قبل أن تبصر التعيينات الامنية التي اقرت اليوم في مجلس الوزراء النور، كانت حملات التشويش قد سبقتها، قد يكون الامر مقصودا كالعادة في لبنان، من قبل بعض الاطراف المتضررة.
لكن بعيدا عن الكلام الذي سمعناه عن محاصصة من هنا وتقاسم نفوذ من هناك، فان المُعيَنين يتمتعون بسيرة ذاتية وكفاءة تخولهم تولي المناصب الامنية الشاغرة، ولعل الابرز تعيين العميد حسن شقير مديرا عاما للامن العام بعد ترفيعه إلى رتبة لواء، في ضوء التجاذب الذي حصل في الايام الاخيرة.
فكل من يعرف اللواء شقير يدرك ان ولاءه للوطن ثم للمؤسسة العسكرية هو الاولوية، فحيثما وجد يبذل كل ما لديه من جهد من اجل التقدم، فكانت له العديد من البصمات الايجابية على المستويين الداخلي اللبناني او في الخارج.
فهو تسلم منصب نائب مدير عام امن الدولة في فترة حساسة جدا منذ آذار العام 2022 ، وتولى العديد من الملفات الأمنية الحساسة التي تتطلب مستوى عالٍ من الكفاءة والثقة خصوصا تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتجسس، ونجح في اقامة افضل تنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية من اجل النجاح في هذه المهمات.
في الموازاة، عمل على العديد من الملفات الخارجية، ولعل ابرزها التواصل والتعاون مع العراق من اجل تأمين الفيول لصالح مؤسسة كهرباء لبنان لا سيما بعدما عانى لبنان من ظلمة شبه تامة. فمعظم اللبنانيين لا يعرفون انه كان وراء ساعات تأمين التيار الكهربائي في السنتين الاخيرتين، بعدما نجح في اقناع العراقيين بالمساعدة في هذا المجال.
علما ان رئيس الحكومة نواف سلام كان قد كلفه في شباط الفائت بالقيام بزيارة رسمية إلى بغداد حيث نجح في تأكيد استمرار العراق في دعم لبنان، سياسياً ولوجستياً، خاصة في الشق المتعلق بتزويده بالمحروقات لزوم انتاج الكهرباء. فقريبا ستطلق منصة التبادل التجاري والعقد الجديد لتزويد لبنان بالفيول للسنة الرابعة على التوالي.
وهو بالتالي وضع الامور على السكة الصحيحة وعاد من العراق حاملا دعوة الى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون لزيارة بغداد، وفي المعلومات انه حين ستتم تلبيتها سيُعلن عن مفاجأة سارة للبنان في مجال النفط، لا سيما وان العراق سيتحرر قريبا من العقوبات التي كانت مفروضة عليه، الامر الذي لا بد ان ينعكس على التعاون الاقتصادي المثمر مع لبنان.
سينتقل اللواء شقير من مكتبه في مديرية امن الدولة الى المديرية العامة للأمن العام، حاملا معه الكثير من الذكريات، لينقلها معه الى مكتبه الجديد، على غرار ما فعل حين انتقل من الجيش الى امن الدولة، فكل من كان يزوره في مكتبه كان يلاحظ ان شعرات الجيش اللبناني موجودة في كل زاوية، وهذا خير دليل على الولاء، وعدم رمي حجر في البئر التي شرب منها، وهذا ما سيفعله في المرحلة المقلبة، فكل من عرفه يدرك انه سيحمل معه الى الامن العام الكثير من الخبرات المتراكمة، وسيكون هدفه الاول والاخير الانجاز والتقدم وتحقيق ما يرغب به اللبنانيون كافة.
“أعمل للعلم اللبناني وليس لأُسوق لنفسي”، هذا هو الشعار الذي يردده عندما يُسأل عن عمله المستمر بعيدا من الاضواء، فما يهمه هو الانجاز، وفي هذا المجال، بابه لطالما كان مفتوحا لكافة ضباط المديرية من اجل معالجة كل طارئ على وجه السرعة…
شقير الشيعي الجنوبي، هو اولا واخيرا لبناني الهوى، عانى في الفترة الاخيرة مما عاناه كل ابناء الوطن وتحديدا الجنوب، فالقصف الذي طال بلدته ميس الجبل لم يرحم منزل العائلة الذي بناه والده مدماكا وراء مدماك منذ العام 1975، واكمل البناء مع شقيقه، الى ان اتت الحرب وقضت على كل شيء حتى “شجرة الصنوبر التي كان يجلس تحتها”… ولكن لا بكاء على الاطلال، فالنية هي اعادة الاعمار وعدم العودة الى الوراء…
ليس فقط الضباط والموظفون سيفتقدونه في امن الدولة، بل ايضا اليمامات التي كان يطعمها يوميا عند وصوله الى المديرية… ولكن في المقابل مسارا جديدا سيبدأ في الامن العام لن يختلف عن الاسس والمبادئ التي نشأ عليها.