تستعد بايدو لإطلاق نموذج جديد للذكاء الاصطناعي التوليدي مفتوح المصدر، مما يُعتبر خطوة مهمة في المنافسة العالمية المستمرة في هذا المجال، وقد أكدت الشركة أن الإطلاق التدريجي لنموذجها اللغوي الكبير مفتوح المصدر سيبدأ يوم الاثنين، ورغم أن هذه الخطوة قد لا تُحدث تغييرات جذرية مثل ظهور تقنيات سابقة، إلا أنها تثير جدلًا واسعًا في مجتمع الذكاء الاصطناعي، وتلقى اهتمامًا كبيرًا من رواد الصناعة حول العالم.
يُعتبر قرار بايدو مفاجأة للكثيرين، خاصةً في ظل تفضيلها الواضح لنهج الملكية الفكرية في تطوير الذكاء الاصطناعي، حيث كانت الشركة قد عارضت في السابق نموذج المصدر المفتوح، مُفضلةً الرقابة الداخلية على أدواتها وبنيتها التحتية، وقد دعمت بايدو نموذج أعمالها الخاص بشكل كبير، وكانت معارضة صريحة للمصادر المفتوحة، لكن شركات مبتكرة مثل ديب سيك أثبتت أن نماذج المصادر المفتوحة يمكن أن تكون تنافسية وموثوقة مثل النماذج الخاصة، وفقًا لما ذكره ليان جاي سو، كبير المحللين في مجموعة أبحاث واستشارات التكنولوجيا أومديا، لشبكة سي إن بي سي في وقت سابق.
مقال له علاقة: منتجات أبل القادمة.. أيفون قابل للطي ونماذج “e” و”Air” بحلول 2027
كما أشار شون رين، الأستاذ المشارك في علوم الحاسوب بجامعة جنوب كاليفورنيا والحائز على جائزة باحث العام في مجال الذكاء الاصطناعي من سامسونج، إلى أن هذه ليست قضية تخص الصين فقط، ففي كل مرة يُطلق فيها مختبر رئيسي نموذجًا قويًا مفتوح المصدر، فإنه يرفع مستوى الصناعة بأكملها، وأضاف رين أن نماذج المصدر المفتوح تضغط على شركات مثل OpenAI وAnthropic لتبرير منصاتها المغلقة، وواجهات برمجة التطبيقات المتميزة، ونماذج التسعير القائمة على الاشتراك، وأوضح أن معظم المستهلكين لا يهتمون بما إذا كان رمز النموذج مفتوح المصدر، لكنهم يهتمون بتقليل التكاليف، وتحسين الأداء، ودعم لغتهم أو منطقتهم، وغالبًا ما تأتي هذه الفوائد من النماذج المفتوحة، التي تمنح المطورين والباحثين مزيدًا من الحرية للتكرار والتخصيص والنشر بشكل أسرع.
كما يشير المطلعون على الصناعة إلى التأثير المحتمل الذي قد تُحدثه خطوة بايدو على التسعير، حيث شبّه أليك ستراسمور، مؤسس شركة Epic Loot الاستشارية في مجال الذكاء الاصطناعي، هذا التطور بتحدٍّ مباشر للهيمنة التجارية للقادة الحاليين في مجال الذكاء الاصطناعي، وقال ستراسمور: “ألقت بايدو قنبلةً في عالم الذكاء الاصطناعي”، وأضاف: “شركات OpenAI وAnthropic وDeepSeek، الذين اعتقدوا أنهم يقدمون منتجات فاخرة، على وشك أن يدركوا أن بايدو ستقدم شيئًا بنفس القوة”، وقارن ستراسمور خطوة بايدو بخطوة عملاق البيع بالتجزئة كوستكو الذي ابتكر بديلًا عالي الجودة.
وأشار إلى أن هذه ليست مجرد منافسة، بل هي إعلان حرب على الأسعار، مضيفًا أن إصدار Ernie مفتوح المصدر قد يشجع الشركات الناشئة والمطورين على التوقف عن دفع مبالغ طائلة للوصول إلى الذكاء الاصطناعي، وطموحات بايدو واضحة، ففي مارس، زعمت الشركة أن أحدث طراز من ERNIE X1 قد يضاهي أداء R1 من DeepSeek بنصف السعر، كما ألمح الرئيس التنفيذي، روبن لي، في وقت سابق من هذا العام إلى أن استراتيجية بايدو مفتوحة المصدر تهدف إلى دعم المطورين حول العالم، حيث قال لي خلال فعالية للمطورين في أبريل: “تهدف إصداراتنا إلى تمكين المطورين من بناء أفضل التطبيقات، دون الحاجة إلى القلق بشأن قدرة النموذج أو التكاليف أو أدوات التطوير”.
ممكن يعجبك: اكتشاف انفجار راديوى غريب صادر عن قمر صناعى فى الفضاء
ومع ذلك، ليس الجميع مقتنعًا بأن هذا الخبر سيُحدث تغييرًا جذريًا في المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي، حيث صرّح كليف جوركيفيتش، نائب رئيس الاستراتيجية العالمية في شركة فينوم للذكاء الاصطناعي التطبيقي، بأن إعلان بايدو قد لا يُثير ردود فعل كبيرة في أسواق مثل الولايات المتحدة، وأوضح جوركيفيتش: “من المرجح أن يُحدث خبر تحول بايدو إلى نظام مفتوح المصدر ضجة كبيرة، فمعظم الناس في الولايات المتحدة لا يعرفون حتى أنها شركة تقنية صينية”، كما قارن بين خطوة بايدو والأيام الأولى لنظام أندرويد، حيث قال: “عندما ظهر أندرويد لأول مرة، كانت ميزته البارزة هي قابليته للتكوين والتخصيص، لكن الأمر كان يتطلب جهدًا كبيرًا، بمعنى أن الناس أرادوا فقط أن يعمل النظام بشكل صحيح”، وأضاف جوركيفيتش: “نظام أندرويد، فور إخراجه من الصندوق، هو نظام عادي وبسيط، لذا يتعين تخصيصه، وهذا يشكل تحديًا حقيقيًا”.
إتبعنا
