استعرض تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، آفاق النمو للاقتصاد الإماراتي خلال عامي 2025 و2026، حيث تشير توقعات سيناريو الأساس إلى قدر من التفاؤل، ونمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 4.2% بالمتوسط مدفوعا بزيادة إنتاج النفط الخام، وذلك رغم تصاعد المخاطر السلبية على الاقتصاد الإماراتي نتيجة انكشافه الخارجي.
وفي المقابل، من المتوقع أن تتباطأ وتيرة النمو غير النفطي، لكنه سيبقى مدعوما بمبادرات الإصلاح والاستثمار المستمرة، ومؤشرات القدرة التنافسية الدولية القوية، وتوازن مؤشرات الاقتصاد الكلي التي لا تزال متماسكة، وذلك على الرغم من بدء ظهور بوادر تقلص تدريجي في أرصدتها.
ويرجح «الوطني» أن تشهد أسعار العقارات تباطؤا في وتيرة الارتفاع نتيجة زيادة المعروض واستمرار مستويات أسعار الفائدة المرتفعة، وتتمثل أبرز المخاطر السلبية على الآفاق المستقبلية في تصاعد التوترات الجيوسياسية على المستوى الإقليمي، والانخفاض الحاد لأسعار النفط، واحتمال حدوث انكماش عالمي ممتد، إلى جانب تشديد الأوضاع المالية.
وأشار التقرير إلى أنه رغم تصاعد المخاطر الخارجية فإن توقعات السيناريو الأساسي لاقتصاد الإمارات في 2025-2026 لا تزال متفائلة نسبيا، بدعم من زيادة إنتاج الطاقة، واستمرار زخم قطاع السياحة، ونمو التدفقات السكانية، إضافة لتنفيذ مجموعة واسعة من مشاريع البنية التحتية والعقارية، وتزايد الإنفاق الحكومي، وتسارع جهود التنويع الاقتصادي.
وتتمثل أبرز الضغوط السلبية في تراجع معنويات المستثمرين العالميين، وضعف النشاط التجاري العالمي، وتشديد شروط التمويل، فضلا عن فرض الرسوم الجمركية الأميركية على واردات الألمنيوم والصلب، مما قد ينعكس سلبا على الصادرات غير النفطية للإمارات.
ومن المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نموا بمعدل 4.2% في المتوسط خلال عامي 2025-2026، مدفوعا بقوة قطاع الطاقة، في حين من المرتقب أن يتباطأ النمو غير النفطي من متوسط قوي بلغ 5.4% خلال عامي 2023-2024 إلى 3.9%. ويرى تقرير البنك الوطني أن اعتدال النمو بعد وتيرته السريعة التي شهدها على مدار السنوات الماضية، يعتبر مفيدا لتعزيز الاستدامة على المدى الطويل، وقد بلغ نمو ائتمان القطاع الخاص نحو 4% بنهاية عام 2024، في ظل نمو إقراض الأفراد بمعدل قوي وصل إلى 17%.
ولا تزال الحكومة الإماراتية تمضي قدما في إطلاق مبادرات تحفيزية للتنمية، من بينها الإستراتيجية الوطنية الجديدة للاستثمار التي تم الإعلان عنها في مارس 2025، والتي تهدف لرفع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من 31 مليار دولار في عام 2023 إلى 65 مليار دولار بحلول عام 2031، مع التركيز على تنمية قطاعات الصناعة، والخدمات اللوجستية، والتمويل، والطاقة المتجددة، وتكنولوجيا المعلومات.
وفي الوقت ذاته، من المتوقع أن يحقق القطاع النفطي نموا قويا في عامي 2025-2026 (5.3%)، في ظل التراجع التدريجي للتخفيضات الطوعية التي أقرتها الأوپيك وحلفاؤها لحصص الإنتاج، واستفادة الإمارات من ميزة خط الأساس الأعلى لإنتاج النفط (بما يعكس قدرتها الإنتاجية الكبيرة).
ومن المتوقع أن يبلغ إنتاجها 3.27 ملايين برميل يوميا بنهاية عام 2026، كما يتوقع أن يسهم استكمال مشروعي تطوير حقلي دلما وزاكوم العلوي في تعزيز الطاقة الإنتاجية لشركة أدنوك، لتقترب من تحقيق هدفها الطموح برفع الطاقة الإنتاجية إلى 5 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2026.
وعلى صعيد القطاع العقاري، أشار تقرير البنك الوطني إلى أن المبيعات العقارية بقيت مزدهرة خلال عام 2024 رغم تباطؤ وتيرة النمو مقارنة بالارتفاعات القياسية التي شهدناها على مدار السنوات السابقة، إذ سجلت المبيعات في أبوظبي نموا بنسبة 8.8% على أساس سنوي (مقابل 14.4% في 2023)، بينما ارتفعت مبيعات دبي بنسبة 27% (مقابل 57%).
وفيما يخص الميزانية العامة للدول، توقع التقرير تراجع فائض المالية العامة خلال السنة المالية 2025-2026، على خلفية انخفاض أسعار النفط لنحو 70 دولارا للبرميل، رغم مواصلة دعم مستويات الإنتاج المرتفعة لإيرادات قطاع الهيدروكربونات، ووفقا للتقديرات، فقد ينخفض الفائض المالي من نسبة 5.5% من الناتج في عام 2024 لنحو 4.0% في 2025-2026.
ويتوقع ارتفاع النفقات 3.6% نتيجة زيادة المخصصات الموجهة للبنية التحتية، ومبادرات التنويع، والمزايا الاجتماعية ضمن الميزانية الاتحادية وموازنة دبي، وفي الوقت الذي تحتفظ فيه الدولة بهوامش مالية مريحة عبر صناديقها السيادية، والتي تعادل نحو 407% من الناتج (2.2 تريليون دولار)، يرجح أن يتقلص فائض الحساب الجاري إلى 2.3% من الناتج بحلول 2026.