في ساحة الموسيقى العربية، قلّما يمرّ اسمٌ دون أن يُقاس بتأثيره وصداه، لكن اسمه لا يحتاج إلى مقياس، هو موسيقار بحجم الحكاية، وصاحب بصمة لا تُشبه أحدًا، جمع بين الموهبة الفطرية والعين التي ترى ما وراء النغمة، ليصنع مسيرة فنية شكّلت وجدان جيل كامل.
ومنذ بداياته الأولى، لم يكن صدىً عابرًا، بل كان صاحب مشروع موسيقي متكامل، يرى في كل لحن مساحة للحوار، وفي كل آلة موسيقية شخصية لها رأي وصوت، أطلّ على المشهد بخصوصية نادرة، وكتب اسمه بين الكبار بلغة لا تُترجم، بل تُعاش وتُحسّ إنه المحلن والموسيقار المبدع حسن أبو السعود.
واليوم نحاول الغوص في عالمه الخاص، بين محطات النجاح، وملامح التفرّد، وقصص الألحان التي لا تزال تعيش في ذاكرة الناس كأنها وُلدت بالأمس.
الميلاد والنشأة
حسن أبو السعود من مواليد مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في 2 إبريل 1948، وكان والده من أمهر عازفي آلة الكلارينيت، وعمل رئيسًا لإذاعة ليبيا حيث قضى حسن طفولته الأولى.
تخرج في كلية التجارة من جامعة القاهرة 1970.
نشأة موسيقية
بدأ حسن أبو السعود مسيرته الفنية كعازف أكورديون في «فرقة صلاح عرام» الموسيقية، ثم ترك الفرقة وسافر إلى اليابان بصحبة فرقة رضا للفنون الشعبية، ودرس الموسيقى الغربية، هناك على يد مدرس ياباني، وتجول مع فرقته في عدة بلدان أوروبية للعمل ودراسة الموسيقى الغربية.
مع كبار المطربين
لحّن حسن أبو السعود ما يقارب 1500 لحنًا، وقام بتلحين العديد من الأغنيات لمطربين مصريين وعرب مثل هاني شاكر وراغب علامة كأغنية «آسف حبيبتي»، نانسي عجرم، شيرين وجدي، إيهاب توفيق، سميرة سعيد، محمد منير وبهاء سلطان الفنانة الكبيرة وردة والفنانة أصالة، خالد عجاج، شيرين عبد الوهاب ونوال الزغبي وغيرهم.
ووضع «أبو السعود» الموسيقى التصويرية والألحان لنحو 85 فيلمًا سينمائيا ومنها: «خدعتني امرأة 1979م، دائرة الشك، الدرب الأحمر، آسقة أطلب الطلاق 1980م، العار 1982م،عالم وعالمة، ريا وسكينة، خمسة باب، إنهم يسرقون الأرانب، المتسول، السادة المرتشون 1983م، يارب ولد (ألحان)، واحدة بواحدة، مين فينا الحرامي، فقراء لايدخلون الجنة، بناتنا في الخارج، بحر الأوهام، المشاغبون في الجيش 1984م،
«محطة الأنس، علي بيه مظهر و40 حرامي، شهد الملكة، تحت السطح الهادي، انحراف، أنا، النشالات الفاتنات، المدبح، الكيف، القط أصله أسد، الجوهرة الثعبان، الأوغاد 1985م،
«نأسف لهذا الخطأ، ممنوع في مدرسة البنات، مدافن مفروشة للإيجار، عذراء و3 رجال، شادر السمك، سلام يا صاحبي،سري للغاية، دقة زار، حد السيف، انتحار صاحب الشقة، المحترفون، المطاردة الأخيرة، السكاكيني، الحناكيش، الحرافيش، الحدق يفهم، أجراس الخطر، 1986م».
«عصفور له أنياب، روض الفرج، الفحامين، العاشقان،أربعة في مهمة رسمية، جري الوحوش 1987م، بطل من ورق، السجينان، 1988م، اعتصاب، الحقونا 1989م».
«ليلة عسل، البيضة والحجر، الذل، الأهطل، حنفي الأبهة 1990م،ليل وغوازي،1991م ، ديك البرابر، آه وآه من شربات، العبة الانتفام، 1992م، وزير في الجبس، خادمة ولكن 1993م، قدارة، ثلاثة على مائدة الدم 1994م ، إنذار بالقتل 1996، امرأة فوق القمة، حلق حوش 1997م»
«شروع في قتل، فل الفل 2000م، إحنا أصحاب المطار 2001، قشطة يابا 2004م، على سبايسي 2005م»، وآخرين
الموسيقى التصويرية للتلفزيون والإذاعة
وألف «أبو السعود» أيضًا الموسيقى التصويرية للعديد من المسلسلات التلفزيونية منها: في البداية قدم ألحان مسلسل «دنيا» 1884م، و أغنية «بلدي يا بلدي» لمسلسل «أولاد آدم» عام 1986م، وفي العام نفسه قدم الألحان والموسيقى التصويرية لمسلسل كابتن جودة»، وأيضا لمسلسل «بكيزة وزغلول»1987م ولمسلسل «زغلول يلمظ شقوب» 1990م، الغفران 1990م، «ليالي الحلمية» الجزء الرابع 1992م، الخامس 1995م وقام بتأليف الموسيقى التصويرية والألحان لمسلسلي «بريق في السحاب»، و«لن أعيش في جلباب أبي» 1996م.
وقدم موسيقى التتر لفوازير «النص الحلو، والموسيقى التصويرية لمسلسل «أهالينا»1997م، «نحن لانزرع الشوك» 1998م، «روبابيكيا»، وألحان المسلسل الإذاعي «خلوصي حارس خصوصي» 2000 ، وألف موسيقى تتر مسلسل «ملكة من الجنوب» والموسيقى التصويرية لمسلسل «ضبط وإحضار» 2001م
والألحان والموسيقى التصويرية لمسلسلات.. «إحنا نروح القسم» 2001م، «العطاروالسبع بنات» 2002م، «حد السكين »، «أولاد العمة نور»، وموسيقى «أولاد الأكابر» 2003م، «عيش أيامك 2004 م.
وفي سنواته الأخيرة قدم ألحان وموسيقى التصويرية لمسلسلات «سوق الزلط »، و«أحلامنا الحلوة» 2005م، «سوق الخضار» 2006م.
مبدعا على خشبة المسرح المصري
وقدم العديد من اللأحان والموسيقى لخشبة المسرح المصري مع كبار نجوم الفن ومخرجين المسرح، ففي بداية الرحلة قدم ألحان مسرحية «كل واحد وله عفريت» 1997م، من إخراج الضيف أحمد، وقدم ألحان «روحية اتخطفت» 1989م، للمخرج عصام السيد، ألحان ومسيقى تصويرية لمسرحية «شارع محمد علي» 1991م، بطولة المك فريد شوقي، ونجمة الاستعراض شريهان، إخراج محمد عبد العزيز وقدم ألحان «بهلول في استنبول» 1995م، لنجم الفن سمير غانم، ألحان وموسقى تصويرية «الجميلة والوحشين» 1996م، مع الفنانة ليلى علوي إخراج حسين كمال، ومن تأليف يوسف معاطي، وقدم ألحان «عفرتو» 1999م، لنجم الكوميديا محمد هنيدي وحسن حسني وهاني رمزي ونخبة من نجوم الفن، كما أبدع في ألحان وموسيقى تصويرية «لعبة الست» 2000م، للفنان محمد صبحي.
وشارك بالتحكيم في مسابقة برنامج «ستار ميكرز» لاكتشاف النجوم عام 2003، وظهر ضيفًا في برنامج «سهرة شريعي» مع الموسيقار المبدع عمار الشريعي 2003م
ثمار الرحلة ..جوائز وتكريمات
وكرم حسن أبو السعود ،وحاز على العديد من الجوائز عن العديد من أعماله، منها جائزة أحسن موسيقى تصويرية، عن أفلام« العار»، «أربعة في مهمة رسمية»، «الكيف».
وحازحسن أبو السعود أيضًا جائزة أحسن موسيقى تصويرية عن مسلسل «لن أعيش في جلباب أبي»، و«نحن لا نزرع الشوك»، ويعد الموسيقار حسن أبو السعود هو أول موسيقار يدخل الربع تون الشرقي في آلة غربية.
نقيب الموسيقيين
تدرّج حسن أبو السعود في العمل النقابي لنقابة الموسيقيين المصرية حتى صار نقيبًا لها في العام 2004م، ومن إنجازاته في منصب رئيس النقابة رفع معاشات الموسيقيين وتحسين وضعهم المادي بعد سن المعاش، وتحسين أداء النقابة من خلال إيجاد مصادر دخل مختلفة عبر تحصيل مستحقات النقابة من الحفلات الكبرى.
رحيل وأثر باق
رحل المبدع المتميز حسن أبو السعود بالقاهرة في مثل هذا اليوم 17 إبريل 2007م نتيجة إصابته بهبوط حاد في الدورة الدموية من جراء مضاعفات مرض السكر، لكنه سيبقى باقيا بأثره المتميز في عالم الموسيقى الهربية، فهو من صاغ هويته الفنية من الصدق، وغزل ملامح موسيقاه من دفء الشرق وحداثة العصر، فصار اسمه علامة فارقة، لا تُذكر إلا ويُذكر معها زمنٌ كانت فيه الموسيقى لغةً تُحكى بصدق، وتُحسّ من الأعماق.