– عون يطمح إلى إقامة سوق إقليمية مشتركة
– الرئيسان يؤكدان على رفض تهجير الفلسطينيين واحترام سيادة سورية
في زيارة حملت أجواء أخوية تدعمها علاقات «تاريخية ومتجذرة»، وطرحت خلالها ملفات سياسية شديدة الأهمية،
ناقش الرئيسان المصري عبدالفتاح السيسي، واللبناني جوزاف عون، في القاهرة، سبل تعزيز العلاقات الثنائية، لاسيما في المجالات الاقتصادية والبنية التحتية والطاقة وجهود إعادة الإعمار، إضافة إلى آليات دعم استقرار لبنان، واستعادة الأمن والسلم الإقليميين في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه المنطقة.
وقال السيسي، إن «الزيارة تحمل في طياتها رمزية خاصة، فهي تجسد متانة العلاقات التاريخية والإستراتيجية بين بلدينا، وتعكس ترابطاً يمتد عبر العصور، إذ لطالما شكلت مصر ولبنان، نموذجاً فريداً، للأخوة العربية الحقيقية، كما تأتي في مرحلة دقيقة وظرف إقليمي شديد التعقيد، لتؤكد عمق العلاقات وصلابتها، وتعكس الترابط الوثيق بين الشعبين والحكومتين».
وأكد الرئيس المصري، حرصه «على دعم جهود لبنان فى إعادة الإعمار، والاستفادة من الخبرات المصرية»، مشدداً على الموقف الثابت في دعم لبنان، سواء من حيث تحقيق الاستقرار الداخلي أو صون سيادته الكاملة، ورفضه «القاطع لانتهاكات إسرائيل المتكررة ضد الأراضي اللبنانية، واحتلال أجزاء منها».
وقال إن بلاده «تواصل مساعيها المكثفة، واتصالاتها مع الأطراف الإقليمية والدولية، لدفع إسرائيل نحو انسحاب فوري وغير مشروط، من كامل الأراضي اللبنانية، واحترام اتفاق وقف الأعمال العدائية، والتنفيذ الكامل والمتزامن، لقرار مجلس الأمن الرقم 1701 من دون انتقائية، وبما يضمن تمكين الدولة اللبنانية، من بسط سيادتها على أراضيها، وتعزيز دور الجيش في فرض نفوذه جنوب نهر الليطاني».
وشدد السيسي، على أن «مصر ستظل إلى جانب لبنان، وإلى جانبكم فخامة الرئيس، وإلى جانب الحكومة، في كل المساعي الرامية للحفاظ على استقرار لبنان وسيادته، بما يلبي تطلعات شعبه النبيل، ولنعمل معاً من أجل تعزيز علاقاتنا في المجالات كافة، ليستعيد لبنان دوره العريق، كمنارة للثقافة والتنوير في المشرق والعالم العربي».
«ذاكرة الناس»
وقال عون، من جانبه، إن «ذاكرة الناس، هي مستودع الحقيقة الأكثر صدقاً وعمقاً، وحين يقولون إن مصر أم الدنيا، وأن بيروت ست الدنيا، فهم يؤكدون للعالم أجمع إننا إخوة أشقاء، منذ أزل الدنيا وحتى أبدها… وأخوتنا هذه هي فعلاً من عمر التاريخ، وفي معبد الكرنك نقش يحكي عن جبيل، وفي قلوبنا جميعاً، نقوش عن أُخوتنا باقية لآلاف من التاريخِ الآتي».
وتابع «منذ البداية جمعتنا نوازع الحرية، وحين أُسكتت أقلام بيروت، فاضت أدبا وصحافة وسياسة، على ضفافِ النيل. ويوم حريق القاهرة، اتشحت بيروت بالسواد، وأُخوتنا العريقة هذه، أمانة بين أيدينا اليوم، لنجددها في عالمنا المعاصر، ولنبعثها حية خلاقة في منطقتنا العربية الراهنة… لذلك دعوت وأكرر ضرورة قيام نظام المصلحة العربية المشتركة».
وأضاف «إننا نحلمُ ونطمح إلى إقامة سوق إقليمية مشتركة، نبدأُها بخطوة واحدة فقط بين بلدين اثنين لا غير، ثم نتوسّع بها عبر القطاعات والجغرافيا، حتى نحقق خير بلداننا وشعوبِنا كافة. وطموح كهذا يحتاج إلى استقرارٍ في منطقتنا، والاستقرار الثابت، لا يقوم إلا على سلامٍ دائم. والسلام الدائم، لا يبنى إلا على العدالة، والعدالة لها تعريف واحد وحيد، ألا وهو إعطاءُ كلِ الحقوق، لكلِ أصحابها».
وتابع «وهذا ما أقرته الدول العربية في مبادرة بيروت للسلام سنة 2002، وهذا ما نتطلع إلى تجسيدِه في أقرب وقت، وبهذا السلام بالذات، نشهد قيام دولة فلسطين السيدة المستقلة، ونكافح التطرف والإرهاب والفقر والجوع وأفكار الإلغاء وأهواء الإقصاء».
وأكد عون «أن لبنان، كل لبنان، لا يمكنُه أن يكون خارج معادلة كهذه. ولا مصلحة لأي لبناني، ولا لأي بلد وشعب في منطقتنا، في أن يستثني نفسه من مسار سلام شامل عادل».
وشدد الرئيس اللبناني «ضرورة وقف الأعمالِ العدائيّة التي تقوم بها إِسرائيل، والعودةِ إلى أحكام اتفاقية الهدنة للعام 1949، بما يضمن عودةَ الاسْتقرار والأمن إلى الجنوب اللبناني والمنطقَة ككل، كما نؤكد أن لبنان يحرص على قيام أفضل العلاقات مع الجارة سورِيا، وعلى أهمية التنسيق والتعاون لمواجهة التحديات المشتركة».
تطورات غزة
كما تطرقت المحادثات، إلى تطورات الأوضاع في قطاع غزة، وأكد السيسي، «ضرورة إنهاء العدوان فوراً، واستئناف العمل باتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق كل الرهائن والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية، بشكل عاجل لتلبية الاحتياجات الملحة، للمدنيين الأبرياء في غزة». وجدد الرئيسان، التأكيد على موقف البلدين «الراسخ والداعم للقضية الفلسطينية، مع رفض أي محاولات تهجير للفلسطينيين، أو تصفية قضيتهم العادلة، وندعو المجتمع الدولي إلى حشد الجهود الدولية والموارد لتنفيذ خطة إعادة إعمار غزة من دون تهجير أهلها، وتمكين السلطة الفلسطينية من العودة إلى القطاع، والعمل على توسيع الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كون هذا المسار هو الضامن الوحيد، للتوصل إلى السلام الدائم والاستقرار في المنطقة».
دعم سوريا
كما جدد الرئيسان «الدعم الكامل للشعب السوري، وضرورة أن تكون العملية السياسية في الفترة الانتقالية، شاملة وغير إقصائية، مع استمرار جهود مكافحة الإرهاب، ورفض أي مظاهر للطائفية أو التقسيم»، وشدد على «إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على السيادة السورية، و ضرورة الانسحاب من الأراضي المحتلة، واحترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها».