تهديد صامت في سيارتك.. كيف يمكن للموسيقى أن تعرض حياتك للخطر أثناء القيادة؟
على النقيض من الاعتقاد السائد بأن الموسيقى تعزز تركيز السائق، حذّرت دراسة علمية حديثة من أن أنواعًا معينة من الموسيقى أثناء القيادة قد تُشكّل خطرًا على السلامة، وتدفع إلى سلوكيات متهورة وخطرة على الطريق، إذ تبيّن أنّ الاستماع إلى موسيقى ذات إيقاع سريع، أو نغمات جهير بارزة، أو حتى كلمات ذات طابع عدواني أثناء قيادة السيارة يمكن أن يحفز السائقين على تبني سلوكيات قيادة تنطوي على مخاطرة أكبر.
الأغاني قد تعزز سلوكيات القيادة المحفوفة بالمخاطر
وأوضح الباحثون أنّ الأغاني التي تتجاوز سرعتها 120 نبضة في الدقيقة قد تدفع السائقين بشكل غير واعٍ إلى زيادة سرعتهم وتغيير مساراتهم المرورية بشكل متكرر، كما توصلت دراسة أجريت في عام 2003 إلى أن الألحان التي تتميز بنغمات جهير مبالغ فيها أو كلمات عدوانية يمكن أن تعزز سلوكيات القيادة المحفوفة بالمخاطر، مثل تجاوز إشارات المرور الحمراء أو التوقف المفاجئ، بل وقد تؤدي إلى تفاقم مشاعر الغضب أثناء القيادة، بحسب ما ذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
ويُعتقد أن الموسيقى ذات معدل النبضات المرتفع قادرة على تحفيز المنطقة في الدماغ المسؤولة عن معالجة الخطر، مما يؤدي إلى إثارة استجابة الهروب أو القتال، ونتيجة لذلك، يصبح السائقون أكثر ميلًا للتفاعل بشكل غريزي بدلًا من التفكير بعقلانية، وهو ما قد ينجم عنه نقص في مستوى اليقظة، وزيادة في السرعة، وتقليل الاهتمام بعوامل السلامة أثناء القيادة.
وعلى النقيض من ذلك، اكتشف باحثون في جامعة برونيل أن الاستماع إلى الموسيقى التي يتطابق معدل نبضاتها مع معدل ضربات القلب أثناء الراحة، والذي يتراوح عادة بين 60 إلى 80 نبضة في الدقيقة، يرتبط بتعزيز تجربة قيادة أكثر تركيزًا وهدوءًا، وقد كشفت الدراسة أيضًا أن المسارات الموسيقية ذات الإيقاع الأسرع يمكن أن تؤدي إلى زيادة في معدل ضربات القلب، وارتفاع في العبء العقلي، وأنماط قيادة غير متوقعة.
وأكد الأكاديميون بناءً على نتائجهم أن السائقين الذين يقودون في البيئات الحضرية ذات الازدحام المروري العالي يجب أن يكونوا حذرين بشأن استخدامهم للموسيقى ذات الإيقاع السريع، وفي محاولة لتعزيز القيادة الآمنة، قامت Spotify وشركة التأمين Allianz بتصميم أداة مبتكرة تهدف إلى تزويد السائقين بموسيقى ذات إيقاع أبطأ، إذ تستهدف هذه الأداة بشكل خاص الشباب الذين يميلون إلى الاستماع إلى الموسيقى بكميات أكبر أثناء القيادة.
أداة جديدة لقيادة أكثر أمانًا
وتعمل الأداة عن طريق إنشاء قوائم تشغيل فريدة ومخصصة لكل مستخدم بناءً على نشاط استماعه على Spotify، ويتم ذلك من خلال تحليل قوائم التشغيل الحالية للمستخدمين لفهم ذوقهم الموسيقي والإيقاع المتوسط للأغاني التي يفضلونها، وتستخدم الأداة هذه البيانات لإنشاء قائمة تشغيل آمنة تتضمن أغاني ذات إيقاع يتراوح بين 60 إلى 80 نبضة في الدقيقة.
مات كوكس، كبير مسؤولي المطالبات في شركة Allianz، يقول: «نسعى دائمًا لتحقيق الأفضل فيما يتعلق بالقيادة الآمنة، ويسعدنا أن نقدم هذه التجربة التي لا تقتصر على كونها مصممة خصيصًا لتفضيلات المستخدمين فحسب، بل ستساهم أيضًا في الحفاظ على سلامة الطرق.
وتجدر الإشارة إلى أنّ دراسة أخرى أجرتها جامعة برونيل في عام 2021 توصلت إلى أن تشغيل الأغاني الشهيرة أثناء القيادة قد يؤدي إلى إثقال العبء الذهني للسائق وجعله أكثر عرضة لارتكاب الأخطاء، وقد قام الباحثون في تلك الدراسة بوضع 34 متطوعًا بالغًا في جهاز محاكاة قيادة مصمم لمحاكاة الطرق الحضرية وطلبوا منهم اتباع مسار محدد.
وخلال كل تجربة محاكاة استمرت ثماني دقائق، واجه السائقون خمسة سيناريوهات تتطلب استجابة، شملت عبور مشاة للطريق، والالتزام بإشارات المرور الحمراء، وتجاوز شاحنة، وراقب الفريق البحثي أداء كل سائق في ظل ستة ظروف صوتية مختلفة، تضمنت ضوضاء حركة المرور في المناطق الحضرية، والاستماع إلى كلمات منطوقة، والاستماع إلى موسيقى هادئة، أو موسيقى صاخبة سواء كانت مصحوبة بكلمات أو بدونها.
وقد توصل الباحثون إلى أن سرعة السائقين وأداءهم العام لم يتأثرا بشكل كبير بنوع الموسيقى التي استمعوا إليها، ربما يعزى ذلك إلى وعي المشاركين بأنهم كانوا قيد المراقبة الدقيقة أثناء التجربة، وبالرغم من ذلك، لاحظ الباحثون أن الاستماع إلى الموسيقى الصاخبة أو تلك التي تتضمن كلمات أدى إلى ارتفاع ملحوظ في مستويات الإثارة العاطفية لدى السائقين، وذلك مقارنة بالاستماع إلى مقاطع موسيقية هادئة وغير مصحوبة بغناء.
وقد أشارت نتائج دراسات سابقة إلى أن الموسيقى الصاخبة والمصحوبة بكلمات قد تساهم في رفع مستويات التنشيط والعدوانية، وتشجيع الشعور بالثقة المفرطة، خاصة بين فئة السائقين الأصغر سنًا، وأوصى الباحثون السائقين بالتفكير مليًا في اختيار موسيقى هادئة وغير غنائية لتحسين حالتهم العاطفية أثناء القيادة في المناطق الحضرية المزدحمة.