«لجنة اتحادية» تعيد ألقاباً رسمية لنادي الشرطة العراقي
في خطوة تحمل أبعاداً تاريخية ومؤسساتية، أعلن رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم عدنان درجال تشكيل لجنة خاصة لإعادة النظر في عدد الألقاب الرسمية المسجلة باسم نادي الشرطة، وذلك على خلفية مطالب متكررة بتوثيق ألقاب قديمة لم تُحتسب رسمياً رغم مشاركات النادي المعروفة في البطولات المحلية والقارية والعربية.
وجاء الإعلان بعد أيام قليلة فقط من تتويج الشرطة بلقب الدوري العراقي لكرة القدم، ليواصل النادي العريق حصد الإنجازات في موسم استثنائي.
يحمل هذا القرار أبعاداً تتعلق بالعدالة الرياضية وإنصاف الأندية، وفي مقدمتها نادي الشرطة، الذي يمتلك رصيداً كبيراً من البطولات والمشاركات المؤثرة على مدى تاريخه. ويُعد هذا التوجه خطوة جريئة لإعادة تصويب السجلات الكروية العراقية وتوثيقها بما يتوافق مع المعايير الحديثة والتوثيق الأرشيفي.
نادي الشرطة الذي تأسس عام 1932 يُعد من أبرز الأندية العراقية تاريخاً وألقاباً، وقد حقق حتى اليوم 16 لقباً رسمياً معتمداً في بطولات الدوري، بالإضافة إلى بطولة كأس العراق مرة وكأس السوبر مرتين. غير أن بعض الألقاب، لا سيما في السنوات البعيدة، لم تُوثق بشكل رسمي لأسباب إدارية أو لغياب لجان توثيق مختصة في تلك الفترات.
وما يزيد من أهمية هذا الإعلان هو التوقيت؛ إذ جاء بعد أقل من 4 أيام على فوز الشرطة بلقب الدوري العراقي للموسم الجاري، ليُكمل بذلك إنجازاً غير مسبوق في تاريخ الكرة العراقية، بتحقيقه جميع الألقاب المحلية خلال المواسم الأربعة الأخيرة. هذا الرباعي المعروف بـ«السوبر هاتريك» لم يتحقق سابقاً من قبل أي نادٍ عراقي، مما يرسّخ موقع الشرطة في صدارة الإنجازات الكروية العراقية.
وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، عبّر الدكتور وهاب الطائي، نائب رئيس الهيئة الإدارية والأمين المالي لنادي الشرطة، عن موقف النادي من الخطوة الجديدة قائلاً: «الشرطة يبارك كل خطوة تُحقّق الإنصاف والعدالة، وإعادة الحقوق، سواء لنادي الشرطة أو لأي نادٍ آخر».
وأضاف: «السجلات كثيرة ومعروفة للجميع، ومشاركات الشرطة على مستوى القارة وكذلك الأندية العربية موثّقة. والسجلات الرسمية وسجلات المدونين والمؤرشفين تحتفظ بكل هذا الكم الكبير، مما يؤكد أحقية نادي الشرطة بالألقاب».
وأكد الطائي أن اعتراف اللجنة بألقاب الشرطة هو إحقاقٌ للحق، قائلاً: «ولا أعتقد أن هناك منصفاً لا يتمنى تحقيق العدالة. وهذه اللجنة ستُعيد الألقاب أيضاً لفرق أخرى لها حقوق مفقودة».
وتابع: «انتظرنا طويلاً، إدارةً وجماهير، إعادة الألقاب المستحقّة للنادي، وسنُحيّي شجاعة رئيس الاتحاد، والاتحاد ذاته، واللجنة المكلّفة بإعادة ألقابنا. الإطار الزمني للجنة هو ما ستحدده اللجنة نفسها لإنجاز المهمة المُكلّفة بها».
واختتم الطائي حديثه: «الاتحاد العراقي هو من سيشكّل اللجنة، ومن المؤكد أنها ستضم قانونيين، ومؤرشفين، ومدوّنين، وإداريين، ومختصين بهذا الشأن وستكون مهمة اللجنة الأساسية هي إعادة الألقاب المفقودة للأندية العراقية، وإذا مُنحت صلاحيات أوسع، فذلك من شأن اتحاد الكرة».
وتأسيس اللجنة يأتي استجابةً لضغوط جماهيرية ومطالبات داخلية من أندية عدة، لا سيما من الشرطة، الذي يرى أن إعادة توثيق الألقاب المنسية هو اعتراف مستحق بما قدّمه من عطاءات ومشاركات على مدى عقود. وسيُناط باللجنة مراجعة جميع المسابقات الرسمية وغير الرسمية التي شارك فيها النادي، والتأكد من استحقاق الألقاب بناءً على معايير قانونية وإدارية وأرشيفية دقيقة، وبمشاركة شخصيات ذات خبرة في التوثيق الرياضي العراقي.
من جهة أخرى، أثار الإعلان ارتياحاً واسعاً في أوساط مشجعي الشرطة الذين لطالما اعتبروا أن فريقهم لم يُنصف على صعيد التاريخ الرسمي، رغم كونه أحد أبرز ممثلي العراق في البطولات الخارجية، وأحد أعمدته الفنية على مستوى المنتخبات الوطنية. كما رأت إدارة النادي أن المبادرة تمثّل بادرة أولى في تصحيح مسار أرشفة الرياضة العراقية، ومن شأنها أن تشمل لاحقاً أندية أخرى لها المطالب نفسها.
لا شك أن الإنجاز الفني الذي حققه نادي الشرطة خلال المواسم الأخيرة، متوّجاً بـ«سوبر هاتريك» تاريخي، يمنح المطالبة بحقوقه التاريخية زخماً إضافياً. وإذا نجحت اللجنة في مهمتها بإنصاف الشرطة والأندية الأخرى، فسيكون ذلك فتحاً مهماً في مسار تحديث منظومة التوثيق الرياضي، وإعادة كتابة التاريخ الكروي العراقي بأمانة وشفافية.