«الفن حياة».. سلسلة سردية تسلط الضوء على حياة فنانين مصريين، يختلط فيها الحكى الإنسانى بالفن، نرسم بها ملامح عن هؤلاء المبدعين، نتعرف على جانب لا نراه من قصة إبداعهم، نحتاجها اليوم فى واقع يلزمنا فيه البحث عن الجمال والإنسانية، مروية مصرية عن فنانين فى الرسم والنحت والكاريكاتير والتصوير الفوتوغرافى والعمارة وغيرها من الفنون التى تحمل تراثنا وهويتنا وتعزز ذاكرتنا الجمعية الوطنية.
بدأت علاقته بالفن فى الصف الثانى الثانوى، هوى ابن مركز «مطوبس» بمحافظة «كفرالشيخ» الرسم، جرب أدوات كثيرة مثل الشاى والعسل والكركديه لكنه بحث عما يميزه عن غيره من الفنانين فاتجه للرسم بالنار كأول من يقدم هذا النوع فى مصر طبقًا لـ«أكاديمية البحث العلمى» فى القاهرة.
ورغم عمله الحالى مدرس «دراسات»، قرر صاحب الـ٢٥ عامًا صنع قلم نار يعمل بالكهرباء لتنفيذ لوحاته، ويتعلم الآن «الخط العربى» لرسم آيات قرآنية، كما يسعى لعمل أكاديمية خاصة لتعليم هذا الفن للمزيد من الهواة إذ كان يومًا ما واحدًا منهم.
يطمح «إبراهيم أبومبارك» الملقب بـ«رسام النار» لدخول موسوعة «جينيس» بأكبر لوحة من النار، ويحلم بتنظيم معرض خاص، ويجدد فنه كل يوم بتحدّ جديد يضعه أمام نفسه فى حجرته الخاصة التى يرسم فيها.
وعن بداية علاقته بالفن، يقول إبراهيم أبومبارك فى حواره مع «المصرى اليوم»: «فى ثانية ثانوى كنت بجرب رسومات عادية، ومرة مع مرة بدأت أحب الرسم، ولقيت فى تطور، بدأت أتابع رسامين على السوشيال ميديا، بقيت أعمل رسومات أصعب، لحد ما احترفت الرسم بالرصاص والفحم».
أما عن سبب اتجاهه للرسم بالنار، فيواصل «أبومبارك»: «حبيت أدخل فى حاجات جديدة، حاجات محدش رسم بيها قبل كده، فبدأت أرسم بالشاى والعسل والأقلام، إنك ترسم بحاجة مختلفة أحسن بكتير من إنك ترسم بحاجة طبيعية، بتبقى معروفة وغير مدهشة، بدأت أرسم بـ(كركديه) وغيره».
لم يكن الرسم بالنار شيئًا جديدًا قبل إبراهيم أبومبارك، لكن الفكرة كانت قائمة على الرسم بالنار على الجلد أو الخشب، أما هو فقرر الرسم على الورق للمرة الأولى، يوضح «أبومبارك»: «الرسم بالنار كفكرة كانت موجودة على الخشب والجلد، لكن أنا حبيت أرسم على الورق رغم صعوبته لأنه كخامة خفيف».
فى البداية واجه «أبومبارك» صعوبات كثيرة، يلخصها قائلًا: «مكنش فى حد قبلى يقولى أعمل إيه، وكان الورق أحيانًا بيتحرق، الدخان كمان بيأثر عليا فبلبس كمامة أغلب الوقت، كمان ممكن أحرق إيدى، والرسم بالنار على الورق أى غلطة فيه بتحرق الورق فبالتالى برجع أعيد اللوحة من الأول».
بعض من أعمال إبراهيم أبومبارك
بعض من أعمال إبراهيم أبومبارك
بعض من أعمال إبراهيم أبومبارك
بعض من أعمال إبراهيم أبومبارك
بعض من أعمال إبراهيم أبومبارك
إبراهيم أبومبارك
بعض من أعمال إبراهيم أبومبارك
بعض من أعمال إبراهيم أبومبارك
بعض من أعمال إبراهيم أبومبارك
عمل «أبومبارك» على صناعة «قلم بيشتغل بالكهرباء، خلاص قررت إنى عاوز أرسم بالنار ففكرت هعمل ده إزاى، نفذت فكرة القلم وبشحنه بالكهرباء عشان يطلع نار بمقدار معين، بحيث ميتحرقش الورق وبرضه أقدر أرسم بيه».
قدم صاحب الـ٢٥ عامًا براءة اختراع بالرسم بالنار على الورق فى أكاديمية البحث العلمى بالقاهرة كأول من مارس هذا النوع من الفن فى مصر، وينتظر رد الأكاديمية فى كونه الأول على مستوى الشرق الأوسط أم لا.
لم يكتف ابن مركز «مطوبس» بمحافظة «كفرالشيخ»، بكونه رسام النار الأول فى مصر، لكنه بدأ فى تحدّ جديد: «بدأت أعمل رسومات ثرى دى، وأعمل خط للوحة، آخر تجاربى رسم آية قرآنية كاملة»، وما زال يواصل الرسم بطرق أخرى مثل «النحت على الفواكه».
يرسم «فنان النار» لوحات مختلفة من النار سواء كانت لطبيعة أو أشخاص، كما رسم أيضًا ببرى الأقلام والشاى والعسل لوحتين لكوكب الشرق أم كلثوم، إضافة إلى رسومات أخرى بالحبوب والقهوة لشخصيات فنية مختلفة وغير فنية، كما رسم بالرصاص فى بدايته، الشيخ الشعراوى والفنان أحمد حلمى وزوجته الفنانة منى زكى والمطرب بهاء سلطان.
كذلك لم تتوقف مواهب «أبومبارك» أمام الرسم، فقد صدر له كتاب «رسام النار» بمعرض القاهرة الدولى ٢٠٢٤، وهو عبارة عن ٦١ خاطرة يومية، يكشف «أبومبارك» تفاصيل كتابه: «عبارة عن أحداث مريت بيها وعشان كده سميته بنفس لقبى، لأنه خواطر يومية مستنبطة من مواقف حقيقية عيشتها، وبكتب فى كل يوم خاطرة مختصرة جدًّا فى جملتين عن اللى تعلمته من موقف ما»، كما شارك الفنان الشاب أيضًا بـ٥ خواطر فى كتاب آخر بعنوان «عالم دون توقف» بصحبة كتاب آخرين.
يحاول «أبومبارك» دائما إيصال فكرة ما بلوحاته، فعلى سبيل المثال فى لوحة «فلسطين»، يشرح: «رسمت علم فلسطين بالنار، وأطراف اللوحة متولع فيها لكن كلمة فلسطين نفسها كاملة، بحيث أقول إنه مهما تتآكل حدود الدولة فسوف تظل فلسطين كاملة، وأن ما يحدث الآن فيها لن يؤثر على حق فلسطين فى كامل أرضها».
أما عما يمثله الرسم بالنسبة لـ«أبومبارك»، فيقول: «الرسم بالنسبة لى هو رقم واحد موهبة، رقم اثنين هواية زى اللى بيمارس رياضة معينة بيحس بانبساط لما يجرى، أنا بحس براحة نفسية وبطلع فيه أى اكتئاب ممكن أشعر بيه».
لا يمتلك الفنان الشاب مرسمًا خاصًّا به، لكنه يخصص حجرة فى منزله للرسم، أما عن عدد الساعات التى يقضيها فى اللوحة الواحدة فأقصى ما يمكن للوحة أن تستغرقه لا يتجاوز ٦ ساعات متقطعة.
ورغم حبه الشديد للرسم بالنار، يرغب «أبومبارك» فى الرسم بالزيت، يعلق ضاحكًا «نفسى أجرب فيه أكثر، ممتع جدًّا، وأنت ماسك الفرشة كده تحس إنك ليوناردو دافنشى أو فان جوخ».
يحلم «أبومبارك» بعمل أكاديمية خاصة بتعليم الرسم بالنار، يستطرد «أحب أعلم الناس اللى مهتمة بالفن ده»، كما يطمح لتحدى نفسه ويعمل الآن على تعلم فن «الخط العربى» حتى يستطيع رسم الكثير من الآيات القرآنية بالنار، ويأمل فى أن تُستخدم لوحاته كزخرفة يقتنيها الناس فى المنازل.
