في خطوة لافتة تعكس حساسية الوضع الأمني في السودان، أصدرت قوات درع السودان يوم السبت الموافق 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 بياناً دعت فيه وسائل الإعلام إلى تحري الدقة والاعتماد على المصادر الموثوقة عند تناول أخبارها. وأكد البيان التزام القوات بالتعاون الكامل مع جميع مكونات القوات النظامية، مشدداً على أن أي محاولة لتشويه سمعتها ستواجه بإجراءات قانونية صارمة، في إطار الحفاظ على صورتها أمام الرأي العام.
أوضح البيان أن المشكلة التي نشبت بين عناصر قوات درع السودان وأفراد من الاستخبارات العسكرية تعود إلى توجه ضباط من درع السودان برفقة عناصر مدنية غير مسلحة ولا ترتدي الزي العسكري إلى مستشفى ودمدني للتبرع بالدم لمريض في حالة حرجة. وأشار إلى أن قائد القوة أبرز هويته لطاقم الحراسة عند بوابة المستشفى وشرح الغرض من الحضور، إلا أن سوء تقدير من جانب الحراس أدى إلى مشادة كلامية وملاسنات تطورت لاحقاً إلى اشتباك محدود بالأيدي.
أكد البيان أن الاشتباك الذي وقع عند بوابة المستشفى استدعى تدخل الشرطة العسكرية التابعة للفرقة الأولى، والتي حضرت في الوقت المناسب وتمكنت من احتواء الموقف بالحكمة، ما حال دون تفاقم الأزمة. وأوضح أن هذه الحادثة جاءت نتيجة سوء فهم، وليست انعكاساً لخلافات جوهرية بين القوات النظامية وقوات درع السودان.
في آب/أغسطس 2025، أصدر قائد الجيش السوداني مرسوماً يقضي بوضع جميع القوات المتحالفة مع الجيش خلال الحرب ضد قوات الدعم السريع تحت إمرة وقانون القوات المسلحة. وجاء هذا القرار بهدف ضبط الانتشار العسكري في المدن وتنظيم العلاقة بين القوات النظامية والمجموعات المسلحة التي شاركت في العمليات القتالية.
أثارت الأزمة بين قوات درع السودان وبعض المدنيين في ولاية الجزيرة ووسط البلاد مخاوف واسعة لدى العاملين في مجال حقوق الإنسان، الذين حذروا من تكرار الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في السنوات الماضية. وتقاتل مليشيات وجماعات مسلحة إلى جانب الجيش ضد قوات الدعم السريع، دون وجود خطة واضحة لدمجها في الجيش الوطني أو تسريحها، فيما تطالب بعض هذه المجموعات بمواقع في السلطة مقابل مشاركتها في الحرب.
قائد قوات درع السودان، أبو عاقلة كيكل، الذي كان قد تحالف مع قوات الدعم السريع في آب/أغسطس 2023 قبل أن يعود إلى صفوف الجيش في تشرين الأول/أكتوبر 2024، أكد أن قواته تعمل حالياً تحت إمرة وقانون الجيش السوداني. ويأتي هذا التصريح في ظل الجدل المستمر حول دور هذه القوات ومدى التزامها بالقانون.
رغم إعلان كيكل عن انضمامه مجدداً إلى الجيش، وجهت شبكة نساء القرن الأفريقي “صيحة” اتهامات له، محملة إياه مسؤولية الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت بحق المدنيين في ولاية الجزيرة خلال فترة سيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة في تموز/يوليو 2024، حيث كان يشغل منصب قائد تلك القوات في الولاية آنذاك.
عقب انشقاق كيكل عن قوات الدعم السريع في تشرين الأول/أكتوبر 2024، نفذت “قوات دقلو” سلسلة من الهجمات وصفتها جهات حقوقية ولجان مقاومة ومراصد محلية بأنها انتقامية، استهدفت سكان شرق ولاية الجزيرة. ومن أبرز هذه الهجمات مجزرة قرية السريحة التي أسفرت عن مقتل أكثر من مائة مواطن في يوم واحد، وفقاً لتقارير محلية.
منذ ظهورها في عام 2022، تدير قوات درع السودان شبكة واسعة من المكاتب في معظم الولايات السودانية، لا سيما في شرق ووسط البلاد. وتضم هذه القوات مركبات عسكرية مزودة بأسلحة ثقيلة ومدافع مثبتة على شاحنات، ما يعكس حجم انتشارها الميداني وقدراتها القتالية.
خلال الفترة الممتدة بين كانون الثاني/يناير وآذار/مارس 2025، شاركت قوات درع السودان في العمليات العسكرية التي نفذتها القوات المسلحة السودانية لاستعادة السيطرة على ولاية الجزيرة ومحلية شرق النيل في العاصمة الخرطوم. وتأتي هذه المشاركة ضمن إطار التحالف العسكري الذي تشكل خلال الحرب ضد قوات الدعم السريع.

