يحاول الفنان التشكيلي والموسيقي بشار جمال خريس خلال عمله كمحاضر في الجامعة الألمانية الأردنية ومعلم في المدارس الدولية وناشط مجتمعي في مجالات الفنون والتطوع، أن يجعل من الفن مساحة آمنة للحوار ووسيلة للتمكين والتعبير، ومنصة لاحتضان التنوع والاختلاف، لأنه يؤمن بأن الفنان لا يقاس فقط بما ينتجه من أعمال، بل بما يتركه من أثر.اضافة اعلان
وعليه، أسس خريس العديد من المبادرات الثقافية والفنية التي تستند إلى مبدأ أن الفن ليس فقط وسيلة للتعبير، بل أداة للتغيير والشفاء والتواصل الإنساني، خاصة وأنه نشأ في بيئة تحفز الإبداع، ووجد من الموسيقا الإيقاعية والفنون البصرية لغة خاصة به، ما أدى ذلك إلى إعادة تشكيل علاقته مع الذات والآخر والمجتمع.
ويحمل خريس درجة الماجستير في الفنون التشكيلية اختصاص فن الفيديو المعاصر من جامعة اليرموك، إلى جانب دبلوم مهني في العلاج بالفن والموسيقا، الذي ساعدته في الغوص بالأبعاد النفسية والإنسانية للفن، وتعزيز تجربته التربوية والتعليمية والمجتمعية، حسب ما قال في حديثه لـ”الغد”، على مدار أكثر من 13 عاما، تنقلت بين المؤسسات التعليمية، المراكز الثقافية، والمبادرات المجتمعية، داخل الأردن وخارجه، حيث كنت دائما أبحث عن نقاط الالتقاء بين الفن والتعليم والتنمية.
ويضيف، أسست فرقة “درم جام” العام 2009، ومشروع “إيقاع بلا حدود” الذي توسع ليصل اليوم إلى أكثر من 12 فرعا في مختلف المحافظات الأردنية. كما قدمت ورشات فنية وعروضا إيقاعية في دول عدة، منها الولايات المتحدة، ألمانيا، الهند، فرنسا، رومانيا، بلجيكا، الصين، وقبرص.
ويتحدث خريس عن رحلته الفنية، “منذ لحظاتي الأولى في عالم الفن، لم أتعامل مع الفنون كترف بصري أو سمعي، بل كمفاتيح لفهم الذات، وتحفيز الخيال، وكجسور حقيقية للتواصل مع الآخر. مسيرتي التي امتدت على مدى أكثر من ثلاثة عشر عاما، كانت وما تزال مزيجا حيا بين الفن البصري المعاصر والموسيقا الإيقاعية، بين العمل الأكاديمي والانخراط المجتمعي، وبين الحلم بالتغيير والمساهمة الفعلية فيه. هذا التناغم بين الفنون والناس، بين النظرية والممارسة، هو ما شكل جوهر تجربتي الفنية والتعليمية”.
ويضيف، أثناء دراستي في برنامج الماجستير في الفنون التشكيلية بجامعة اليرموك، انطلقت في بحث أكاديمي حمل عنوان “أسس فن الفيديو وأشكاله ومضامينه في الفن الغربي المعاصر”، هذا البحث لم يكن فقط توثيقا لتاريخ شكل فني، بل نافذة لفهم كيف يمكن للصورة المتحركة أن تصبح مساحة تأمل، منصة احتجاج، أو أداة شعرية لإعادة صياغة الواقع.
ويكمل، من خلال هذا البحث، تناولت أعمال فنانين مؤسسين أمثال نام جون بايك وبيل فيولا، ودرست كيف استخدموا التداخل بين الصورة، الصوت، الزمن، والحركة لإنتاج تجارب بصرية تتجاوز الحواس الخمس. هذا الفهم العميق لفن الفيديو أثر في تجربتي الفنية، وخصوصا عندما بدأت في ربط الفن البصري بالموسيقا، وجعلتهما لغتين متكاملتين تعبران عن مفاهيم المجتمع، الهوية، والذاكرة المعاصرة.
ويرى خريس أن المشهد الفني في الأردن يشهد حراكا متزايدا، إلا أنه يواجه تحديات واضحة تتعلق بندرة المساحات الحرة، وقلة الدعم المؤسسي، وضعف ثقافة التوثيق، وتهميش الفئات الأقل حظا في الإنتاج الفني. ومن خلال تجربته، لاحظ كيف يغيب الصوت الفني الحقيقي في الأحياء المهمشة، وبين فئات المجتمع التي لا تجد طريقا للوصول إلى منصات العرض.
ويؤكد أنه من خلال مشاريعه، أراد أن يكون جسرا بين الفن وهذه الفئات، إذ إنه قام بتصميم ورشات تفاعلية في المخيمات، المراكز الثقافية، والأماكن العامة، ليؤكد أن الفن لا يخلق في صالات العرض، بل في الشوارع، في القرى، وفي المدارس الحكومية.
كما أنه قام بتطوير محتوى يعتمد على القضايا اليومية مثل: العنف، الإقصاء، الهوية، والانتماء، وجعل من العروض الموسيقية والمرئية مساحة حوار حية بين الناس.
في العام 2009، أسس فرقة “درم جام”، كمبادرة بسيطة لنشر الإيقاع كفن جماعي وتفاعلي. لكن الفكرة تطورت إلى حركة موسيقية مجتمعية واسعة، خاصة بعد إنشاء مشروع “إيقاع بلا حدود” بدعم من مؤسسة عبد الحميد شومان، الذي هدف من خلاله إلى نشر الثقافة الموسيقية بين الأطفال والشباب في المحافظات الأردنية، وفق ما قال “اليوم، وصل المشروع إلى أكثر من 12 فرعا من فروع مركز زها الثقافي في مختلف المحافظات، حيث يتم تدريب الأطفال واليافعين على الإيقاع الجماعي باستخدام أدوات موسيقية معاد تدويرها”.
تجاوز المشروع الجانب الموسيقي ليصبح وسيلة لبناء الانتماء، الثقة بالنفس، والقدرة على التعبير دون كلام. “ركزت في هذا المشروع على مبدأ “التعليم بالأقران”، حيث يدرب الطلاب بعضهم بعضا، مما يعزز حس القيادة والعمل الجماعي”. وفق خريس.
ومع اتساع تجربة خريس في العمل مع الأطفال، اللاجئين، وذوي الإعاقة، شعر أنه يتوجب عليه أن يعمق فهمه في العلاقة ما بين الفن والعلاج. إذ التحق بدراسة دبلوم مهني في العلاج بالفنون والموسيقا، لفتح آفاق جديدة في فهم تأثير الفنون على الجهاز العصبي، السلوك، والحالة النفسية، مشيرا إلى أنه من خلال هذه الدراسة، طور جلسات علاجية مبنية على الإيقاعات الكونية، التعبير الحركي، واستخدام الألوان والأصوات لمساعدة الأفراد على التعبير عن مشاعرهم، والتعامل مع الصدمات، خاصة في المناطق التي تعاني من غياب خدمات الدعم النفسي.
وساعده هذا التخصص على تعزيز دوره كقائد تربوي وموجه نفسي، ليس فقط في الجلسات، بل أيضا كأستاذ جامعي ومدرب متدربين في مراكز ثقافية، مما منحه مسؤولية أكبر في نقل هذا الوعي للأجيال القادمة.
وشارك خريس في برامج فنية وثقافية في أكثر من عشر دول، منها: أميركا، الهند، فرنسا، بلجيكا، الصين، رومانيا، ألمانيا، تركيا وقبرص. في كل مرة، كان يحمل حقيبته المليئة بالإيقاعات وأدوات التصوير، ويقدم عروضا وورشات تعكس هوية فنية عربية معاصرة، منفتحة على العالم من دون أن تفقد جذورها.
ورأى خريس، أن عمله أستاذا جامعيا في الجامعة الألمانية الأردنية، ومدرسا في مدارس دولية على النظام البريطاني
وIB، منحه فرصة لترجمة كل هذه التجارب إلى مناهج تعليمية حديثة. “قمت بتصميم وتدريس مواد مثل “Composing Techniques” و”Audio Techniques”، ودمجت فيها مفاهيم الفن البصري، الإيقاع، والتكنولوجية”. واختتم حديثه قائلا “أعتبر نفسي مربيا بالفن لا أدرس فقط تقنيات أو مهارات، بل أنقل فلسفة في الحياة. من خلال جلسات التعليم، أحاول أن أزرع في طلابي روح القيادة، الإبداع، والتفكير النقدي، وأحرضهم على ربط الفن بحياتهم، بمشاكلهم، وبأحلامهم.
- خبر مصر | رياضة عالمية / تشيلسى يتوج بلقب كأس العالم للأندية على حساب باريس سان جيرمان بثلاثية.. صور
- سينر «رجل عادي» بموهبة خارقة
- «عام المجتمع».. تلاحم مجتمعي وترابط أسري وإطلاق الطاقات لبناء مجتمع أكثر شمولاً واستدامة
- السيّد جالت في النبطية: سنكثف ونفعّل برامجنا لتطال الناس المحتاجة
- مدبولي: ندعم أي شراكة وجهد مشترك لتنفيذ مشروعات بالتعاون بين الدولة والمجتمع المدني
- خبر مصر | رياضة محلية / بطل كأس العالم يستحوذ على الأرقام الرائعة في مونديال الأندية
- إسرائيل تحول الضفة لـ”معازل” وتسعى لاحتلال المنطقة “ج” بالكامل
- لماذا أصابت إنجلترا بتدمير ويلز في يورو 2025 للسيدات؟