في خضم الاستعدادات المكثفة لامتحانات نهاية العام، يتسابق التلاميذ لحفظ واستيعاب الكم الهائل من المعلومات، فبينما ينصب التركيز غالبا على ساعات الدراسة والمراجعة، يغفل الكثيرون عن دور حاسم لا يقل أهمية، ألا وهو التغذية السليمة والمتوازنة.
ومن هذا المنطلق يشدد خبراء التغذية على أن ما يتناوله الطالب خلال هذه الفترة يؤثر بشكل مباشر على قدراته الذهنية والبدنية، ليصبح الغذاء بمثابة الوقود الذي يدعم رحلة التفوق.
حول الموضوع، تؤكد الدكتورة صبرينة غجاتي حرم زروال، الطبيبة المختصة في التغذية العلاجية، على الأهمية الجوهرية للتغذية في هذه المرحلة الحرجة. وتشرح قائلة: “التغذية التي تمد الجسم بالعناصر الدقيقة كالفيتامينات والمعادن والماء، تلعب دورا محوريا في بناء الغشاء الخلوي، النواقل العصبية، وكافة التفاعلات الكيميائية في الجسم. وبالتالي، فإن تأثيرها مباشر على أداء المخ ومردود التلاميذ الدراسي من حيث الفهم، التركيز، تخزين واسترجاع المعلومات، سرعة التحليل والربط والتفكير المنطقي.”
وتضيف الدكتورة غجاتي أن التغذية السليمة تساهم أيضا في تزويد الجسم بالطاقة اللازمة للمراجعة والحفظ والأداء، والحد من الإجهاد والتعب والضغط والتوتر المصاحبين لفترة الامتحانات.
وتؤكد المختصة أن دور العائلة محوري في تهيئة المناخ الغذائي والنفسي، لا يقتصر الأمر، حسبها، على نوعية الطعام فحسب، بل يمتد ليشمل دور العائلة في توفير بيئة داعمة للتلميذ.
فالتغذية السليمة، كما قالت، وخاصة تعويض أي نقص في الفيتامينات والمعادن، تهدف إلى تصحيح حالات فقر الدم ونقص الفيتامينات التي تؤثر سلبا على التحصيل الدراسي وتزيد من حدة التوتر، وقد تستدعي بعض الحالات اللجوء إلى التغذية العلاجية والمكملات الغذائية المناسبة تحت إشراف طبي.
وتقدم الدكتورة غجاتي مجموعة من النصائح الغذائية البسيطة والفعالة التي يمكن للأولياء تطبيقها لضمان تغذية مثالية لأبنائهم خلال فترة الامتحانات، كالتخطيط المسبق للوجبات إذ يجب على الأولياء تحضير وتخطيط وجبات التلاميذ مسبقا لضمان حصولهم على غذاء صحي ومتوازن، قبل وأثناء الامتحانات.
وفي هذا السياق تعد وجبة الفطور أساسية، بعد ساعات الصيام الطويلة ليلا، فلا ينبغي، حسب المختصة، إهماله، إذ يجب أن ترتكز على الخبز الكامل الغني بالبذور، الشوفان، البيض، المكسرات، والفواكه الطازجة خاصة الموز والتمر والفواكه الجافة على غرار “الزبيب، البرقوق، المشمش المجفف”، أو حتى عصائر السموذي المغذية.
وأكدت الدكتورة غجاتي أن لمجة الصباح المنشطة جد مفيدة وسهلة التناول، ويمكن أن تتكون من قطعة من الشوكولاتة السوداء الغنية بالكاكاو أو الفواكه الطازجة والمجففة مع حفنة من المكسرات كالجوز واللوز وغيرها.
وحرص المختصة على أن يكون الغداء خفيفا ومتوازنا لتجنب تشتيت الطاقة في عملية الهضم، حيث يجب أن يشتمل على النشويات “خبز كامل، أرز، بطاطا غير مقلية”، البروتينات “لحوم بيضاء، سمك، بيض مع تفادي اللحوم الحمراء”، والدهون الصحية.
وقالت الدكتورة أن الألياف ضرورية، إذ يجب تضمين السلطات الغنية بالخضروات الورقية كالبسباس والمرشوشة بالبذور الصحية لضمان الحصول على الألياف اللازمة.
أما لمجة المساء “المغذية” فقد اعتبرتها المختصة مهمة كوجبة تحضيرية لفترة الليل، ويمكن أن تتكون من الخبز الكامل، الجبن، الشوكولاتة السوداء، المكسرات والفواكه.
وتشدد الدكتورة غجاتي على تناول عشاء غني بالطاقة، على عكس باقي الأيام، حيث يجب أن يكون العشاء غنيا بالنشويات لتزويد الجسم بالطاقة اللازمة خلال الليل، بالإضافة إلى البروتينات والدهون الحميدة سهلة الهضم، كما يُنصح بتفادي الفاكهة الغنية بفيتامين “سي” في وجبة العشاء.
وتنصح الدكتورة بتناول منقوعات مهدئة ليلا كالبابونج وإكليل الجبل، وتجنب المنبهات كالكافيين ومشروبات الطاقة التي قد تؤثر على جودة النوم.
وعن المكملات الغذائية، شرحت ذات المتحدثة أنه يجب التعامل معها بحذر، فقد تكون بعض المكملات الغذائية مفيدة للذاكرة والتركيز والغنية بالمغنيسيوم وفيتامين ب 6 “مثل أقراص الخميرة”، ولكن يجب استشارة طبيب التغذية قبل تناولها.
وبالإضافة إلى التغذية، تنصح الدكتورة بالمشي في الهواء الطلق ولو لبضع دقائق، والحصول على قسط كاف من النوم “على الأقل من العاشرة ليلا إلى الرابعة صباحا”، لتخزين المعلومات بشكل فعال وتجنب الإرهاق في اليوم التالي.
وطالبت المختصة الأولياء بتوفير بيئة غذائية صحية وداعمة لأبنائهم خلال فترة الامتحانات، كونه استثمار حقيقي في مستقبلهم، من خلال التخطيط الجيد للوجبات، وتوفير الأطعمة المغذية، وتشجيعهم على اتباع نمط حياة صحي، ما يمنحهم السلاح الأمثل لمواجهة تحديات الامتحانات بثقة ونجاح.