رنا حداد
تتسابق منصات الموضة على إبهار العيون، وفي هذا الوقت ظهرت الفنانةهايلي بيبر مؤخرًا بفستان لامع ليس فقط من حيث التصميم، بل من حيث الفكرة. قطعة واحدة جمعت بين الجرأة، الفن، والوعي البيئي، لتُعيد تعريف السؤال الأبدي: هل يمكن للجمال أن يكون مسؤولًا؟ وهل الأناقة قادرة على إحداث فرق في زمن يعاني من اختناق بيئي؟ ما ارتدته بيبر لم يكن مجرد فستان، بل رسالة من معدن ووقت.
فستان من أساور الساعات: كيف حوّلت هايلي بيبر الإبداع إلى رسالة بيئية؟
في عرض أزياء «ساينت لوران» الذي أُقيم مؤخرًا في ميامي، جذبت هايلي بيبر الأنظار بإطلالة غير تقليدية، ارتدت فيها فستانًا مكوَّنًا من حوالي 500 سوار ساعة تم تجميعها بعناية، لتصنع من القطع المعدنية المهملة تحفة فنية تلمع على جسدها وكأنها درع عصري. هذه الإطلالة لم تكن مجرّد استعراض للغرابة أو الترف، بل خطوة جريئة تضع بيبر في قلب نقاش متزايد حول دور الموضة في حماية الكوكب.
أكثر من فستان: موضة تعيد تدوير المعنى
لم يكن اختيار بيبر لهذا التصميم قرارًا عابرًا، بل يأتي في سياق أوسع من تصاعد حركة «الموضة المستدامة»، التي تدعو إلى استخدام المواد المعاد تدويرها، وتقليل النفايات، والابتعاد عن الإنتاج السريع المفرط. فستان بيبر الذي بدا كأنه ساعة ضخمة تحتفل بالزمن الضائع كان تذكيرًا بصريًا بمرور الوقت الذي أضعناه في تجاهل الأثر البيئي للموضة، وبأن اللحظة قد حانت لارتداء شيء يُحدث فرقًا.
هايلي ليست وحدها: نجوم تبنّوا الموضة الواعية
إطلالة بيبر قد تكون حديث الساعة، لكن طريق الموضة المستدامة قد شقّه من قبلها عدد من النجوم الذين اتخذوا من إطلالاتهم منصة للتعبير عن الوعي البيئي:
إيما واتسون، سفيرة الأناقة الواعية، ارتدت في Met Gala 2016 فستانًا مصنوعًا من زجاجات بلاستيكية معاد تدويرها، وخصّصت حسابًا لتوثيق كل إطلالة مستدامة خلال جولاتها الصحفية.
بيلي إيليش اشترطت على دار Oscar de la Renta التوقف عن استخدام الفراء كي ترتدي فستانها في Met Gala 2021. خطوة شكلت سابقة مهمة في ربط الموضة بالمبادئ.
جينيفر لورانس تميل إلى إعادة ارتداء قطع أرشيفية من دور الأزياء، في رسالة مفادها أن التكرار ليس عيبًا بل وعي بيئي وأخلاقي.
ميشيل أوباما اشتهرت باختيارها مصممين محليين يطبقون مبادئ الاستدامة في الإنتاج، وتروّج من خلال ذلك لتمكين المجتمعات ودعم الإنتاج المسؤول.
رسالة تتجاوز القماش: الموضة كمنبر للتغيير
ما يجمع بين هؤلاء النجوم ليس فقط عشقهم للأناقة، بل إدراكهم العميق بأن لكل اختيار بصمة. فصناعة الأزياء مسؤولة عن نحو 10% من الانبعاثات الكربونية العالمية، وتُنتج ملايين الأطنان من النفايات سنويًا، بحسب بيانات من Ellen MacArthur Foundation. وهنا يصبح للفستان الذي يُعيد استخدام المعدن أو القماش دورٌ يتجاوز الموضة: إنه موقف.
موضة تلمع بالوعي: إلى أين يتجه الذوق العالمي؟
في ظل هذا التحول، نشهد ولادة جمالية جديدة، تدمج بين الحرفية والوعي البيئي. لم تعد الموضة فقط ما نرتديه لنبدو أجمل، بل ما نختاره لنعبّر عن قيمنا. فساتين من البلاستيك المعاد، تصاميم من بقايا الساعات، وقصّات تعيد إحياء القطع القديمة كل هذا يشكل تيارًا جديدًا يزدهر في عالم كان يُنظر إليه طويلاً على أنه عدو للبيئة. وربما هذه هي المعادلة الجديدة: أن نبدو مذهلين، من دون أن ندفع كوكبنا الثمن.
جميع الحقوق محفوظة.
لا يجوز استخدام أي مادة من مواد هذا الموقع أو نسخها أو إعادة نشرها أو نقلها كليا أو جزئيا دون الحصول على إذن خطي من الناشر تحت طائلة المسائلة القانونية.