قالت مبادرة “صحح مفاهيمك”، إن السياحة تُعد أحد أهم القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فى العصر الحديث، فهى ليست مجرد نشاط ترفيهى للسياح، بل وسيلة لتعزيز التبادل الثقافى، ودعم الاقتصاد الوطنى، وتوفير فرص عمل للمجتمعات المحلية، وتحرص الدول كافة على تحسين بيئة السياحة وتطوير خدماتها حتى تقدم تجربة إيجابية للزوار.
مفهوم الظاهرة وأهميتها والإحصائيات المتعلقة بها
1. تعريف الظاهرة:
التعامل غير اللائق مع السياح هو القيام بتصرفات أو أقوال تسيء إلى الزائر، سواءً عن قصد أو بدون قصد، مثل ضعف الاهتمام بتقديم الخدمة، أو سوء الفهم، أو قلة الوعى بالاختلاف الثقافى، ومن الممكن أن تكون هذه حوادث فردية نادرة ولكنها تعكس صورة ليست طيبة عند بعض السائحين.
2. أهمية الظاهرة:
السياحة من أهم روافد الاقتصاد الوطني، وأى تصرف غير لائق قد يقلل من فرص عودة السائح مجددًا.
حسن المعاملة يعزز من سمعة المجتمع والثقة به ويجعله وجهة مفضلة للسائحين، ويعلى من شأن القيم المجتمعية أمام السائحين.
الظاهرة تهم الجميع لأنها تعكس صورة البلد أمام العالم وترفع من شأن الاقتصاد وتشغيل العمالة والقضاء على البطالة وتعزيز التعاون بين البلاد والمجتمعات الدولية.
3. الإحصائيات:
أشارت منظمة السياحة العالمية [2022] إلى أن نحو 18% من السياح عالميًا أفادوا بأنهم واجهوا مواقف غير مرضية فى بعض الوجهات التى سافروا إليها.
دراسة عربية [مركز دراسات السياحة العربى، 2021] أوضحت أن 35% من السياح الذين تعرضوا لمشكلات فى التواصل أو تقديم الخدمة لن يكرروا الزيارة.
قال الإمام الغزالي: “الناس شركاء فى النفع، فكل من منع نفعًا أو أضر بغيره فقد خالف المقصد”. [إحياء علوم الدين].
ملامح الظاهرة
نقص الوعى الثقافي: بعض العاملين أو الأفراد لا يدركون الفروق الثقافية بين السياح والمجتمع المضيف مما قد يؤدى إلى مواقف غير مريحة.
ضعف مهارات التواصل: قد يواجه السياح صعوبات فى اللغة أو عدم وضوح المعلومات أثناء طلب الخدمة.
سوء الفهم: أحيانًا تحدث مواقف غير لائقة نتيجة سوء فهم بسيط بين السائح والمضيف.
قلة الخبرة فى تقديم الخدمة: بعض العاملين يحتاجون إلى تدريب أعمق فى التعامل مع الزوار من ثقافات مختلفة.
ممارسات فردية غير مدروسة: مثل التدخل فى خصوصيات السائح أو عدم احترام عاداته.
قال الإمام القشيري: “الأدب مع الخلق باب الأدب مع الحق” [الرسالة القشيرية]، وهو ما يعكس أهمية الالتزام بالذوق واللطف فى التعامل مع السياح.
أسباب الظاهرة
– الحاجة إلى تدريب وتأهيل أوسع: بعض مقدمى الخدمات السياحية لم يحصلوا على التدريب الكافى فى مهارات الضيافة.
– غياب ثقافة السياحة: قد يجهل البعض أثر السياحة الاقتصادى والاجتماعى الكبير على المجتمع.
– الضغط أو الإرهاق الوظيفي: ظروف العمل الشاقة قد تؤثر على مستوى التعامل الإيجابى مع السياح.
– قلة الموارد فى بعض المؤسسات السياحية: ما يؤدى إلى ضعف القدرة على تقديم الخدمة بأعلى جودة.
ضعف التوعية بأهمية احترام التنوع الثقافي: عدم معرفة العادات المختلفة قد يخلق سوء فهم لدى السائحين.
قال الإمام الجنيد: “المروءة حسن الخلق وبذل المعروف” [الرسالة القشيرية].
الرأى الشرعى والأخلاقى
القرآن الكريم:
– قال تعالى: {وَأَحۡسِنُوٓاْۚ أن ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} [البقرة: ١٩٥].
– وقال تعالى: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسۡنٗا} [البقرة: ٨٣].
السنة النبوية:
– قال النبى صلى الله عليه وسلم: «مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ» [البخارى ٦٠١٨].
– وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن غَشَّ فليسَ مِنِّي» [مسلم 102].
أقوال العلماء:
– قال الإمام الغزالي: “الضيف حقه الإكرام، ومن أهانه فقد أفسد قلبه وقلب الناس” [إحياء علوم الدين].
– قال الإمام الحسن البصري: “من حُسن إسلام المرء أن يكرم ضيفه وأن لا يؤذيه” [حلية الأولياء].
– قال الإمام القشيري: “من جفا الناس جفاه الله، ومن أحسن إليهم أحسن الله إليه” [الرسالة القشيرية].
وزارة الأوقاف المصرية: “حماية السائح وتأمينه وحسن معاملته واجب شرعى ووطنى، وتأشيرة دخول السائح عقد أمان لنفسه وعرضه وماله، ومصرنا العزيزة تملك تاريخًا حضاريًا فريدًا مشرفًا، ويجب أن نرسم الصورة الذهنية التى تليق بتاريخنا الحضارى، كما يجب أن نترجم أخلاق ديننا إلى واقع ملموس فى معاملة السائحين”.
دار الإفتاء المصرية: أكدت دار الإفتاء المصرية أن إيذاء السائح أو استغلاله محرم شرعًا، وجاء فى بيانها الرسمى (2020): “السائح ضيف فى بلدك، والضيف حقه الإكرام شرعًا، وكل صور الغش أو الاستغلال له من الكبائر التى حذرت منها الشريعة الإسلامية، كما شددت الدار على أن حسن معاملة السائحين يعكس صورة الدين الإسلامى السمحة ويترك أثرًا إيجابيًا فى نفوسهم”.
الحلول والمعالجة
– التدريب والتأهيل: وضع برامج تدريبية شاملة لمقدمى الخدمات السياحية فى التواصل والضيافة.
– حملات توعية: توضيح الأثر الاقتصادى والاجتماعى للسياحة على المجتمع من خلال الإعلام والمدارس.
– تطوير البنية السياحية: توفير مراكز معلومات ومترجمين لتقليل فرص سوء الفهم.
– إشراك المجتمع: تنظيم فعاليات محلية يشارك فيها المواطنون للتقرب من السياح بطريقة حضارية.
– التعزيز الإيجابي: تكريم النماذج المتميزة فى حسن معاملة السياح.
– قال الإمام الغزالي: “المؤمن يُعرف بأخلاقه قبل أقواله” [إحياء علوم الدين].
التوصيات الإيجابية للتعامل اللائق مع السياح
التعامل اللائق مع السياح واجب دينى وأخلاقى قبل أن يكون واجبًا وطنيًا، فالزائر يكوّن انطباعاته عن البلد من خلال تعاملات بسيطة قد تبدو غير مهمة للبعض لكنها تحدد سلوكه فى المستقبل.
التوصيات:
– تعزيز ثقافة السياحة فى المناهج التعليمية والإعلام.
– تفعيل دور التدريب المتخصص للعاملين فى قطاع السياحة.
– وضع معايير جودة واضحة للخدمات السياحية.
– تشجيع المجتمع على الإسهام الإيجابى فى تحسين صورة البلد.
– قال الإمام الحسن البصري: “إن الله جعل الناس مفاتيح للخير، فطوبى لمن كان مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر” [حلية الأولياء].
