلة المعجبين، ومشاركة لحظات صريحة، ممّا عزّز شعوراً بالانتماء إلى مجتمع ضيّق. تقول دومينيك راكا، الرئيسة التنفيذية لشركة “Sourcebooks” إنّ “الأمر يتعلّق بكونك إنساناً”، موضحة كيف أصبح القراء الآن جزءاً من رحلة المؤلف الإبداعية.
بالنسبة للبعض، شكّلت المنصة تغييراً جذرياً في حياتهم. تُشير رايتشل بيك، مالكة “FanCornerCreations”، إلى أنّ “تيك توك” ساعدها على تحويل نشاطها التجاري الخاص بمنتجات الكتب إلى وظيفة بدوام كامل. يأتي نصف زيارات موقعها الإلكتروني من “تيك توك”، كما ساعدت منشوراتها في جذب حضور كبير في فعاليات مثل “Comic Cons”. وبينما تستعدّ لاحتمال الحظر من خلال نشر محتواها على “إنستغرام”، تجد أنّ خوارزميات “تيك توك” لا مثيل لها في جذب المعجبين المتفاعلين.
ماذا يحدث إذا اختفى تيك توك؟
حتى لو حُظِر “تيك توك”، فإنّ الخبراء في المجال يبدون تفاؤلاً، إذ انتقل القرّاء من منصة إلى أخرى سابقاً، مثل الانتقال من “فايسبوك” إلى “إنستغرام”، ومن المرجّح أن يتأقلموا مرة أخرى. تقول باميلا جافي، مديرة الدعاية في “Bloom Books”: “سيكون هناك دائماً نسخة أخرى من هذا. الأمر يتعلق بالمجتمع”.
بدورها، ترى ريجينا بروكس، رئيسة رابطة وكلاء الأدب الأميركيّين، إمكانية إبداع أدوات تسويقية جديدة إذا اختفى “تيك توك”. وبينما حوّل التطبيق بعض الكتب إلى رموز وأعطتها مكانة فريدة، تعتقد أنّ الحالة التي ولّدتها “بوك توك” قد وضعت سابقة ستُلهم الابتكارات المستقبلية.
ما مستقبل مجتمعات القراءة؟
أثبتت نجاحات “بوك توك” القوة الدائمة للمجتمعات التي يقودها القرّاء. وكما تشير ماراندا سيني من “Sourcebooks”، يجب أن تلتقي التكنولوجيا بالقراء حيثما كانوا، مع التركيز على الاتصال والشغف المشترك.
وبينما لا يزال مصير “تيك توك” غير مؤكّد، فإنّ البذور التي زرعها في عالم الأدب ستواصل النمو، سواء على منصات جديدة أو من خلال طرق مبتكرة تماماً للوصول إلى القراء.