في ختام موسم طويل، فاز الهلال على القادسية بهدفين نظيفين، ليُنهي موسمه في المركز الثاني بالدوري السعودي للمحترفين، ضامناً بذلك مقعداً في دوري أبطال آسيا للنخبة. ورغم هذا الختام المريح، فإن طعم الموسم ظل ناقصاً؛ فالهلال، الفريق الذي اعتاد اللعب من أجل الذهب، أنهى عاماً آخر بلا بطولات كبرى، مكتفياً بلقب السوبر السعودي فقط، في حصيلة لا توازي حجم التوقعات ولا مستوى الطموح.
الخيبة لم تكن في فقدان اللقب المحلي فقط، بل في شكل التراجع في المحطات التي يصنع فيها المجد. الهلال خرج من ربع نهائي كأس الملك على يد الاتحاد، ثم ودع دوري أبطال آسيا من نصف النهائي أمام الأهلي، لتكون النتيجة الطبيعية إقالة المدرب البرتغالي خورخي خيسوس، وإنهاء فترته الثانية مع النادي وسط كثير من علامات الاستفهام.
ورغم أن الهلال حل ثانياً، فإن خط هجومه قدّم أرقاماً خارقة. الفريق سجل 95 هدفاً في الدوري، كأقوى هجوم في المسابقة، بل حافظ على سجل استثنائي بالتسجيل في 70 مباراة متتالية بالدوري، سلسلة بدأت منذ سنوات ولم تنكسر هذا الموسم.
ليس ذلك فحسب، بل أنهى الهلال الدوري بانتصار جديد، هو التاسع على التوالي له في الجولة الختامية منذ موسم 2016. آخر مرة فشل فيها الفريق في الفوز بالجولة الأخيرة كانت في موسم 2015 – 2016 حين تعادل سلبياً. لكن أمام هذه الأرقام الهجومية اللافتة، يتبدى سؤال جوهري: ما قيمة الأهداف حين لا تُترجم بطولات كبرى؟ الهلال سجل كثيراً، نعم، لكن الخزائن لم تمتلئ.
من بين كل الأسماء، كان سالم الدوسري هو العنوان الأبرز. النجم الدولي قدم أفضل مواسمه على الإطلاق، إذ ساهم في 44 هدفاً خلال الموسم، بواقع 26 هدفاً و18 تمريرة حاسمة. وفي الدوري وحده، صنع 15 هدفاً، ليعادل الرقم القياسي المُسجل باسم كاكو كأكثر لاعب صناعةً للأهداف في موسم واحد.
لكن كل هذا العطاء لم يُتوج ببطولة كبيرة، مما يُعيد إلى الواجهة المعضلة الأزلية: كيف يمكن للاعب أن يكون نجم الموسم… بينما فريقه يخرج من سباق البطولات؟ اللاعب الصربي سيرجي ميلينكوفيتش – سافيتش قدّم بدوره موسماً تصاعدياً على صعيد الحسم، وسجل 12 هدفاً في الدوري، متجاوزاً رقمه في الموسم الماضي الذي كان 11 هدفاً. رقم لا يبدو كبيراً في ظاهره، لكنه مهم بالنسبة للاعب وسط، ما يعكس قدرة سافيتش على صنع الفارق من خارج منطقة الجزاء، في وقت افتقد فيه الهلال صانع لعب فعلياً في بعض الفترات.
الرقم الصعب الآخر كان المهاجم الصربي ألكسندر ميتروفيتش، الذي رغم معاناته من الإصابة، لم يتوقف عن تسجيل الأهداف. منذ انضمامه في صيف 2023، خاض 79 مباراة مع الهلال في جميع البطولات، سجل خلالها 68 هدفاً، وصنع 15. موسم ثانٍ على التوالي يواصل فيه التألق… لكن أيضاً بلا تتويج كبير.
بعد إقالة خيسوس، جاء محمد الشلهوب مدرباً مؤقتاً. قاد الفريق في 5 مباريات، فاز في 4، وتعادل في واحدة، وسجل الفريق 16 هدفاً واستقبل 7 تحت قيادته. تجربة مؤقتة لكنها ناجحة بالأرقام. ورغم شكره لإدارة النادي على الثقة، فإن الشلهوب كان واضحاً بقوله: «لن أقبل في المستقبل أن أكون مدرباً مؤقتاً فقط. طموحي أن أكون مدرباً محترفاً».
تصريح يُظهر أن الهلال لا يعاني فقط من أزمة في التتويج، بل ربما في وضوح الرؤية الفنية.
الهلال أنهى الموسم الماضي بتسجيل 101 هدف، رقم قياسي في تاريخ الدوري. هذا الموسم، سجل 95 هدفاً، ما يُثبت استمرارية النهج الهجومي. لكن تكرار السيناريو يثير القلق: أهداف كثيرة، جماهيرية حاضرة، ونجوم متألقون… لكن البطولات تذهب للغير.
لا يمكن قراءة موسم الهلال من دون التوقف أمام المفارقة الكبرى: الفريق سجل أكثر من أي نادٍ، يملك أسماء محلية ودولية من العيار الثقيل، ويُقدّم عروضاً هجومية ساحرة، لكنه فشل في التتويج بأي من البطولات الثلاث الأهم (الدوري، الكأس، آسيا).
هذه المفارقة لم تكن صدفة. هناك شيء ما غائب. ربما في التهيئة الذهنية، أو في الإدارة الفنية، أو في الثبات الدفاعي، أو حتى في شخصية الفريق خلال المباريات الكبرى.
الهلال لم يكن سيئاً، بل كان مخيفاً هجومياً. لكنه لم يكن بطلاً. وهذا هو الفارق بين أن تُمتع الجماهير… وأن تُسعدها.
أمام إدارة الهلال صيف حاسم. الأرقام تقول إن الفريق قوي، لكن الجوائز تقول غير ذلك. وبين هذين الصوتين، سيُحسم مستقبل موسم 2025-2026.