أوكرانيا تُكثف إنتاج الأسلحة محليًا وتُعزز شراكاتها مع الحلفاء لتعزيز قدراتها الدفاعية، وسط جهود أوروبية وأمريكية لدعم صناعة الدفاع الأوكرانية باستخدام عائدات الأصول الروسية المجمدة.
كييف/أوكرانيا بالعربية/ في ظل استمرار العدوان الروسي وتصاعد التهديدات ضد المدن الأوكرانية، تُعيد أوكرانيا بناء وتوسيع قدراتها الدفاعية من خلال استراتيجيتين متوازيتين: تعزيز الإنتاج الذاتي للأسلحة والمعدات، وتوسيع الشراكات مع الحلفاء الدوليين. وقد أصبح تحديث المجمع الصناعي الدفاعي أحد أبرز أولويات القيادة الأوكرانية، ليس فقط من أجل حماية أراضيها، بل أيضًا لترسيخ استقلالها العسكري وتقليل الاعتماد على الإمدادات الخارجية في المدى البعيد.
وفي هذا الإطار، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية، هيورهي تيخي، أن بلاده لن توافق على أي شروط تتضمن تقليص قدراتها الدفاعية، في إشارة مباشرة إلى المطالب الروسية خلال مفاوضات إسطنبول، التي اشترطت تخفيضًا كبيرًا في تسليح الجيش الأوكراني. وهو ما رفضته كييف وشركاؤها الأوروبيون رفضًا قاطعًا.
من جهته، أعلن الرئيس فولوديمير زيلينسكي عن سلسلة اتفاقيات جديدة مع شركاء أجانب، أبرزها اتفاق مع شركة أمريكية رائدة سيسمح بتوريد مئات الآلاف من الطائرات المسيّرة إلى أوكرانيا هذا العام، على أن يتضاعف العدد في العام التالي. وتُعد الطائرات الاعتراضية المسيّرة إحدى أولويات كييف، في ضوء تزايد الهجمات الجوية الروسية.
وأشار زيلينسكي إلى أن بلاده باتت تنتج أكثر من 40% من الأسلحة المستخدمة على جبهات القتال، مؤكدًا وجود تقدم ملحوظ في إنتاج المدفعية، العربات المدرعة، الألغام، والذخيرة. وتركز أوكرانيا الآن على تطوير الأسلحة بعيدة المدى، وعلى تسريع تصنيع الطائرات المسيّرة من خلال استخدام تقنيات متقدمة تؤهلها لردع الاعتداءات بشكل أكثر فعالية.
وفي السياق نفسه، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن بروكسل ستُسلم أوكرانيا مليوني قذيفة مدفعية قبل نهاية العام، باستثمار تجاوز ملياري يورو من عائدات الأصول الروسية المجمدة، في سابقة تشير إلى أن روسيا بدأت عمليًا بتمويل الأسلحة التي تُستخدم ضدها.
من جهته، دعا وزير الخارجية الدنماركي لارس لوك راسموسن إلى زيادة الاستثمار في قطاع الدفاع الأوكراني، مشددًا على أن القدرات الإنتاجية المحلية في أوكرانيا قد تتضاعف إذا توفر التمويل الكافي، وهو ما تعمل عليه كوبنهاغن في إطار رئاستها الحالية لمجلس الاتحاد الأوروبي.
ويُعد القطاع الصناعي الدفاعي الأوكراني، بحسب تصريحات وزير الدفاع رستم عمروف، قادرًا على إنتاج ما يصل إلى 10 ملايين طائرة مسيّرة سنويًا، مؤكدًا أن دعم الدولة للشركات المحلية قائم ومفتوح، وأن أوكرانيا على استعداد لتوفير بيئة شراكة استثمارية فعالة تشمل مشاريع إنتاج مشتركة داخل وخارج البلاد.
وفي هذا الإطار، تُخطط أوكرانيا وألمانيا لتطوير مشروعات مشتركة قائمة على تقنيات محلية عالية المستوى، تشمل إنتاجًا ثنائيًا للأسلحة على الأراضي الأوكرانية والألمانية، وهو ما أكده وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، الذي أعلن أيضًا استعداد بلاده للمساهمة في تمويل إنتاج أنظمة إطلاق نار بعيدة المدى في أوكرانيا.
وفي إطار الدعم الدولي، أعلنت بريطانيا عن تخصيص جزء من عائدات الأصول الروسية المجمدة لتمويل إرسال أنظمة دفاع جوي وصواريخ إلى أوكرانيا، بما في ذلك أنظمة “رايفن” الحديثة. كما يدرس الاتحاد الأوروبي آلية لتحويل هذه العائدات إلى صندوق استثماري، يمكن أن يضاعف القدرة المالية الموجهة للدعم العسكري والدفاعي.
تُعيد أوكرانيا تشكيل مجمعها الصناعي العسكري بوتيرة سريعة، في ظل إدراك متزايد بأن المعركة ضد روسيا لن تُحسم فقط على الجبهات، بل أيضًا في مصانع الأسلحة ومراكز البحوث الدفاعية. وبموازاة الإنتاج المحلي، يُظهر الحلفاء الغربيون التزامًا متناميًا بتوفير الدعم المالي والتقني. في المقابل، تُدرك موسكو أن تصاعد هذه الشراكات يُهدد استراتيجيتها طويلة الأمد، ما يدفعها لتكثيف هجماتها ومحاولاتها لفرض شروط تعجيزية. لكن كييف، اليوم، تقف على أرضية صناعية وعسكرية أكثر متانة من أي وقت مضى.
المصدر: أوكرانيا بالعربية