انتشرت في السنوات الماضية حول مصر، موضة الملابس التايجر للسيدات في الطبقات المختلفة، حيث ظهرت نجمات السينما والفن والصف الأول بالمجتمع خلال التهافت على ارتداء فساتين التايجر في الحفلات والمناسبات التي تكثر فيها الكاميرات ووسائل الإعلام، وهم لا يعلمون أنهم ليسوا أول من ارتدى تلك الملابس فقد سبقهم الأجداد القدماء المصريون في ارتداؤها لقدسيته وكونه بالنسبة لهم سابقاً إنه رمز القوة والطهارة والقضاء على الشر.
وعن ارتباط تلك الملابس التايجر بالتاريخ المصرى القديم، يقول الطيب غريب مدير معابد الكرنك سابقاً، إنه كان الغالب علي الكهنة الكبار ورئيس الكهنة في الحضارة المصرية القديمة ارتداء جلد الفهد أثناء القيام بالصلوات والشعائر الدينية المختلفة وتلاوة الطقوس الدينية والدعوات، وخاصة في الطقوس الدينية الكبرى مثل طقوس فتح الفم وهكذا بل وارتداه بعض الملوك المصريين نظرا لأهميته وقدسيته في حياة المصريين القدماء، موضحاً أن السؤال الأهم هو: لماذا جلد الفهد كرمز ولباس خاص بالكهنة في مصر القديمة ؟!!، موضحاً اعتقد ان ذلك يرجع لعدة أسباب أولها رمزيته في الأسطورة القضاء على الشر، حيث يرجع للأسطورة الشهيرة والاروع في تاريخ الحضارة المصرية القديمة، وهي أسطورة الصراع بين أوزير وست أو الصراع بين الحق والباطل حيث أنه ورد في بعض فصول هذه الأسطورة أن المعبود ( ست ) في سبيل محاولاته القضاء علي أخيه ( اوزير ) حول نفسه إلي ( فهد ) وهاجم أخيه الإله الطيب ( أوزير ) لولا تدخل المعبود ( أنوبيس ) الذي هزمه دفاعًا عن أوزير ووسم جلده بالبقع ، ومنذ ذلك الحين أصبح جلد الفهد يدل ويشير إلي هزيمة الشر والقضاء عليه إلي الأبد.
ويضيف الطيب غريب لـ”اليوم السابع”، إنه لإرتداء جلد الفهد أيضاً كانت هناك رمزية القوة، حيث إنه لا خلاف علي أن الفهد من الحيوانات المفترسة والقوية في عالم الطبيعة ولعل المقصود هنا ليس القوة الجسدية بطبيعة الحال، ولكن القوة الروحية التي يجب ان يتمتع بها الكاهن في حياته الكهنوتية لمحاربة النفس والشرور وكبح جماح رغباته وشهواته وهو ما به عن غيره من البشر، قائلاً:- “بل إن من الغريب أن نجد أن جلد الفهد في عالم الموضة الحديثة يعبر ويرمز إلى السلطة والاستقلالية والثقة بالنفس”، موضحاً إن ذلك الرداء يرمز أيضاً إلى الطهارة فمن المعروف أن الفهود غالبًا لا تأكل الجيف والميتة بل ما تصطاده بنفسها بل إنها لا تأكل أحشاء فرائسها ايضا وهو نوع من الطهارة التي يتميز بها الفهد عن بعض الحيوانات الاخري مثل الكلاب والضباع وغيرها من الحيوانات وهو ما يجب ان يتميز به الكاهن من طهارة المظهر والمخبر.
فيما يقول محمود العديسي مدير إدارة الوعى الأثرى بالأقصر، إن رداء التايجر في الموضة حالياً، جاء من تاريخ الأجداد عبر رداء جلد الفهد في السابق، حيث كانت له رمزية قوة البصر حيث أن الفهد من الحيوانات التي تتمتع بنظر وبصر قوي وهو نوع من الصفات الهامة التي يجب أن يتحلي بها الكاهن، وهو النظر الثاقب وبعد النظر بل ويتعداه إلي قوة بصيرته التي تمكنه من رؤية أشياء لا تتوفر لغيره من البشر، وكذلك السرعة الخاطفة فمن المعروف ان الفهد يتميز بسرعته العالية والفائقة التي جعلته اسرع حيوان علي وجه الأرض فبسبب مقوماته الجسدية القياسية مما يسمح له بتحقيق سرعة قصوى مذهلة تبلغ 110 كيلومترات في الساعة (70 ميلاً في الساعة) وفي الحقيقة ان هذا هو سر قوته الحقيقية.
ويضيف محمود العديسي لـ”اليوم السابع”، إن السؤال الأهم في تلك القصة:- “ما هو الرابط بين سرعة الفهد والكهنة في مصر القديمة”، موضحاً إنه يعتقد أن هذا هو أهم الاسباب قاطبة، حيث أن الكاهن كان يجب أن يكون من أهم صفاته سرعة الفهم وسرعة التلقي عن الإله الذي يوحي إليه بالأوامر الالهية – حسب العقيدة المصرية القديمة – فهو المتلقي مباشرة من الاله لكافة الاوامر والنواهي والوحي المقدس بل إن كلمة ( الوحي ) في اللغة تعني : الإعلام الخفي السريع، أي أن الإعلام والإخبار في سرعة وخفاء وعليه فيجب ان يكون الكاهن عنده من حسن وسرعة الفهم وسرعة البديهة ما يمكنه من تلقي الوحي الالهي، وعلي الجانب الاخر فان السرعة ايضا تدل علي سرعة والوصول والتواصل مع العالم السماوي عن طريق سمو روح الكاهن وسرعة التحاقها بعالم السماء والاتصال بها لتلقي الاوامر الإلهية، وكذلك سرعة استجابة الدعاء وسماع الصلوات والسمو الروحي والفكري الذي يتميز به الكهنة عن غيرهم من باقي البشر.
وأكد العديسي، إن الخلاصة ان الرابط هنا بين رمزية جلد الفهد والكاهن هو ( السرعة ) سرعة وخفة الاتصال بعالم السماء والاتصال به لتلقي الوحي والاوامر الالهية وابلاغها لباقي البشر – كالصحفى في وقتنا هذا المتمرس في عمله – فكان الكاهن هو الوسيط بين عالم السماء وعالم البشر بين عالم الروح وعالم الجسد وكلها مجموعة من الافكار الفلسفية والتأمل وهو صلب العقيدة الدينية في مصر القديمة ، هذا بالاضافة لتميز جلد الفهد بنعومة خاصة ولون جميل وجذاب، مؤكداً على أن أن أول ظهور لجلد الفهد في المناظر كان علي مقمعة الملك ( العقرب ) حيث يظهر الملك واقفا مرتديا جلد الفهد وهي موجودة حاليا في متحف ( الاشموليان ) باكسفورد في إنجلترا، ثم ظهر ايضا علي صلاية الملك ( نعرمر) الموجودة في المتحف المصري في الدور الاول حيث كان يتقدم الملك رجل ( لعله كاهن ) يرتدي جلد الفهد.
جلد الفهد Leopard كان زي تاريخي لدي القدماء

لوحات حول رداء جلد الفهد Leopard فى الحضارة القديمة

ملابس التايجر أزياء توارثها الأحفاد عن الأجداد بعد مرور آلاف السنين

موضة الفساتين التايجر أزياء توارثها الأحفاد عن الأجداد

نقوش عن ارتداء رداء بزي الفهد لدي القدماء