تجمع دبي بين التراث الثقافي الغني والابتكار العصري، في مختلف المجالات، من بينها الفن الذي لا يزال أصيلاً لكنه ينمو باستمرار مواكباً التطورات الهائلة للمدينة على كافة الأصعدة فلم يعد الفن مقتصراً على لوحة بالألوان أو مجرد منحوتة، بل خليط من الفن التشكيلي والرقمي، والخط العربي وأحياناً الأحرف الأجنبية في تمازج جميل لا يمكن مقاومة سحره.
ويعتبر الدمج بين الفنون التشكيلية والخط العربي بمثابة جسر يربط الماضي بالحاضر، ويمكن من خلاله التعبير عن الهوية الثقافية والفنية للمدينة، لذا يسعى الفنانون من مختلف الجنسيات في دبي إلى خلق أعمال فنية تجمع بين التقاليد العريقة للخط العربي مع الأساليب المعاصرة للفنون التشكيلية، ما ينتج عنه أعمال تعكس التنوع والثراء الثقافي الذي تتميز به الإمارة.
تجارب
أكد الفنان خالد الجلاف أن دمج الفنون بات من الأساليب المتبعة كثيراً في الوقت الراهن، وفيها العديد من التجارب الجيدة والناجحة وأفضل مثال على ذلك مبنى متحف المستقبل، أجمل مبنى في العالم.
حيث يحمل لمسة أصالة مهمة جداً وهي الأحرف العربية التي أضفت عليه جمالاً اتفق عليه العالم بأسره. وأكد أن دبي تجمع العديد من المعارض الفنية والملتقيات المحلية والعالمية، وفيها العديد من الأعمال التي يتم من خلالها دمج العديد من الفنون في عمل واحد، خصوصاً الخط العربي الذي لطالما كان له بريقه الخاص، والذي يضفي جمالاً مضاعفاً على أي عمل.
ويرى الجلاف أن هذا الدمج يجب أن يكون مدروساً ومقنناً، بحيث لا يتم إقحام الأحرف العربية في أية أعمال لمجرد استعراض الخط دون الاهتمام بجمال وهدف وعمق العمل الفني، وأيضاً احترام المتلقي الذي يستحق أن يرى جمالاً يوافق تطلعاته.
وقال: «الدمج بين الفنون التشكيلية والخط العربي في دبي يمثل تجربة فنية فريدة تعبر عن روح المدينة المتجددة وتنوعها الثقافي، فهي ليست مجرد أعمال فنية، بل تجارب تعكس تطلعات وآمال المجتمع في التعايش والابتكار في ظل التطور المستمر في هذا المجال، ويمكننا أن نتطلع إلى المزيد من الأعمال التي تلهم الأجيال القادمة، وتحافظ على التراث الثقافي الغني الذي تتمتع به الإمارات».
تطور

بدوره، أكد الفنان جاسم العوضي أن الدمج بين مختلف الفنون ليس بالأمر الجديد، بل هو موجود منذ وقت طويل لكنه دائماً ما يتطور بحسب الأدوات والأساليب الجديدة، وبحسب كل مرحلة زمنية، منوهاً بوجود العديد من الفنانين الجريئين الذين يعملون على إشراك عدة مدارس أو فنون في عمل فني واحد.
وأضاف: «دبي مدينة عامرة بالفنانين المجددين وأيضاً محبي الابتكار ومواكبة الحداثة، وبالتالي تجد مثل هذه الأعمال إقبالاً ورواجاً كبيرين من قبل الجمهور والفنانين على حد سواء، وعلى سبيل المثال عندما قمت بعمل منحوتة في إحدى الأماكن العامة في دبي.

لم أكتف بالنحت بل أدخلت الحروف العربية عليها، ما أضاف بُعداً وعمقاً كبيرين للعمل، وبات بإمكان كل شخص أن يقرأه بطريقته الخاصة، حتى لو لم يكن يتقن الأحرف العربية، وأنا على يقين أن اللغة العربية باتت عالمية وأحرفها معروفة خصوصاً أن العديد من اللغات الأخرى تستخدم الحروف نفسها».
مزيج
وأوضح الفنان التشكيلي فؤاد حمزة الذي أقام معرضه الخاص في دبي مؤخراً تحت عنوان «حروف في حركة»، أنه بدأ فنه من دبي وانطلق نحو العالمية، مشيراً إلى أنه يعمل على مزج الخط العربي مع الأحرف الأجنبية وفن الغرافيتي في أعمال تمزج الأصالة بالمعاصرة.
وأضاف: «أجد متعة كبرى في الدمج بين مختلف الفنون خصوصاً الأحرف العربية التي اتركها تنساب من على عصاة خاصة لا أرسم بها مباشرة بل أترك اللون يتقاطر على اللوحة بحرّية تامة تضفي جمالاً على العمل، بحيث لا يكون مشابهاً لأي عمل آخر.

وعندما انتقلت بلوحاتي هذه من دبي إلى أمريكا والدول الأوروبية كان الإقبال عليها كبيراً، ليس فقط بسبب أسلوب الرسم بل أيضاً بسبب الأحرف العربية التي بات لها عشاق من كل دول العالم، حتى ممن لا يتقنون قراءتها لكنهم يستشعرونها من العمل بأكمله أو من خلال الفنان نفسه».
وأشار حمزة إلى أن دمج الخط العربي في الأعمال الفنية يجسد الهوية الثقافية الأصيلة لدبي، فالخط العربي يحمل في طياته تاريخاً عريقاً وثقافة راسخة، وهذا الدمج يساهم في تقديم رؤية فنية تكسر الحدود بين الثقافات.