تعدّ مواجهة ريال مدريد والهلال الأربعاء المقبل على ملعب «هارد روك» في ميامي، نقطة انطلاق نموذجية لبطولة كأس العالم للأندية بنظامها الموسّع. مواجهة بين أكثر الأندية تتويجاً بدوري أبطال أوروبا (15 لقباً) وأكثر الفرق الآسيوية فوزاً بدوري أبطال آسيا (4 ألقاب)، على مسرح عالمي بطموحات دولية، وفقاً لما ذكرته شبكة The Athletic.
لكن يصعب تجاهل الشعور بأن كلمة «الأفضل» لا تنطبق تماماً على هذه القمة، لا سيما أن ريال مدريد لا يزال في طور البحث عن هوية جديدة تحت قيادة مدربه الجديد تشابي ألونسو، بعد موسم مخيب على الصعيدين المحلي والأوروبي، هو الأول في حقبة كيليان مبابي. أما الهلال، فيدخل البطولة تحت إدارة فنية جديدة، وسط رغبة ملحّة في استعادة المكانة القارية التي تراجعت.
قد يكون سيموني إنزاغي تمنى بداية أقل صعوبة، لكنه كان مدركاً تماماً لما ينتظره حين وافق على الرحيل عن إنتر ميلان والانضمام إلى الهلال، بعد خسارة تاريخية أمام باريس سان جيرمان في نهائي دوري أبطال أوروبا الشهر الماضي بنتيجة 5-0.
العرض الهلالي كان قد وصل إليه قبل تلك المواجهة، بعقد لمدة عامين وراتب سنوي ضخم يُقدّر بنحو 26 مليون يورو (29.9 مليون دولار). الهزيمة القاسية أمام باريس ربما جعلت قرار المغادرة أكثر سهولة. ووصفت وكالة «بي آند بي» لإدارة الرياضة، التي يديرها فيديريكو باستوريلو وتمثّل إنزاغي، هذه الصفقة بأنها «أكبر انتقال لمدرب في تاريخ كرة القدم».
وقال باستوريلو: «منذ الاتصال الأول، كنا ندرك حجم العرض وما يعنيه لمسيرة سيموني. كان دورنا أن نضمن له أفضل الظروف مهنياً ورياضياً ومالياً لاتخاذ القرار الأنسب، ونحن فخورون بقيادة هذه العملية».
الهلال قدّم إنزاغي عبر حساباته الرسمية بلقب «العبقري الإيطالي»، ونشر صورته وهو يُقدّم له الشاي ويضع شعار النادي على سترته الأنيقة داخل أجواء فخمة. ويُعد تعاقده علامة فارقة، ليس فقط للنادي، بل للدوري السعودي ككل، حيث يُعد إنزاغي أحد أكثر المدربين إنجازاً ممن عملوا في الكرة السعودية، وربما في قمة مسيرته المهنية.
وقد ورث المدرب الإيطالي فريقاً يضم أسماء معروفة لجماهير الكرة الأوروبية مثل خاليدو كوليبالي، روبن نيفيز، ألكسندر ميتروفيتش، جواو كانسيلو، ياسين بونو، سيرجي ميلينكوفيتش-سافيتش، الذي سبق أن درّبه إنزاغي في لاتسيو.
لكن مع اقتراب مواجهة النجوم المدريديين، من اللافت أن المدرب الجديد للهلال هو أبرز نجوم الفريق حالياً.
فمنذ مغادرة نيمار، الذي أنهى عقده بالتراضي في يناير الماضي بعد فترة كارثية لم تتجاوز 17 شهراً – لعب خلالها 7 مباريات فقط بسبب إصابات متكررة – والهلال يبحث عن نجم عالمي. وقد ظفر بلقب الدوري السعودي في 2023-2024 دون مساعدته، متقدماً بفارق 14 نقطة عن النصر بقيادة رونالدو، مسجلاً 101 هدف في 34 مباراة.
لكن لقب دوري أبطال آسيا ظلّ عصياً منذ 2021، وهو ما أعاد تسليط الضوء على غياب «الاسم الكبير».

بعد رحيل نيمار، كان الهلال الوجهة السعودية المنطقية لمحمد صلاح، لكن توقيع النجم المصري على تمديد عقده مع ليفربول حتى 2026 أجهض الخطة الأولى. بعدها بدأت تحركات سريعة في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) لاستقطاب نجم من العيار الثقيل.
كان القائد البرتغالي برونو فيرنانديز أحد أبرز المستهدفين، وعُرض عليه عقد لأربع سنوات بقيمة 25 مليون يورو سنوياً، أي ثلاثة أضعاف راتبه الحالي، لكنه اختار البقاء في مانشستر يونايتد، مفضّلاً «اللعب في أعلى المستويات والمنافسة في البطولات الكبرى»، وهو ما اعتُبر رسالة محرجة للهلال.
كما فشل النادي في ضم فيكتور أوسيمين، الذي أمضى الموسم معاراً إلى غلطة سراي، إلى جانب تعثّر المفاوضات مع داروين نونيز وثيو هيرنانديز. حتى المحاولة المفاجئة في آخر أيام فترة الانتقالات القصيرة، لاستعارة نغولو كانتي من الاتحاد، لم تكلّل بالنجاح.
أما الشائعات عن استقدام كريستيانو رونالدو من النصر، فقد بدت بلا أساس، وأوضح الرئيس التنفيذي للهلال إستيفي كالزادا قائلاً: «نحترم رونالدو، لكنه نجم الغريم التقليدي، وجلبه ولو لأسابيع يتعارض تماماً مع منطق التنافس».

كالزادا أضاف في حديثه لقناة «بي بي سي سبورت»: «نعم، نحن نادٍ سعودي، لكن لا نطبع النقود! نحن طموحون، لكن لا بد من وجود شغف حقيقي من اللاعب نفسه، والصفقة يجب أن تكون منطقية للطرفين».
وفي ظل ضيق الوقت وصعوبة استقطاب الأسماء الكبرى خلال راحة الصيف، بقي لإنزاغي التشكيلة الأساسية نفسها التي خيّبت الآمال في دوري الأبطال وحرمت المدرب السابق خورخي خيسوس من منصبه.

التحدي المباشر يتمثل في الشكل التكتيكي الذي سيعتمد عليه أمام ريال مدريد. فقد اعتاد الهلال على اللعب بأسلوب 4-3-3 تحت قيادة خيسوس، مستفيداً من سرعة الجناحين مالكوم وسالم الدوسري. أما إنزاغي فبنى نجاحاته في إنتر على مرونة 3-5-2، ما قد يتطلب وقتاً للتأقلم، وهو ما قد يستغله ريال مدريد مبكراً.
لكن المجموعة التي تضم أيضاً باتشوكا المكسيكي وريد بول سالزبورغ النمساوي تمنح الهلال فرصة واقعية لبلوغ دور الـ16. وفي غياب نجم عالمي على أرض الملعب، سيكون الأمل معقوداً على المدرب الجديد «العبقري» لصناعة الفارق.