رام الله (فلسطين) – قدس برس
|
يوليو 13, 2025 4:52 م
أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن الوسط العربي في الداخل الفلسطيني المحتل شهد تصاعدًا لافتًا في جرائم القتل منذ بداية العام الجاري، حيث بلغ عدد الضحايا (134) شخصًا قُتلوا في (126) جريمة، جرى توثيقها خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2025.
وفي هذا السياق، قال الكاتب والمتابع للشأن الإسرائيلي، ياسر مناع، إن جرائم القتل المستمرة في المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني المحتل (فلسطين المحتلة عام 1948) لم تعد مجرد قضايا جنائية، بل تحوّلت إلى ظاهرة بنيوية تهدد أمن الأفراد، وتهز استقرار الوجود الفلسطيني داخليًا.
ونوّه مناع، في حديث مع “قدس برس”، إلى أن من يقف خلف هذه الجرائم غالبًا ما تكون تنظيمات إجرامية تدير شبكات لتهريب السلاح والابتزاز المالي داخل بلدات عربية تعاني من التهميش الاقتصادي وغياب الفرص.
وشدّد على أن الخطر لا يكمن فقط في وجود هذه العصابات، “بل في الغياب المتعمّد أو التقاعس المستمر من قِبل شرطة الاحتلال الإسرائيلي في مواجهتها”.
وأوضح: “هناك تفاوت صارخ في أداء الشرطة بين البلدات العربية والبلدات اليهودية؛ ففي حين تُحل معظم جرائم القتل في الوسط اليهودي بسرعة، تبقى عشرات الجرائم في المجتمع العربي دون كشف للجناة أو محاسبة تُذكر، ما يخلق شعورًا عامًا بأن الدولة تتعامل مع أمن العرب كقضية ثانوية بلا أولوية”.
وأعرب مناع عن اعتقاده بأن “هذا التلكؤ في فرض القانون لا يمكن فصله عن السياق السياسي الأوسع، حيث تستخدم إسرائيل الجريمة داخل المجتمع العربي كأداة ضبط غير مباشرة، تُشغل هذا المجتمع بنفسه وتُضعف مطالبه الجماعية بالحقوق والمساواة”.
وحذّر من تداعيات تلك الجرائم على مختلف مفاصل الحياة في الداخل، قائلًا: “الأثر المجتمعي لهذه الجرائم عميق وخطير، ويتمثل في تآكل الثقة داخل المجتمع، وانتشار السلاح، وانهيار منظومات الحلّ الاجتماعي التقليدية، وتحوّل العنف إلى وسيلة مشروعة لحلّ الخلافات. بل وفي بعض الحالات، نشهد أشكالًا من التحصّن الطائفي أو العشائري كآلية بديلة عن القانون، ما يفاقم الفوضى ويُضعف السلم الأهلي”.
في السياق ذاته، يرى الكاتب السياسي ونائب رئيس بلدية “رهط”، عامر الهزيل، أن “إسرائيل”، بصفتها سلطة احتلال، “عملت بكثافة عالية للتأثير على مكونات الدين والعلم والقيم في المجتمع الفلسطيني”.
وشرح ذلك قائلًا: “ركّزت حكومة الاحتلال على أن يكون مستوى التعليم الموجّه لفلسطينيي الداخل أدنى مقارنة بالتعليم في المدارس اليهودية أو حتى مدارس المنطقة، إضافة إلى إهمال قيم بناء الإنسان والمجتمع السوي، كقيم الدين والانضباط والأمن والأمان”.
وأشار الهزيل، في حديث مع “قدس برس”، إلى أن حكومة الاحتلال سعت إلى ضرب بنية المجتمع العربي من خلال مصادرة الأراضي، وهدم أسلوب الحياة القروية التقليدي، واستبداله بالتمدين القسري عبر تجميع أكبر عدد من السكان في أصغر مساحة ممكنة، كما حدث في بعض التجمعات البدوية مثل “رهط”، في إشارة إلى المدينة الفلسطينية الواقعة في أقصى شمال النقب جنوب فلسطين المحتلة.
وأضاف مستعرضًا أدوات الاحتلال في تفتيت المجتمع الفلسطيني: “عمدت إسرائيل إلى هدم البنية القيادية التقليدية، بدءًا من الأسرة التي تراجع فيها دور الرجل كربّ بيت، مرورًا بتلاشي سلطة الكبير، وتمرد الجيل الصغير، دون أن يتمكّن هذا الجيل من بناء قيادة بديلة رشيدة تربط الماضي بالحاضر بشكل بنّاء”.
وشدّد على أن الاحتلال سعى إلى “خلق حالة من انعدام الشعور بالأمن، ودفع الناس نحو التسلّح الشخصي، بالتوازي مع إضعاف منظومات الردع العشائري والقضاء الأهلي”.
وبحسب إحصائيات متفرقة، فقد قُتل (67) فلسطينيًا في الداخل خلال عام 2017، فيما شهد عام 2018 مقتل (58) شخصًا بينهم (13) امرأة، وفي عام 2019 بلغ عدد القتلى (93) بينهم (11) امرأة، بينما قُتل (99) فلسطينيًا بينهم (16) امرأة في سلسلة جرائم وقعت عام 2020.
أما عام 2021 فقد شهد مقتل (127) فلسطينيًا، بينما سُجّل في عام 2022 مقتل (109) بينهم (12) سيدة.
وبيّن تقرير إحصائي صادر عن جمعية “الشباب العرب – بلدنا”، أن (58 بالمئة) من ضحايا جرائم القتل في عام 2022 كانوا من الشبان الذين لم تتجاوز أعمارهم (30) عامًا.
ووفقًا لتقارير “بلدنا” أيضًا، بلغ عدد الضحايا العرب خلال عام 2023 (222) قتيلًا، في ارتفاع ملحوظ مقارنة بعامي 2021 و2022.