عبدالرحيم عبدالباري
“الشائعات تحت المجهر: صحة قنا تكشف الحقيقة الكاملة عن حالة ولادة متعسره مصابة بنقص المناعة”
في زمن باتت فيه الشائعات تنتشر كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يبقى لزامًا على الجهات المعنية أن تقف موقفًا واضحًا لإجلاء الحقائق أمام الرأي العام، وفي هذا الإطار، خرجت مديرية الشؤون الصحية بمحافظة قنا عن صمتها، لترد بشكل رسمي وقاطع على المزاعم التي أُثيرت حول حالة “ولاده قيصريه”، السيدة التي خضعت لعملية ولادة متعسرة في مستشفى قنا العام، وهي ضمن برنامج الرعاية للمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية. الرد جاء حاسمًا، مدعومًا بالحقائق والتقارير الفنية، ليضع الأمور في نصابها الصحيح ويبدد السحابة السوداء التي حاولت بعض الأصوات نشرها.
اكد مصدر طبي بقنا، مديريه الشئون الصحية بقنا دحضت في بيان لها ما تم تداوله من شائعات حول تقصير طبي أو إهمال في التعامل مع حالة “الولاده”، المصابة بفيروس نقص المناعة، والتي شهدت ولادة قيصرية طارئة داخل مستشفى قنا العام، وأوضحت المديرية أن كل ما تردد على بعض صفحات التواصل الاجتماعي لا يمت للحقيقة بصلة، بل يشكل نوعًا من التضليل الذي قد يثير الذعر بين المواطنين ويسيء لمنظومة الصحة العامة. وقد شددت المديرية على أهمية الرجوع للمصادر الرسمية قبل تداول أي معلومات تتعلق بالصحة أو الحياة العامة.
وأشار إلى أن عملية الولادة القيصرية التي أجريت للسيدة تم تنفيذها بأقصى درجات الحذر والالتزام المهني، حيث تم تطبيق البروتوكولات الوقائية الصادرة عن وزارة الصحة بكل دقة. شملت الإجراءات تعقيم غرفة العمليات، واستخدام أدوات طبية خاصة، وارتداء الطاقم الطبي للملابس الوقائية الكاملة، وذلك حرصًا على عدم انتقال العدوى سواء للطاقم المعالج، كما تم عزل الحالة فور دخولها، لضمان عدم تداخلها مع أي حالات أخرى داخل المستشفى، ما يعكس مستوى الانضباط والإدارة المهنية في مثل هذه الحالات الحساسة.
من أجل توثيق الموقف وتأكيد دقة الإجراءات، قامت وزارة الصحة بتشكيل لجنة فنية متخصصة لمراجعة كافة تفاصيل الحالة، وتلخص تقرير اللجنة، بعد مراجعة دقيقة للتقارير الطبية، إلى أن الطاقم الطبي تعامل مع الحالة بأعلى درجات المهنية، وأن جميع الخطوات التي اتخذت، منذ دخول المريضة وحتى إجراء العملية، جاءت وفق المعايير الطبية العالمية، هذا التأكيد الرسمي لم يكتف فقط بطمأنة الرأي العام، بل جاء أيضًا ردًا على محاولات التشكيك التي رافقت الحادثة، وقطع الطريق أمام أي ادعاءات أو تأويلات مغرضة.
في بيانها، لم تغفل محافظة قنا الإشارة إلى الدور المحوري للإعلام في تشكيل الوعي المجتمعي، حيث دعت وسائل الإعلام المحلية والوطنية إلى تحري الدقة، والاعتماد على البيانات الرسمية في تناول القضايا الصحية، وأكدت المحافظة أن نشر أخبار غير موثقة لا يُسبب فقط حالة من البلبلة، بل قد يضر بالمرضى نفسيًا، ويضعف الثقة بين المواطن والمنظومة الصحية. كما شددت على ضرورة احترام الخصوصية الإنسانية للحالات الطبية، وعدم استغلال الظروف المرضية للبحث عن الإثارة أو المكاسب الإعلامية.
واختتمت مديرية الشؤون الصحية في قنا بتجديد التزامها الثابت بتقديم رعاية صحية متكاملة وآمنة لكافة المواطنين، بمن فيهم المصابون بالأمراض المزمنة أو الفيروسية، وأكدت أن مستشفياتها تعمل وفق منظومة دقيقة تضع سلامة المريض والطواقم الطبية على رأس الأولويات، كما شددت على أنها ستواصل تطبيق البروتوكولات الصحية بكل صرامة، ومراقبة أي محاولات للإساءة إلى منظومة الصحة العامة أو إثارة الشائعات دون وجه حق، مؤكدة أن الحقائق ستظل دومًا أقوى من التشويه، وأن الثقة بين المواطن والدولة لا تهتز أمام حملات التشكيك غير المسؤولة.
في زمن تكثر فيه الألسنة وتختلط فيه الحقيقة بالزيف، تبقى البيانات الرسمية والشفافية في الطرح هما خط الدفاع الأول في مواجهة الشائعات. وما حدث في مستشفى قنا العام بشأن حالة “الولاده المتعسره” هو نموذج يُحتذى به في كيفية التعامل مع الحالات الصحية الحرجة، والتصدي للهجمات الإعلامية المغرضة، ولعل ما أكدت عليه مديرية الصحة بقنا، من التزام بالمعايير الطبية والدعوة لتحري الدقة، هو ما نحتاج إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى لنحافظ على نسيج الثقة المتين بين المواطن والمؤسسات الصحية الوطنية.