حسام عطية
أعلن وزير الثقافة مصطفى الرواشدة، عن قرب الانتهاء من إنتاج فيلم وثائقي حول معركة حد الدقيق، تلك المعركة التاريخية التي أشار إليها جلالة الملك وسمو ولي العهد خلال زيارتهما لمحافظة الطفيلة، وأن الفيلم سيصدر خلال الأسبوع المقبل أو الذي يليه، تخليدا لدور أبناء الطفيلة في استقلال الأردن وتحرره.
ويعتبر هذا الإنتاج الفني فيلماً وثائقياً جديداً بالصوت والصورة بعنوان (حدّ الدقيق)، يروي وقائع المعركة التاريخية التي خاضها أبناء الطفيلة ضد الجيش العثماني زمن الثورة العربية الكبرى، في ملحمة وطنية خالدة جسدت شجاعة الأردنيين وانتماءهم للثورة وقيادتها الهاشمية، فيما أن الفيلم الذي كتب نصَّه الأديب محمود الزيودي، وأخرجه علاء ربابعة، جاء بإشراف عام من مدير ثقافة الطفيلة، وأن هذا العمل التوثيقي يأتي ضمن جهود المديرية في إحياء الذاكرة الوطنية وتخليد بطولات أبناء المحافظة الذين سطروا مواقف مشرفة في صفحات التاريخ الأردني الحديث، ويقدّم الفيلم مشاهد درامية ووثائقية تعيد سرد تفاصيل المعركة، ومواقعها الجغرافية في جبال الطفيلة، وقلعة الطفيلة، وسرايا الباشا العوران، وموقع المعركة حد الدقيق.
وفي اليوم من عام 1918 ، وقعت معركة حد الدقيق في الطفيلة بين قوات عربية والدولة العثمانية، وهذه المعركة واحدة من أبرز معارك الثورة العربية الكبرى. بعد تحرير العقبة من الحكم العثماني في منتصف عام 1917 ، بدأت قوات الثورة تخطط للتقدم نحو الشمال حتى تتمكن من قطع خطوط الإمداد العثمانية، كانت حامية الطفيلة تتألف من ( 150 ) جندياً و ضابطاً تركيا ، ولكن موقف الحامية كان مرهونا بموقف أهل البلدة وجرت مفاوضات مع قائد الحامية ويدعى زكي الحلبي ويحدث الضابط صبحي العمري عن ذلك قائلا : « وأخيرا قرر قائد الحامية الاستسلام، وهكذا دخلنا الطفيلة دون قتال يوم (15 ) كانون الثاني 1918م، وفي يوم (16) كانون الثاني وصل الطفيلة الأمير زيد وبمعيته القائد جعفر العسكري وبرفقتهما سرية مشاة ومدفع جبلي، ويضيف سليمان الموسى القول : « وهكذا نرى أن الثورة امتدت إلى الطفيلة عن طريق أهلها ورغبتهم في ذلك، ولو صمم أهل الطفيلة على المقاومة وتعاونوا مع الحامية التركية لغدت مهمة قادة الثورة عسيرة للغاية، كما أن القوة التي كانت مع الشريف ناصر لم تكن لتستطيع دخول البلدة عنوة واقتداراً. . . وقد انضم أهل الطفيلة بأسرهم إلى الشريف . . وكان ذياب العوران قد كتب للأمير فيصل يبلغه باستعداده لتسليم الطفيلة إلى أول واحد من الأشراف يصل إليها، هذا وقد بادر الأمير زيد فعيّن زكي الحلبي حاكماً إداريا للطفيلة.
وفي الـ 25 من كانون الثاني من عام 1918 تصدّى أبطال الطفيلة لقوى الاحتلال العثماني في واحدة من أكثر المعارك إلهاما وإصرارا على الحرية والاستقلال، لتؤرخ لصرخة حق صدحت بوجه الظلم ولشعلة أمل أشعلها أبناء الطفيلة بمسيرة الثورة العربية الكبرى، أطلق عليها معركة «حد الدقيق» نسبة لسهل حد الدقيق الواقع في منطقة العيص بأراضي الطفيلة، فيما انتصر جيش الثورة العربية الكبرى في «حد الدقيق» على الاحتلال العثماني في واحدة من أقوى المعارك التي حملت رمزية وطنية عميقة جسدت تلاحم الشعب الأردني في مواجهة الظلم والاستبداد حيث شارك أهالي الطفيلة بهزيمة الأتراك آنذاك واستشهد عدد منهم، ولا تزال أسماء شهداء الطفيلة محفورة بصرح تذكاري في المحافظة.
ونوه الرواشدة بأن المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني التقطت رؤية سمو ولي العهد، وأصبحت معنية ببدء العمل الفعلي على مشروع يدوّن قصة الوطن منذ 2.5 مليون سنة وحتى يومنا هذا، بطريقة حديثة تخاطب الشباب وتوثّق ذاكرة الدولة للأجيال المقبلة، وأن مشروع السردية الوطنية هو مشروع وطني يسرد «قصة الأردن» بأسلوب جديد، وأن السردية الوطنية ستعتمد أساليب جاذبة بصريا ومعلوماتيا، قد تشمل الصور والأفلام، بأسلوب تحرير حديث يعرض الأردن للعالم بصورة معاصرة وموحدة، وأن الدعوة التي أطلقها سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني لإعداد سردية وطنية شاملة تمثل مشروعا وطنيا «غير تقليدي»، يستهدف صياغة رواية الأردن عبر التاريخ بأسلوب عصري ينسجم مع التطور التكنولوجي ويفتح المجال أمام مشاركة الأجيال الشابة.
بيّن الرواشدة أن المادة التاريخية الأردنية متوافرة في المكتبات الوطنية، إلا أن المشروع الجديد يتجاوز التوثيق التقليدي نحو إعداد رواية وطنية متكاملة تبرز تاريخ الأردن، مواقعه، آثاره، أحداثه، وتحولاته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وكشف الرواشدة أن «الوزارة تمتلك اليوم منصات خاصة لاستقبال الوثائق والمعلومات التاريخية، وستطلق الأسبوع المقبل منصة تراثية وطنية تتيح لكل مواطن توثيق ما يملكه من معلومات أو صور أو مواد أرشيفية تتعلق بالأردن»، وأن إعداد السردية الوطنية سيجري «عبر لجان مختصة» من خبراء اللغة والتحرير والتاريخ، ضمن فريق عمل واسع.
وشدد الوزير على أن الشباب هم محور رؤية سمو ولي العهد، موضحا أن صياغة السردية يجب أن تحاكي اهتماماتهم وطرائق تفكيرهم، ما يجعل مشاركتهم جزءا أصيلا من المشروع، ومؤكدا إمكانية عقد لقاءات موسعة مع الشباب في مختلف المحافظات لإتاحة المجال أمامهم لتقديم مقترحاتهم ورؤيتهم حول شكل السردية وأولوياتها.
شهداء وجرحى
وشهداء معركة حد الدقيق: عبد العزيز مسيف الجرابعة، بنيه الشبيلات، سليمان محمد الخريسات، إبراهيم أحمد الكريري، جدوع سلامة العطيوي، خلف الفراهيد، أحمد محمود العوران، محمد حرب الخطبا، علي فتاح الخطبا، محمد مطلق الشمسات، سمور عبدالله المرافي، خليل الهضيبي المرافي، خلف السفاسفة، محمد عودة الله الرفوع، مرزوق نصير الرعود، عيد محمد المسيعديين، سليم ربيع السعود، مسلم عيد الخصبة، عودة سلامة العرضان، حسن بن عودة الليثي، فرهود المرافي، مسلم العوابدة، علي جديع الخصبة، محمد شلوش الخوالدة، مسلم عيسى الحراسيس، سالم إبراهيم الحراسيس، علي سعيد العكايلة، جلال أبو هويمل، جلال أبو جفين، قاسم الجذوان، اشتيوي العوامرة الحراسيس، عطي الشبطات، حسن اشتيوي العويضات، حسين القيسي البحارات، دخل الله العكايلة، فاطمة بنت ضيف الله العمايرة، صبحة العمايرة وصبحية حجاج البارات، وأما الجرحى في معركة حد الدقيق فهم: عيد الحوامدة، صالح المحاسنة، جريد سلامة الحراسيس، سالم الداودية، محمد عبد القادر الزيدانيين، سالم عودة المزايدة، محارب مطلق عيال سلمان، قبلان الشبطات، محمد خلف النعانعة، خليل العمارين الزيادين، عبد الله حمود القناهرة، شيحة القليلات الزيادين، ثريا بنت خميس الدلابيح، وحسن بنت عبد الغني.
جميع الحقوق محفوظة.
لا يجوز استخدام أي مادة من مواد هذا الموقع أو نسخها أو إعادة نشرها أو نقلها كليا أو جزئيا دون الحصول على إذن خطي من الناشر تحت طائلة المسائلة القانونية.



