في عالم تتسارع فيه وتيرة الموضة وتُختزل التصاميم أحياناً إلى مجرد صيحات عابرة، يبرز اسم حسين بظاظا كصوتٍ مختلف، يحمل في كل مجموعة حكاية، وفي كل قطعة ملامح بطلة متخيّلة، تنبض بالقوة والهشاشة معاً. منذ انطلاقة علامته، رسم بظاظا لنفسه خطاً تصميمياً فريداً يمزج بين المسرح والواقع، بين الثقافة والجرأة، بين الحِرفة والخيال. في هذا اللقاء الحصري، يفتح لنا حسين أبواب عالمه الإبداعي، متحدّثاً عن تطوّر هويته التصميمية، وعن القضايا التي تشكّل له مصدر إلهام. نستكشف معه كيف يترجم المشهد السياسي والاجتماعي إلى قصص تُروى من خلال الأقمشة والقصّات، وكيف يواصل الابتكار من دون أن يفقد جوهر بصمته الفنية. من الاستدامة إلى الذكاء الاصطناعي، ومن الأسطورة إلى الشارع، نغوص في رحلة تصميمية تنبض بالصدق والتجديد.
– لطالما تميّزت تصاميمك بسرد القصص وبالقصّات الفريدة، كيف تصف تطوّر هويتك التصميمية على مرّ السنين؟
منذ البداية، كنت أطمح إلى بناء علامة تجارية تروي قصة، حيث تشعر كل امرأة بأنها البطلة الأساسية فيها. كان هدفي دائماً أن أدمج بين عناصر المسرح وعالم «الهوت كوتور»، لأبتكر قطعاً درامية وشخصية في آنٍ معاً. أُحبّ اللعب بالتناقضات في القصّات لصنع إطلالات استثنائية ومختلفة. الإبداع عندي ينبع دائماً من الحكاية، وليس من الموضة بحد ذاتها.
– هل يمكنك أن تأخذنا في جولة داخل الإلهام والعملية الإبداعية وراء مجموعتك الأخيرة؟ ما هي الرسالة أو المشاعر التي رغبت في إيصالها؟
كل مجموعة أقدّمها تحمل رسالة ضمنية، مستوحاة من قضايا عالمية، سواء كانت سياسية، بيئية أو اجتماعية. أبدأ دائماً ببطلة أنثوية، أتخيّل مظهرها وشخصيتها بكل تفاصيلها، ومن خلالها أستكشف نماذج نسائية مختلفة: الرومانسية، النرجسية، الضحية، وغيرها. بعد تحديد القصّة، أبدأ بتحويلها إلى واقع من خلال الأقمشة المختارة، والقصّات، والأحجام.
– أصبحتَ معروفًاً بدمج التصاميم الحديثة مع المراجع الثقافية والأسطورية، كيف تستمر في الابتكار من دون فقدان بصمتك الخاصة؟
ما يميّزني عن باقي المصمّمين في المنطقة هو قدرتي على تنسيق الألوان والأقمشة بأسلوب غير متوقّع وسلس. وجدتُ صوتي الخاص في مزج العصور المختلفة، وأستلهم من مصادر غالباً ما يغفل عنها الآخرون. الحياة اليومية تُغذّي خيالي دائماً، هناك شيء جديد يحدث، وأنا أترجم تلك الطاقة إلى تصاميم.
– ما هي المواد أو التقنيات التي تختبرها حالياً، وكيف تعكس توجّه العلامة اليوم؟
نركّز في مجموعتنا المقبلة على الأقمشة المبتكَرة، ونستكشف تقنيات تطريز جديدة، وخاصة باستخدام خيوط الرافيا وأساليب مستوحاة من فن النسيج الجداري. هذا التوجّه يخلق جسراً بين الموضة وتصميم المنتجات، في الوقت الذي نستعدّ فيه لتوسيع العلامة نحو مجموعات تركّز على المنتجات.
– كيف أثّر المشهدان الإقليمي والعالمي للموضة في عملك، خاصة في ما يتعلق بالاستدامة، الموضة الرقمية، أو الشمولية؟
أنا من أشدّ المعجبين بالتكنولوجيا والابتكار الرقمي، وأدوات مثل الذكاء الاصطناعي كانت محورية، خصوصاً في مساعدتي على تصوّر المواقع والتنسيقات لمجموعاتي. أما من ناحية الاستدامة، فنحن ملتزمون بممارسات واعية. كل ثلاثة مواسم، نعيد تدوير العيّنات من المجموعات السابقة ونحوّلها إلى تصاميم جديدة تماماً، لإعطائها حياة ثانية.
– عند العودة إلى الوراء، هل هناك مجموعة أو قطعة معيّنة شعرت أنها شكّلت نقطة تحوّل في مسيرتك؟ ولماذا؟
مجموعة Hellen كانت من أحبّ المجموعات إلى قلبي، لأنها شخصية جدّاً ومشحونة بالعاطفة. كما تميّزت بتنوّعها الكبير بين الأزياء الجاهزة و»الهوت كوتور»، وقد شكّلت محطة مهمة في مسيرتي.
– مع التحوّل السريع نحو عروض الأزياء الرقمية والمنصّات الافتراضية، كيف تتخيّل مستقبل عرض تصاميمك؟
أقدّر الذكاء الاصطناعي كمصدر إلهام ودعم إبداعي، لكنني لا أرى نفسي أقدّم مجموعاتي من خلاله. أؤمن بضرورة الاحتفاء بالمرأة الحقيقية، وعرض تصاميمي على أجسام حيّة، لأن المشاعر والتواصل المباشر لا يمكن أن يتحققا إلا من خلال الإنسان.
– ما الذي يمكن أن نتوقعه من علامة حسين بظاظا في المستقبل القريب؟ هل هناك فئات جديدة، تعاونات، أو توسّعات؟
نستعدّ حالياً لإطلاق مجموعة جديدة تضم تصاميم جاهزة إلى جانب قطع «هوت كوتور». كما نخطّط للتوسّع في مجال أزياء الشارع، ونستكشف خطاً جديداً يربطنا بعالم التصميم الداخلي.
– بالنسبة الى المصمّمين الصاعدين الذين يطمحون لسلوك مسار مشابه، ما الذي تعتقد أنه الأهم اليوم: المهارة التقنية، السرد القصصي، أم الهوية الشخصية القوية؟
مزيج من الثلاثة، لأن كلاً منها لا يكفي لوحده.
– ما النصيحة التي كنت تتمنى لو أنّ أحداً قدّمها لك في بداياتك في عالم تصميم الأزياء؟
انتبه للمرأة… لأنها تغيّر رأيها كل ثانيتين!
شارك