في مشهد تكلل بالرهبة والامتنان، التأم أهل الصحافة والإعلام في مزار سيدة لبنان – حريصا، أمس، بدعوة مباركة من إدارة المزار، وبرعاية الأب فادي تابت. لم يكن الحدث مجرّد لقاء إعلامي، بل كان حجًّا روحيًا عميقًا، حيث امتزجت الكلمة بالصلاة، والمهنة بالرسالة، والصوت بالإيمان.

بدأت المحطات في حديقة الصلاة، حيث التقت الأرواح في صمتٍ خاشع، ثم تابع المشاركون المسير في افتتاح درب الصليب الجديد، واحةٌ تأملية في قلب الطبيعة، تنقل الزائر من آلام المسيح إلى رجاء القيامة. ثم حطّت القلوب في كنيسة سيدة الأرز، في محطة فنية وروحية تُلامس الروح بجمالها وقداستها، وتؤكد أن الجمال حين يُولد من الإيمان، يصبح فعل عبادة.
أما ذروة الجولة، فكانت في صلاة المسبحة الوردية، التي خُتمت بجوّ من التراتيل السماوية، وسط تطواف مهيب للعذراء. لحظة التتويج لم تكن احتفالاً بل تجليًا للعظمة الإلهية، حين رُفع التاج ووُضع على رأس سيدة الأكوان، في مشهد خطف الأنفاس وأبكى العيون، وكأن السماء انحنت إجلالًا لمَلكتها.

في حضرة العذراء، خفَتَ صخب الإعلام وارتفعت الكلمة إلى مقام الرسالة. هناك، عند أقدامها، تعلّم الإعلاميون أن رسالتهم الحقيقية لا تُقاس بعدد المتابعين، بل بصدق النية ونُبل الكلمة. وأنه، حين يتقدس الإعلام، يصبح نورًا لا ضوءًا، وصلاةً لا صدى.
سيدة لبنان لم تكتفِ باستقبالهم، بل طبعت في قلوبهم عهدًا جديدًا: أن يكونوا شهودًا للحق، ورسلاً للسلام، وأصواتًا لا تنقل الخبر فقط، بل تُضيء الطريق.
