ارتفاع أسعار النفط، موضوع يشغل الأسواق العالمية حالياً، خصوصاً مع تأثيرات قرار أوبك+ الأخير بزيادة الإنتاج، إذ شهدت الأسعار تحركات مثيرة تزامناً مع شح الإمدادات الحقيقية، حسب تقرير حديث لموقع غاية السعودية. تعكس تلك التطورات حالة متقلبة في أسواق النفط تعكس عوامل إقليمية ودولية متعددة، وتحديات مرتبطة بالطلب والعرض في نفس الوقت.
قرار أوبك+ بزيادة إنتاج النفط
شهد اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها المعروفين بـ«أوبك+» يوم السبت توافقاً على رفع إنتاج النفط بمقدار 548 ألف برميل يومياً خلال شهر أغسطس، متجاوزين بذلك الزيادة السابقة التي كانت تبلغ 411 ألف برميل يومياً في الأشهر الثلاثة السابقة، ويأتي هذا القرار في وقت تراقب فيه الأسواق رد فعلها تجاه التغيرات في العرض.
يقتضي القرار استعداد الأسواق لاستقبال هذه الكمية الإضافية من الإنتاج، لكن رغم ذلك، ما زالت هناك حالات من الشح الفعلي في الإمدادات، وهو ما ساهم في دفع الأسعار للارتفاع بدلاً من الانخفاض المتوقع، وفقاً لتحليل الخبراء والمصادر الميدانية.
تطور أسعار النفط خلال جلسة التداول
افتتح خام برنت الجلسة بتراجع إلى 67.22 دولار للبرميل، لكن الأسعار تعافت سريعاً ووصلت إلى 69.18 دولار للبرميل بحلول الساعة 13:20 بتوقيت جرينتش، مرتفعة بمقدار 88 سنتاً أو بنسبة 1.3%، أما خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي فقد ارتفع 60 سنتاً بما يعادل 0.9% إلى 67.60 دولار للبرميل بعد أن هبط سابقاً إلى 65.40 دولار، ويعكس هذا التقلب ثقة المستثمرين والضغوط المتبادلة بين العرض والطلب.
العوامل المؤثرة على سوق النفط
يرى جيوفاني ستاونوفو، المحلل لدى يو.بي.إس، أن السوق لا تزال تعاني من نقص في الإمدادات مما يقيّد قدرة السوق على امتصاص الزيادات الجديدة في الإنتاج، ويعتبر هذا العامل سبباً رئيسياً في استمرار ارتفاع الأسعار رغم قرار زيادة الإنتاج.
وبالمثل، يشير محللو آر.بي.سي كابيتال بقيادة هيليما كروفت إلى أن إلغاء ما يقرب من 80% من التخفيضات الطوعية، التي بلغت 2.2 مليون برميل يومياً من ثمانية منتجين في أوبك، يعني عودة كميات كبيرة من النفط إلى السوق، لكنه يؤكد أن الزيادة الفعلية في الإنتاج حتى الآن كانت أقل من المخطط لها، مع تركيز النسبة الأكبر من الإمدادات الجديدة على السعودية.
التوترات والرسوم الجمركية وتأثيرها على الأسعار
على الجانب الآخر، بقيت مخاوف المستثمرين قائمة بشأن احتمالية فرض رسوم جمركية أمريكية أعلى، التي يمكن أن تؤثر سلباً على النشاط الاقتصادي والطلب على النفط، رغم التصريحات الأخيرة من المسؤولين الأمريكيين عن احتمال تأجيل تطبيق هذه الرسوم دون الكشف عن تفاصيل دقيقة.
وتعليقاً على ذلك، ترى بريانكا ساشديفا، كبيرة المحللين في فيليب نوفا، أن هذه المخاوف تشكل السمة الأساسية لسوق النفط في النصف الثاني من عام 2025، مشيرة إلى أن ضعف الدولار هو الدعم الرئيسي والأساسي الذي يقيّم به سعر النفط في الوقت الحالي.
توقعات مستقبلية لإنتاج أوبك+
يتوقع محللو جولدمان ساكس أن تتجه أوبك+ للإعلان عن زيادة أخيرة مقدارها 550 ألف برميل يومياً لشهر سبتمبر خلال اجتماعها المقبل المحدد في الثالث من أغسطس، وهو ما يوضح عزم المجموعة على ضبط سوق النفط بطريقة تدريجية تتناسب مع تغيرات الطلب العالمي.
وفي سبيل تثبيت الثقة في الطلب، رفعت السعودية أسعار البيع الرسمية للخام العربي الخفيف لآسيا خلال أغسطس إلى أعلى مستوياتها منذ أربعة أشهر، في دلالة واضحة على التفاؤل بنمو السوق رغم كل التحديات.
ماذا يعني استمرار ارتفاع الأسعار رغم زيادة الإنتاج؟
عدم قدرة الزيادات الإنتاجية على تهدئة الأسعار يعكس حقيقة أن السوق مصابة بشح حقيقي في الإمدادات، وهو الأمر الذي يستدعي اهتماماً دقيقاً من المتعاملين والمستثمرين، خاصة وأن العوامل الجيوسياسية والاقتصادية لا تزال تلعب دوراً كبيراً في تحديد مسار الأسعار، ويجب مراقبة تطورات الرسوم الجمركية الأمريكية وتأثيرها المحتمل، إلى جانب استجابة أوبك+ والمتغيرات الأخرى كافة.
لقد بات واضحاً أن دعم الأسعار الحالي لا يرتبط فقط بكمية النفط المعروضة، بل يرتبط أيضاً بحجم المخاوف من تباطؤ الطلب، وتوازنات السوق الحساسة، مما يجعل فهم هذه المعادلات ضرورياً لكل من يتابع تحركات الطاقة عالمياً.
للاطلاع على المزيد من الأخبار والتحديثات حول سوق النفط والطاقة، يمكنكم متابعة موقع غاية السعودية الذي يوفر تحليل مستمر ومتخصص ضمن تغطيته الاقتصادية.

