17/7/2025–|آخر تحديث: 05:12 AM (توقيت مكة)
وجّه الرئيس السوري أحمد الشرع مساء الأربعاء كلمة متلفزة، علّق فيها على الأحداث الدامية التي شهدتها محافظة السويداء، مؤكدًا أن ما جرى ليس سوى محاولة جديدة من الكيان الإسرائيلي لضرب استقرار البلاد وجرّ السوريين إلى صراع داخلي يخدم مصالح خارجية.
وفي مستهل كلمته، قال الرئيس الشرع: “لقد خرج شعبنا في ثورة من أجل نيل حريته، فانتصر فيها وقدم تضحيات جسيمة، ولا يزال هذا الشعب على أهبة الاستعداد للقتال من أجل كرامته في حال مسها أي تهديد.”
مخطط إسرائيلي لنشر الفوضى وتقويض البناء الوطني
وأكد أن إسرائيل، التي لطالما سعت إلى ضرب الاستقرار السوري منذ سقوط النظام السابق، عادت مجددًا لمحاولة تحويل الأرض السورية إلى ساحة فوضى: “إن الكيان الإسرائيلي الذي عوّدنا دائماً على استهداف استقرارنا وخلق الفتن بيننا منذ إسقاط النظام البائد، يسعى الآن مجددًا إلى تحويل أرضنا الطاهرة إلى ساحة فوضى غير منتهية، يسعى من خلالها إلى تفكيك وحدة شعبنا وإضعاف قدراتنا على المضي قدماً في مسيرة إعادة البناء والنهوض.”
تحذير من سياسة زرع النزاعات والتقسيم
وحذّر الشرع من أن تل أبيب تواصل محاولات إثارة الصراعات والنزاعات داخل البلاد: “إن هذا الكيان لا يكفّ عن استخدام كلّ الأساليب في زرع النزاعات والصراعات، غافلاً عن حقيقة أن السوريين، بتاريخهم الطويل، رفضوا كلّ انفصال وتقسيم.”
رسالة تحدٍ: لسنا من يبدأ الحروب لكننا نعرف كيف ننهيها
وفي لهجة تحدٍّ واضحة، أضاف الرئيس: “إنّ امتلاك القوة العظيمة لا يعني بالضرورة تحقيق النصر، كما أنّ الانتصار في ساحة معينة لا يضمن النجاح في ساحة أخرى، قد تكون قادراً على بدء الحرب ولكن ليس من السهل أن تتحكم في نتائجها، فنحن أبناء هذه الأرض، والأقدر على تجاوز كلّ محاولات الكيان الإسرائيلي الرامية إلى تمزيقنا، وأصلب من أن تزعزع عزيمتنا بفتنٍ مفتعلة.”
وأكد الشرع أن الدولة السورية تدرك من يقف وراء الفتنة، ولن تمنح أعداء البلاد فرصة إشعالها: “نحن، أبناءَ سوريا، نعرف جيداً من يحاول جرّنا إلى الحرب، ومن يسعى إلى تقسيمنا، ولن نعطيهم الفرصة بأن يورّطوا شعبنا في حرب يرغبون في إشعالها على أرضنا، حرب لا هدف لها سوى تفتيت وطننا وتشتيت جهودنا نحو الفوضى والدمار، فسوريا ليست ساحة تجارب للمؤامرات الخارجية، ولا مكان لتنفيذ أطماع الآخرين على حساب أطفالنا ونسائنا.”
الدولة السورية مظلة الجميع
وأضاف: “إنّ الدولة السورية هي دولة الجميع، وهي كرامة الوطن وعزته، وهي حلم كلّ سوري في أن يرى وطنه يعيد بناء نفسه من جديد، من خلال هذه الدولة، نتّحد جميعاً دون تفرقة، من أجل أن نعيد لسوريا هيبتها، ونضعها في مقدمة الأمم التي تعيش في أمن واستقرار.”
وتابع الرئيس السوري مؤكدًا ضرورة الاصطفاف الوطني خلف الدولة: “إنّ بناء سوريا جديدة يتطلب منا جميعاً الالتفاف حول دولتنا، والالتزام بمبادئها، وأن نضع مصلحة الوطن فوق كلّ اعتبارٍ فردي أو مصلحةٍ محدودة، إنّ ما نحتاجه اليوم هو أن نكون جميعاً شركاء في هذا البناء، وأن نعمل يداً بيد لنتجاوز جميع التحديات التي تواجهنا.”
وشدد على أن “الوحدة هي سلاحنا، والعمل الجاد هو طريقنا، وإرادتنا الصلبة هي الأساس الذي سنبني عليه هذا المستقبل الزاهر.”
رسالة خاصة إلى أبناء الطائفة الدرزية
وفي رسالة مباشرة إلى أبناء الطائفة الدرزية، قال الرئيس الشرع: “أخصّ في كلمتي هذه أهلنا من الدروز الذين هم جزء أصيل من نسيج هذا الوطن، إنّ سوريا لن تكون أبداً مكاناً للتقسيم أو التفتيت أو زرع الفتن بين أبنائها، نؤكد لكم أن حماية حقوقكم وحريتكم هي من أولوياتنا، وأننا نرفض أي مسعىً يهدف لجرّكم إلى طرف خارجي أو لإحداث انقسامٍ داخل صفوفنا، إننا جميعاً شركاء في هذه الأرض، ولن نسمح لأي فئة كانت أن تشوّه هذه الصورة الجميلة التي تعبّر عن سوريا وتنوعها.”
ثم تطرّق الشرع إلى ما حصل مؤخرًا في السويداء من صدامات مسلحة، موضحًا: “لقد تدخلت الدولة السورية بكلّ مؤسساتها وقياداتها، وبكلّ إرادة وعزم، من أجل وقف ما جرى في السويداء من قتالٍ داخلي بين مجموعات مسلحة من السويداء، ومن حولهم من مناطق، إثر خلافات قديمة.”
وأكد أن بعض الأطراف المحلية لم تتعاون مع جهود التهدئة: “بدلاً من مساعدة الدولة في تهدئة الأوضاع ظهرت مجموعات خارجة عن القانون اعتادت الفوضى والعبث وإثارة الفتن، وقادة هذه العصابات هم أنفسهم من رفضوا الحوار لشهور عديدة، واضعين مصالحهم الشخصية الضيقة فوق مصلحة الوطن.”
جهود الدولة لإعادة الاستقرار رغم تدخلات إسرائيلية
وأشار الرئيس إلى أن الدولة نجحت في استعادة الاستقرار رغم التدخلات الإسرائيلية التي حاولت عرقلة الحل السياسي: “لقد نجحت جهود الدولة في إعادة الاستقرار وطرد الفصائل الخارجة عن القانون، رغم التدخلات الإسرائيلية، وهنا لجأ الكيان الإسرائيلي إلى استهداف موسّع للمنشآت المدنية والحكومية لتقويض هذه الجهود، ما أدى إلى تعقيد الوضع بشكل كبير، ودفع الأمور إلى تصعيد واسع النطاق، لولا تدخل فعال للوساطة الأمريكية والعربية والتركية التي أنقذت المنطقة من مصير مجهول.”
وأوضح أن الحكومة واجهت خيارين مصيريين: “لقد كنا بين خيارين، الحرب المفتوحة مع الكيان الإسرائيلي على حساب أهلنا الدروز وأمنهم، وزعزعة استقرار سوريا والمنطقة بأسرها، وبين فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم، وتغليب المصلحة الوطنية على من يريد تشويه سمعة أهل الجبل الكرام.”
لسنا من يخشى الحرب.. لكننا نغلّب مصلحة الشعب
وأضاف الشرع: “لسنا ممّن يخشى الحرب، ونحن الذين قضينا أعمارنا في مواجهة التحديات والدفاع عن شعبنا، لكننا قدّمنا مصلحة السوريين على الفوضى والدمار، فكان الخيار الأمثل في هذه المرحلة هو اتخاذ قرار دقيق لحماية وحدة وطننا وسلامة أبنائه، بناء على المصلحة الوطنية العليا.”
تفويض الفصائل المحلية والمشايخ لضبط الأمن
وفي خطوة تهدف إلى التهدئة، أعلن الرئيس تكليف قيادات محلية بإدارة الوضع الأمني: “لقد قرّرنا تكليف بعض الفصائل المحلية ومشايخ العقل بمسؤولية حفظ الأمن في السويداء، مؤكدين أن هذا القرار نابع من إدراكنا العميق لخطورة الموقف على وحدتنا الوطنية، وتجنب انزلاق البلاد إلى حرب واسعة جديدة قد تجرّها بعيداً عن أهدافها الكبرى في التعافي من الحرب المدمرة وإبعادها عن المصاعب السياسية والاقتصادية التي خلّفها النظام البائد.”
وختم الرئيس السوري كلمته بالتشديد على سيادة القانون وحماية الأهالي: “فإننا حريصون على محاسبة من تجاوز وأساء لأهلنا الدروز، فهم في حماية الدولة ومسؤوليتها، والقانون والعدالة يحفظان حقوق الجميع دون استثناء، ونؤكد أن الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها وسلامة أهلنا والعمل على تأمين مستقبل أبنائهم، بعيداً عن أي مخاطر قد تقوّض مسار النهوض والتعافي الذي نخوضه بعد تحرير بلادنا.”