يبقى صلاح عبد الله حالة فنية متفردة في عالم الفن المليء بالوجوه العابرة، إنتمي لمدرسة الأصالة والبساطة والموهبة الفطرية.

فالرجل الذي بدأ حياته شاعراً في السياسة، صار لاحقاً أيقونة فنية يتقن أدوار التراجيديا كما يتقن الكوميديا، ويُدهشك بقدرته على اقتحام القلوب بخفة ظل وصدق مشاعر لا يُصطنع.
الكوميديا تجري في دمه.. والتراجيديا تكشف العمق
لا يمكن اختزال موهبة صلاح عبد الله في إطار الكوميديا فقط، رغم أنه برع فيها منذ بدايته، حتى شبّهه البعض بالراحل نجيب الريحاني.
إلا أن العام الذي قدّم فيه شخصية الزعيم مصطفى النحاس في “الملك فاروق” وشخصية فوزي الدالي في “الدالي”، شكّل نقلة فنية أكّدت أن عبد الله ليس مجرد ممثل خفيف الظل، بل فنان قادر على سبر أغوار النفس البشرية وتقديم أعقد الشخصيات بأداء صادق لا يشوبه تصنع.
من بولاق إلى وجدان الجمهور.. بداية صلاح عبدالله
وُلد صلاح عبد الله عام 1955 في حي بولاق أبو العلا، وانتقل في طفولته إلى بولاق الدكرور، حيث تشكلت ملامح شخصيته وسط بيئة شعبية أثّرت فيه إنسانياً قبل أن تؤثر عليه فنياً.
لم يكن الفن وقتها ضمن أحلامه، فقد كان منشغلاً بالشعر السياسي والعمل العام، حتى قادته الأقدار إلى خشبة المسرح الجامعي بكلية التجارة، لتولد من هناك شرارة الفن.
المسرح في حياة صلاح عبدالله
كوّن صلاح فرقة مسرحية للهواة باسم “تحالف قوى الشعب العامل”، وبدأ عبرها يقدم أعمالاً مميزة مزجت بين التمثيل والإخراج وكتابة الشعر.
بدأ في شق طريقه الحقيقي نحو الاحتراف، في أعمال مثل “المهزوز” و”إنت حر”، وأثبت من خلالها قدرة استثنائية على الخروج عن النص دون إسفاف، بل بإبداع يحترم عقل الجمهور.
سنبل.. البداية الكبرى نحو الشهرة لصلاح عبدالله
انطلقت معرفة الجمهور الواسعة بصلاح عبد الله بعد مشاركته في مسلسل “سنبل بعد المليون” عام 1987، حيث أدّى دوراً صغيراً لكنه ظل عالقاً في ذاكرة المشاهدين، لتتوالى بعدها مشاركاته الناجحة، وأبرزها دوره الخالد في “ذئاب الجبل” الذي مزج فيه بين الكوميديا والتراجيديا ببراعة لا تُنسى.
السينما.. طريق صلاح عبدالله من أدوار ثانوية إلى علامات فارقة
حيث أُسندت إليه أدوار صغيرة في بدايته المتواضعة في السينما، فإن نضجه الفني تجلّى لاحقًا في أفلام مهمة مثل “الرغبة”، و”مواطن ومخبر وحرامي”، و”دم الغزال”، و”الشبح”، وغيرها.
وكان دوره في “مواطن ومخبر وحرامي” علامة فارقة في مشواره، حيث حصد عنه جائزة جمعية الفيلم وجائزة المهرجان القومي للسينما كأفضل ممثل دور أول.
صلاح عبد الله.. فنان الجودة لا البطولة
لم يلهث صلاح عبد الله خلف حلم البطولة المطلقة، رغم تألقه المتواصل، فقد وضع معيارًا فنيًا صارمًا لقبول الأدوار، مؤكداً أن الجودة باتت أهم من عدد المشاهد أو ترتيب الاسم.
وهو ما ينعكس في اختياراته المتنوعة، بين السينما، الدراما، وحتى أفلام الكرتون التي قدم فيها صوت شخصية “ماطن” في فيلم “السيارات”.
انهيار صلاح عبدالله في جنازة سليمان عيد.. مشهد إنساني صادق
لم يكن خبر وفاة الفنان سليمان عيد سهلاً على قلب صلاح عبد الله، الذي انهار بالبكاء بعد أداء صلاة الجنازة عليه، وسط دعم من زملائه وعلى رأسهم كريم محمود عبد العزيز، هاني رمزي، ومحمد لطفي. مشهد إنساني اختصر حجم العلاقات والوفاء داخل الوسط الفني، وجسّد طيبة الفنان التي يعرفها جمهوره.
مسلسلات حفرت في الذاكرة لصلاح عبدالله
قدم صلاح عبد الله عشرات المسلسلات الناجحة منها:
ذئاب الجبل
ريا وسكينة
حدائق الشيطان
الدالي
الملك فاروق
الجماعة
قيد عائلي
هوجان
إيجار قديم
كل عمل من تلك الأعمال كان بصمة مختلفة في مشوار فنان لا يعرف التكرار.