تعد مصر، الأعلى أفريقياً فى استخدام الطاقة فى إنتاج الحبوب المنتجة محلياً والمستوردة بين 45 دولة أفريقية، مما يشير إلى كثافة الانبعاثات من قطاع إنتاج الحبوب المصرى، وذلك طبقاً لتقرير حديث صادر عن جامعة ميجى جاكوين اليابانية.
وأظهر التقرير أن الدول النامية، يكون الاعتماد على الممارسات الزراعية الحديثة أقل عموماً مقارنةً بالدول المتقدمة، إذ تنتشر أساليب الزراعة التقليدية بشكل أكبر فى تلك الدول. وعادةً ما تتطلب هذه الأنظمة التقليدية طاقة أقل، مما يحمى هذه الدول إلى حدٍّ ما من تقلبات أسعار الطاقة.
وتلعب الطاقة دوراً فى الزراعة، سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر، إذ يشمل الاستخدام المباشر للطاقة تشغيل الجرارات، ونقل البضائع، وضخ المياه للري، بينما يشمل الاستخدام غير المباشر للطاقة إنتاج المُدخلات الزراعية مثل الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية، وتصنيع الآلات الزراعية، مما يرفع مستويات الغازات الدفيئة، معززاً ارتفاع الكربون فى الهواء.
ومن منظور نظم الغذاء المستدامة، تسلط هذه النتائج الضوء على الحاجة إلى تدخلات سياساتية مستهدفة من الدول كثيفة استهلاك الطاقة كمصر لتحسين كفاءة الطاقة، وتعزيز مرونة الإنتاج المحلي، وتقليل الاعتماد على سلاسل التوريد كثيفة الوقود الأحفوري، والتوصل إلى حلول أكثر استدامة.
وتابع التقرير، أنه ينبغى للبحوث المستقبلية أن تستكشف بشكل أكبر الارتباطات بين استهلاك الطاقة وانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى والأمن الغذائي، وخاصةً فى سياق تغيّر المناخ والقيود على الموارد.
وأوضح التقرير، مستنداً إلى تحليلات فى أسواق أفريقية، أن ارتفاع أسعار الوقود يؤدى مباشرةً إلى تفاقم تكاليف النقل، مما يؤدى بدوره إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وتُبرز هذه التحليلات، مجتمعةً، التفاعل الحاسم بين تكاليف الطاقة والخدمات اللوجستية وأسعار المواد الغذائية فى الاقتصادات النامية.
وحلّل التقرير استهلاك الطاقة المرتبط بإنتاج واستهلاك الحبوب فى جميع أنحاء الدول الأفريقية، مع التمييز بين الحبوب المنتجة محلياً والمستوردة.
ويُقسَّم استهلاك الطاقة إلى ثلاثة مكونات رئيسية، وهى الطاقة المباشرة، والطاقة غير المباشرة، والطاقة المرتبطة بالنقل.
كما يكشف التقرير تبايناً كبيراً فى أنماط استهلاك الطاقة بين الدول، حيث تُظهر مصر وجنوب أفريقيا مستوياتٍ مرتفعةً بشكل خاص.
فى مصر، يُعد استهلاك الطاقة من الإنتاج الزراعى المحلى مرتفعاً بشكل ملحوظ، حيث يُمثل استهلاك الطاقة غير المباشر حصة كبيرة. ويعكس هذا الممارسات الزراعية المكثفة والاستخدام العالى للمدخلات فى إنتاج الحبوب المصري.
بالإضافة إلى ذلك، فإن استهلاك الطاقة المرتبط بالحبوب المستوردة كبير أيضًا، مما يُؤكد اعتماد مصر الكبير على واردات الحبوب لتلبية الطلب المحلي.
وأظهر التقرير أن جنوب أفريقيا تُظهر مستوى مرتفعاً من استهلاك الطاقة من الإنتاج المحلي، إذ تُسهم الطاقة غير المباشرة بالحصة الأكبر. ومع ذلك، وعلى عكس مصر، تُظهر جنوب أفريقيا اعتماداً أقل نسبياً على الحبوب المستوردة من حيث استهلاك الطاقة.
ويتماشى هذا النمط مع دور جنوب أفريقيا كمنتج رئيسى للحبوب فى القارة الأفريقية، حيث يُلبى الإنتاج المحلى جزءاً كبيراً من الطلب الوطني.
فى دول شمال أفريقيا مثل المغرب والجزائر وتونس، يُعد إجمالى استهلاك الطاقة معتدلًا، حيث تُعزى نسبة عالية نسبياً إلى الحبوب المستوردة.
يشير هذا إلى أنه على الرغم وجود الإنتاج المحلي، فإنَّ هذه البلدان تعتمد بشكل كبير على واردات الحبوب بسبب القيود فى القدرة الزراعية المحلية، مثل ندرة المياه ومحدودية الأراضى الصالحة للزراعة، على عكس مصر.
بشكل عام، أكّد التقرير على وجود تفاوتات كبيرة فى كثافة الطاقة لإمدادات الحبوب بين البلدان الأفريقية، إذ تتحمل البلدان التى تعمل كمراكز زراعية وتجارية رئيسية، مثل مصر وجنوب أفريقيا، عبء طاقة مرتفعاً بشكل غير متناسب من كلٍّ من الإنتاج المحلى والواردات.
وصنّف التقرير استهلاك الطاقة للحبوب المنتجة محلياً والمستوردة فى الدول الأفريقية إلى ستة مكونات، وهى الطاقة المباشرة للإنتاج المباشرة محلياً والاستيراد المباشر، والطاقة للنقل النقل المحلى والاستيراد، والطاقة غير المباشرة الداخلية غير المباشرة والاستيراد غير المباشر.
وأظهرت الجزائر ومصر والمغرب وتونس كثافة طاقة عالية نسبيًا، ويُعدّ نقل الحبوب المستوردة النقل الداخلي مساهماً رئيسيًا، لا سيما فى تونس و”باقى دول شمال أفريقيا”.
وأشار التقرير إلى أن مصر لا تعتمد اعتماداً كبيراً على الواردات فحسب، بل تواجه أيضاً أعباء طاقة كبيرة بسبب النقل لمسافات طويلة.
فى الوقت نفسه، يُعدّ استهلاك الطاقة المرتبط بالإنتاج المحلى المباشر وغير المباشر محليًا فى مصر مرتفعاً نسبيًا، مما يشير إلى أن الزراعة المحلية قد تكون كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وتابع أنه فى جميع مدخلات الطاقة، تُسجل مدخلات الطاقة أعلى مستوياتها فى مصر وجنوب أفريقيا والجزائر. ومع ذلك، عند قياسها لكل وحدة وزن حبوب، تُسجل منطقة “بقية شمال أفريقيا” أعلى كثافة للطاقة.
وأظهرت بيانات قاعدة بيانات الأغذية والزراعة “الفاو” أن مُدخلات الأسمدة فى ليبيا تُعدّ مرتفعة مقارنةً بأفريقيا ككل.
إلا أنها تُضاهى الجزائر والمغرب، لكنها تظلّ أقلّ بكثير من تلك الموجودة فى مصر، ويُعزّز صغر حجم إنتاج الحبوب المحلى فى ليبيا كثافة استهلاكها المحلى للطاقة.
أضاف التقرير أن الإعانات الحكومية للأسمدة الكيماوية فى مصر تلعب دوراً حاسماً فى استخدام الطاقة الزراعية.
ففى عام 2018، قُدّرت إعانات الأسمدة النيتروجينية بنحو 85 دولاراً أمريكيًا، ما يُمثّل إنفاقاً سنوياً يُقارب 114 مليون دولار.
وتُقدّم هذه الإعانات بشكل غير مباشر من خلال تخفيض أسعار الغاز الطبيعى لمُصنّعى الأسمدة، وبشكل مباشر من خلال التعاونيات التى تُقدّم الأسمدة النيتروجينية بأسعار مُنخفضة.
وبحلول عام 2024، ارتفع سعر الأسمدة فى مصر إلى ما يعادل 94.3 دولاراً للطن، مع تغطية الدعم لحوالى 24% من التكلفة.
وذكر التقرير أنه حال ارتفاع أسعار الغذاء نتيجةً لارتفاع أسعار الطاقة، فقد تلعب عوامل مثل تكاليف الأسمدة أو تكاليف الكهرباء لمضخات الرى دوراً أكبر.
علاوةً على ذلك، يجب تحليل آثار انتقال أسعار الطاقة على أسعار الغذاء بشكل منفصل على المديين القصير والطويل.
فعلى المدى الطويل، تنعكس تكاليف الطاقة المرتبطة بالإنتاج الزراعى وتجهيز الأغذية فى أسعار الغذاء، وعلى المدى القصير، تكون تكاليف الطاقة المرتبطة أساساً بالنقل وتجهيز الأغذية أكثر أهمية.