السياسات العشوائية لحكومة الانقلاب وانشغالها بتنفيذ إملاءات صندوق النقد والبنك الدولى على حساب المصريين ومستوى معيشتهم وتوفير الخدمات والسلع والمنتجات التى يحتاجون إليها تسبب فى عزوف الفلاحين عن زراعة محصول حيوى مثل القمح بل وتراجع انتاجه بصورة غير مسبوقة ما يهدد منظومة الدعم والأمن الغذائي وتوفير رغيف العيش للمواطنين .
تراجع الانتاج يدفع حكومة الانقلاب إلى استيراد كميات كبيرة من القمح من الخارج وهو ما يمثل عبئا كبيرا فى ظل عدم توافر الموارد الدولارية .
الخبراء من جانبهم طالبوا دولة العسكر بتوفير حلولا شاملة لضمان الأمن الغذائي وتعزيز الاكتفاء الذاتي من خلال تحقيق التوازن بين حجم الإنتاج المحلي والاستهلاك المتنامي.
وشددوا على ضرورة وضع سياسات زراعية أكثر فاعلية، تدعم المزارعين، وتشجعهم على التوسع في زراعة القمح، مع توفير بيئة إنتاجية متكاملة تشمل التسعير العادل، والتقنيات الحديثة، والإرشاد الزراعي.
وأكد الخبراء أن دعم الفلاح هو حجر الزاوية في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، مشيرين إلى أن مصر تمتلك إمكانيات كبيرة لكنها تحتاج إلى إدارة فعالة وإصلاحات حقيقية
بشار إلى أن إنتاج القمح المحلي شهد تراجعًا خلال العام الحالي، حيث تراوح الإنتاج بين 8.5 إلى 9 ملايين طن، في حين يتجاوز الاستهلاك السنوي 18 مليون طن، ما يعني أن الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك تتراوح بين 9 إلى 10 ملايين طن يتم تغطيتها عن طريق الاستيراد.
سعر التوريد
من جانبه، كشف خبير التنمية الريفية الدكتور الحسين حسان، أن إنتاج القمح المحلي شهد تراجعًا واضحًا خلال العام الحالي، حيث تراوح الإنتاج بين 8.5 إلى 9 ملايين طن، في حين يتجاوز الاستهلاك السنوي 18 مليون طن، مما يعني أن الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك تتراوح بين 9 إلى 10 ملايين طن يتم تغطيتها عن طريق الاستيراد.
وأكد «حسان» فى تصريحات صحفية، أن مصر تُعد من أكبر الدول المستوردة للقمح في العالم، حيث تستورد ما يصل إلى 12 مليون طن سنويًا، من دول مثل روسيا وفرنسا وأوكرانيا، مشيرًا إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية تسببت في ارتفاع كبير في أسعار القمح عالميًا، إلا أن استقرار الأوضاع مؤخرًا قد يسهم في تراجع الأسعار بشكل نسبي.
ولفت إلى أن تراجع الإنتاج المحلي يعود لعدة أسباب، أبرزها عزوف عدد كبير من الفلاحين عن توريد القمح لحكومة الانقلاب، وذلك بسبب ضعف سعر التوريد الحكومي مقارنة بأسعار السوق السوداء، حيث يبلغ سعر الأردب حاليًا حوالي 2000 جنيه، وهو غير كافٍ لتغطية تكاليف الإنتاج، خاصة في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الأسمدة، والوقود، والمياه، والعمالة.
وأوضح «حسان» أن تراجع مساحات زراعة القمح كان طبيعيا بسبب نقص المياه في بعض المناطق، مما دفع المزارعين للتحول إلى محاصيل أقل استهلاكًا للمياه، بالإضافة إلى تجزئة الحيازات الزراعية، والتعديات على الأراضي، وتراجع الإرشاد الزراعي وعدم وجود دعم مباشر للأسمدة والبذور والآلات الزراعية.
وأشار إلى أن غياب الحوافز وعدم وجود منظومة تسويق واضحة أو عقود زراعية مسبقة، كلها عوامل أضعفت حماس الفلاحين تجاه زراعة القمح.
إصلاح شامل
وشدّد «حسان» على أن حل أزمة القمح لن يكون من خلال الاستيراد فقط، بل من خلال إصلاح شامل للسياسات الزراعية والتسويقية، تبدأ من زيادة سعر التوريد وربطه بالسعر العالمي، وتوسيع الرقعة الزراعية في مشروعات مثل توشكى والدلتا الجديدة، وتوفير أصناف قمح عالية الإنتاجية ومقاومة للجفاف.
وفيما يتعلق بدعم رغيف الخبز، قال إن ارتفاع تكلفة القمح المستورد يزيد الأعباء على دولة العسكر، ويرفع من فجوة الدعم بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع المدعوم لرغيف العيش، ما يخلق ضغوطًا مالية قد تؤدي مستقبلًا إلى إعادة النظر في منظومة الدعم بشكل تدريجي.
وأكد «حسان» أن دعم الفلاح هو حجر الزاوية في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، وليس الاعتماد على الاستيراد فقط، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك إمكانيات كبيرة ولكنها تحتاج إلى إدارة فعالة وإصلاحات حقيقية
وقال إن لدينا أكثر من 5 ملايين فدان مزروعة بالبرسيم، وهي مساحات يمكن إعادة توجيهها لتقليل الفجوة في إنتاج القمح.
حوافز تشجيعية
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور السيد خضر، إن أزمة إنتاج القمح تتطلب تكاتفًا حقيقيًا من جميع الأطراف، سواء من دولة العسكر أو من الفلاحين، مشيرًا إلى أن الأزمة الحالية لا يمكن تجاوزها إلا من خلال توفير حوافز تشجيعية حقيقية من قبل حكومة الانقلاب، تعمل على دعم زراعة القمح، وتوسيع مشروعات الاستصلاح الزراعي، بما يساهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل فجوة الاستيراد بشكل فعّال، خاصة في ظل الزيادة المستمرة في معدلات الاستهلاك المحلي.
وأوضح «خضر» فى تصريحات صحفية ، أن حكومة الانقلاب لا تزال مضطرة إلى استيراد كميات ضخمة من القمح سنويًا لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، الأمر الذي يؤثر سلبًا على الميزان التجاري ويشكل ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد الوطني .
وكشف أن التراجع في إنتاج القمح يرجع إلى عدد من العوامل المعقدة، على رأسها التأثيرات السلبية لتغير المناخ على المحاصيل الزراعية، وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج مثل الأسمدة والمبيدات والوقود، إلى جانب انخفاض الاستثمارات الموجهة للزراعة الحديثة وضعف إدخال التكنولوجيا في هذا القطاع الحيوي.
وأشار «خضر» إلى أن هناك تراجعًا واضحًا في حماس الفلاحين لزراعة القمح، نتيجة تدني العائد الاقتصادي وضعف الأسعار المقدمة لهم، والتي لا تغطي التكاليف الفعلية للإنتاج، موضحًا أن عدم وجود تسعير عادل ومنظومة تسويق مستقرة، يدفع المزارعين إلى العزوف عن زراعة القمح، ما يزيد من الاعتماد على الاستيراد الخارجي ويجعل السوق المحلي عرضة للتقلبات العالمية.
دعم الخبز
وحذر من التأثير المباشر لأزمة القمح على دعم الخبز، مؤكدًا أن ارتفاع أسعار القمح المستورد يؤدي إلى تقليص الدعم المخصص لرغيف العيش، ما يشكل عبئًا إضافيًا على الأسر ذات الدخل المحدود.
وأضاف«خضر»، أن هذه الأزمة قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الخبز، ونقصه في بعض المناطق، إضافة إلى تدهور الجودة في ظل محاولة المطاحن تلبية الطلب باستخدام بدائل أقل جودة، وهو ما ينعكس سلبًا على المواطن المصري الذي يعتمد بشكل أساسي على الخبز في نظامه الغذائي اليومي.
وأشار إلى أن استمرار الأزمة قد يترك آثارًا نفسية واقتصادية على المواطنين، ويؤثر على استقرار السوق الداخلي نتيجة تذبذب الأسعار، إلى جانب التأثير السلبي على المخابز والمشروعات الصغيرة المرتبطة بإنتاج وتوزيع الخبز، محذرًا من أن الاعتماد المتزايد على القمح المستورد في هذه الظروف يضر بالاقتصاد الوطني ويزيد من هشاشته في مواجهة الأزمات الدولية.
وحول الحلول الممكنة للخروج من هذه الأزمة، شدد «خضر» على ضرورة تحفيز الإنتاج المحلي من القمح من خلال تقديم دعم فعلي للفلاحين، سواء عبر حوافز مالية أو تقنيات حديثة تساعد في تحسين الإنتاجية داعيا حكومة الانقلاب إلى تطوير التكنولوجيا الزراعية وتوسيع برامج الإرشاد والتدريب لزيادة وعي الفلاحين بأهمية زراعة القمح وكيفية الاستفادة من أساليب الزراعة الذكية.
وشدد على ضرورة ضمان تسعير عادل للقمح المحلي وربطه بالأسعار العالمية لضمان جدوى اقتصادية للمزارعين، إلى جانب تحسين البنية التحتية الزراعية وشبكات الري، وتعزيز القدرة على تخزين القمح وتوزيعه بما يضمن استقرار الإمدادات الغذائية.
وطالب «خضر» بضرورة تنويع مصادر الاستيراد لتقليل الاعتماد على أسواق محددة والحد من تأثير الأزمات السياسية أو المناخية الخارجية مؤكدا أن تحقيق الأمن الغذائي يبدأ من دعم الفلاح المصري، وتوفير بيئة محفزة له، والاعتماد على الإنتاج المحلي كرافعة استراتيجية بديلة عن الاستيراد المكلف وغير المستقر.