بعد الهجوم الأخير على المنشآت النووية الإيرانية في 21 يونيو/حزيران 2025، تٌسرّع الولايات المتحدة عملية تطوير الجيل القادم من القنابل الخارقة للتحصينات (NGP)، لتعزيز قدرتها على مواجهة المنشآت المدفونة تحت الأرض.
جاء ذلك عقب الظهور الأول للقنبلة GBU-57 MOP في ميدان القتال، عندما اخترقت القاذفات الشبحية B-2 الأجواء الإيرانية وأطلقت 14 قنبلة من هذا الطراز على منشآت فوردو ونطنز النووية، حيث تمكنت من اختراق عمق يصل إلى 200 قدم قبل الانفجار، مسببة دمارًا كارثيًّا لأجهزة الطرد المركزي الحساسة داخل تلك المواقع.
عقد تطوير NGP
بعد ثلاثة أشهر فقط من العملية، منحت مديرية الذخائر التابعة لمركز إدارة دورة حياة القوات الجوية الأمريكية (AFLCMC) عقدًا لشركة أبلايد ريسيرش أسوشيتس (ARA) لتصميم نموذج أولي للقنبلة العملاقة الخارقة للتحصينات.
ويمتد العقد لعامين، ويشمل تطوير نموذج أولي، وإنتاج ذخائر تجريبية بالحجم الكامل، وتقييم قدرات الاختراق ضد أهداف صلبة ومدفونة بعمق، وهو ما يشكّل تحديًا للأمن القومي الأمريكي.
تتعاون وكالة ARA بشكل وثيق في هذا المشروع مع شركة بوينغ، المقاول الرئيسي المسؤول عن قنبلة GBU-57 MOP، حيث يشمل التعاون تصميم وبناء مجموعة الذيل الجديدة للقنبلة، إضافةً إلى تكاملها مع أنظمة الطائرات.
قدرات الطائرات الحاملة
في الوقت الراهن، تُعد قاذفة B-2 الطائرة الوحيدة القادرة على حمل القنابل العملاقة، حيث يمكنها نقل قنبلتين فقط في الرحلة الواحدة. ومع دخول قاذفة B-21 Raider مرحلة التطوير، سيُتاح لها حمل قنبلة واحدة من طراز NGP نظرًا لصغر حجمها مقارنةً بالـ B-2، الأمر الذي سيوسع نطاق استخدام هذه القنبلة ويمنح العمليات الجوية الأمريكية مرونة أكبر.
لتقدير قوة قنبلة NGP، لا بد أولًا من فهم خصائص القنبلة GBU-57 MOP، التي جرى تطويرها ضمن برنامج Big BLU منذ عام 2002، وتم تعزيز العمل عليها بعد غزو العراق عام 2003 إثر اكتشاف قصور الأسلحة المتاحة في مواجهة الأهداف المدفونة على أعماق كبيرة.
وقد دخلت هذه القنبلة الخدمة رسميًّا عام 2011، ويبلغ وزنها الإجمالي نحو 30 ألف رطل، فيما يتراوح وزن الرأس الحربي بين 2082 و2600 كغم، أي ما يعادل حوالي 20% من الوزن الكلي.
تتميز قنبلة MOP بنظام توجيه مزدوج يجمع بين GPS و INS، إضافةً إلى نسخ مطوّرة مزودة بفتيل متكيف قادر على كشف الفراغات داخل التحصينات لضمان تحقيق أقصى قدر من التدمير الداخلي.
اختراق أعماق الأرض
وبفضل هذه القدرات الفريدة، تُعد MOP السلاح الوحيد في العالم القادر على اختراق عمق يصل إلى 200 قدم قبل الانفجار، ما يجعلها مصممة خصيصًا للتعامل مع المنشآت النووية الإيرانية شديدة التحصين.
على الرغم من القوة التدميرية الهائلة لقنبلة MOP ضد المنشآت الإيرانية، إلا أنها لم تنجح في القضاء الكامل على البرنامج النووي الإيراني.
ومع تصاعد التهديدات من خصوم الولايات المتحدة مثل إيران وكوريا الشمالية والصين وروسيا، الذين يعتمدون بشكل متزايد على المنشآت المدفونة تحت الأرض، برزت الحاجة إلى تطوير قنبلة جديدة تتميز بكونها أخف وزنًا وأكثر تنوعًا، بحيث يمكن دمجها مع القاذفة B-21 Raider، وتكون قادرة على استهداف الملاجئ المحصنة، والمختبرات، والأنفاق، وكذلك المرافق العسكرية العميقة.
يركّز برنامج الجيل القادم NGP على تطوير رأس حربي خارق للتحصينات بعمر أطول وأداء أفضل من MOP ضد الأهداف الأعمق والأصعب، مع دقة استهداف لا يتجاوز هامش خطئها 2.2 متر حتى في بيئات ضعيفة أو خالية من GPS، إضافةً إلى دمج صمامات ذكية لاكتشاف الفراغات وتحسين التفجير الداخلي، مع إمكانية تزويده بمعززات صاروخية لزيادة مدى الهجوم وتقليل التعرض للدفاعات الجوية.
كما تم تخصيص ميزانية مبدئية تجاوزت 107 ملايين دولار لتطوير NGP، مع توقع استمرار التطوير والاختبارات حتى عام 2027.
ومع دخول NGP الخدمة، ستعزز الولايات المتحدة تفوقها العسكري بامتلاك أقوى قنبلة خارقة للتحصينات في العالم، تتفوق على GBU-57 MOP في الاختراق والدقة، مانحةً سلاح الجو قدرة استراتيجية على توجيه ضربات دقيقة وفتاكة ضد أكثر الأهداف تحصينًا.
وترسخ القنبلة هيمنته في مواجهة التهديدات المستقبلية والمنشآت تحت الأرض، بما يضمن استمرار التفوق الأمريكي في ساحة الفضاء الجوي العالمي.

