تحذير: يقوم هذا النص بالتحقق من مدى صحة الوقائع المشار إليها عبر فحص الصور ومقاطع الفيديو التي تصور عنفاً مسلحاً وعمليات قتل.
شهدتسوريا مؤخراً واحدة من الحلقات الدموية في الصراع المستمر منذ 14 عاماً . ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقراً له، فقد قُتل 973 مدنياً على الأقل في أكثر من 20 موقعاً في محافظات اللاذقية وطرطوس وحماة. وأشار المرصد إلى أن معظم المدنيين الذين قتلوا كانوا من الأقلية الدينية العلوية في البلاد.
واندلعت أعمال العنف بعد أن نصبت عناصر موالية لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد كميناً لدورية أمنية سورية الأسبوع الماضي، وأدى ذلك إلى اشتباكات عنيفة وسلسلة من عمليات القتل الانتقامية التي استهدفت بشكل رئيسي الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد لكن تقارير صحفية مختلفة أفادت أيضاً بمقتل مدنيين من طوائف أخرى.
وفي مثل هذه الأوقات شديدة التوتر والتي تحفل بالكثير من الأخبار العاجلة، يتم نشر العديد من مقاطع الفيديو والصور على شبكة الإنترنت وخصوصاً تلك المؤثرة منها.
وفي حين أن بعضها يُظهر فظائع وقعت بالفعل في سوريا، إلا أن هناك عدد آخر منها مزيف أو يتم تبادله بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من دون أي تدقيق أو في سياق خاطئ. فريق التحقق من صحة المعلومات في DW قام بالبحث في ثلاثة ادعاءات منتشرة بشدة.
صورة تظهر مسيحيين يتم صلبهم؟
الادعاء: “الجهاديون الإسلاميون يصلبون المسيحيين في سوريا بينما يحتفل الفاتيكان وبعض الكرادلة برمضان”، هذا ما جاء في منشور انتشر على موقع إكس X، مرفقًا بصورة تُظهر المشهد المزعوم. وتكرر هذا الادعاء عدة منشورات ومقالات إلكترونية.
دويتشه فيله تتحقق: خطأ
الصورة لقطة شاشة من فيديو قديم، ولا علاقة لها بالأحداث الجارية في سوريا. في الفيديو، يمكن رؤية الشخص الذي يقف خلف الرجل الموضوع على الصليب وهو يطلق النار على رأسه. لم نضف الرابط هنا لأن المشهد شديد القسوة والوحشية. يُظهر بحث عكسي سريع للصور أن الفيديو يعود إلى عام 2017 على الأقل. لم نتمكن من التحقق من مكان وقوع هذه المشاهد الوحشية بالضبط.
بالعودة إلى الأحداث الجارية في سوريا، انتشرت على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي فكرة أن المسيحيين كانوا هدفًا رئيسيًا في الهجمات الأخيرة. لكن لا يوجد دليل على ذلك. على العكس من ذلك: أصدر قادة مسيحيون بيانًا مشتركًا (مؤرشف هنا) في 8 مارس على فيسبوك، أدانوا فيه بشدة أعمال العنف ضد المدنيين الأبرياء، لكنهم لم يذكروا إطلاقًا أن المسيحيين كانوا الهدف الرئيسي للهجمات.
صدر بيان آخر عن الكنيسة الكاثوليكية في اللاذقية يفيد بعدم صحة فتح كنائس اللاذقية قاعاتها للعائلات والمدنيين السوريين. وجاء في البيان: “هذا الخبر عارٍ عن الصحة، فالوضع الراهن في مدينة اللاذقية لا يستدعي اتخاذ مثل هذه الإجراءات”. وحتى وفقًا لتقارير إخبارية محلية، فإن المسيحيين ليسوا الهدف الرئيسي للهجمات الحالية. وخلصت تقارير محلية ودولية إلى أن العلويين كانوا الهدف الرئيسي للهجمات الأخيرة.
الفيديو لا يظهر رجلاً مقطوع الرأس
الادعاء: يُزعم أن أحد مقاطع الفيديو (مؤرشف هنا) يُظهر رجلًا تم قطع رأسه من قبل مقاتلي هيئة تحرير الشام. في الخلفية، يمكنك سماع بكاء النساء والأطفال.
دويتشه فيله تتحقق: مزيف
تم نشر هذا الفيديو على عدة حسابات عبر العديد من منصات التواصل الاجتماعي. أظهر البحث العكسي عن الصور أن الفيديو لا علاقة له بالأحداث الجارية في سوريا كما أنه لا يظهر شخصًا يتم إعدامه إضافة إلى أنه تم التلاعب بالصوت.
ومن خلال البحث العكسي عن الصور، وجدنا النسخة الأصلية من الفيديو على موقع YouTubeوالتي يرجع تاريخها إلى عام 2022 على الأقل. في الفيديو الأصلي، نرى رجلاً على قيد الحياة أثناء عرض رقص بينما يخفي رأسه تحت جسده. لاحقًا في الفيديو، يمكن رؤية رأسه أيضًا.
كذلك فإنه في الفيديو الأصلي، تُسمع موسيقى شرقية في الخلفية تشير إلى عرض مرح وحدث ممتع. لذا، فإن الفيديو الموجود على موقع إكس X مفبرك ولا علاقة له بالصراع الحالي في سوريا.
“ضحايا” .. على قيد الحياة!
الادعاء: في منشور انتشر على نطاق واسع (مؤرشف هنا)، قيل إن الشابة ريم @Reemmnzer مواطنة علوية وأنها قُتلت خلال الأحداث التي جرت في ساحل سوريا وأنها كانت تنشر تغريدات على حسابها قبل دقائق من مقتلها، وقالت صاحبة المنشور إن “هذه المجازر ضد فتيات الساحل يجب أن تتوقف على الفور”.
دويتشه فيله تتحقق: مزيف
هذه المرأة لم تقتل كما كشفت هي بنفسها في منشور لها على حسابها بموقع إكس، حيث سخرت من الادعاء الكاذب قائلة “رحمني الله وإنا لله وإنا إليه راجعون”.
ولكن هذه ليست الوفاة المزيفة الوحيدة التي تم الإعلان عنها فيما يتعلق بالأحداث الأخيرة في سوريا، فقد تم تداول العديد منها على نحو مماثل، منها نشر صورة لسيدة عليها شريط حداد أسود يزعم مقتل الدكتورة سحر بطرس، ليتضح لاحقاً أنها على قيد الحياة وتعيش في ولاية نيفادا في الولايات المتحدة.
وفي حسابها على موقع إكس، أدانت بطرس استخدام صورتها في الصراع الدائر في سورياـ وأكدت أن القانون الأمريكي يحظر تزوير وتلفيق معلومات غير دقيقة عن الأفراد، وكذلك الاستخدام غير المصرح به لصورهم.
كما زعمت منشورات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي مقتل فتاة صغيرة تدعى دهب منير علو في سوريا، لكن البحث العكسي عن الصورة يكشف أن الصورة مأخوذة من الإنترنت لطفلة أخرى تعرف بأنها عارضة أزياء من إحدى الدول الآسيوية حيث تم تداولها على العديد من المنصات الإلكترونية، كما لا توجد أنباء تشير إلى مقتل فتاة سورية بهذا الاسم.
عودة إلى البراميل المتفجرة؟
الادعاء: نشرت بعض الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك موقع فيسبوك، مقطع فيديو (مؤرشف هنا) يُزعم أنه لقصف بالبراميل المتفجرة في سوريا من قبل قوات النظام الجديد.
وجاء في أحد هذه المنشورات: “بالأمس، كانت المعارضة السورية تصرخ بأن بشار يضربهم بالبراميل المتفجرة”.
دويتشه فيله تتحقق: مزيف
يعود تاريخ الفيديو إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 وتم تصويره في منطقة سهل البقاع اللبناني خلال إحدى الغارات الإسرائيلية على لبنان أثناء المعارك بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني، وذلك قبل يوم واحد فقط من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين. وقد أعادت عدة حسابات نشر الفيديو وتعمدت تحريفه على أنه فيديو مسجل حديثًا في سوريا.
إلا أن هناك تقارير عديدة تفيد بأن قوات الادارة السورية الحالية قامت بالفعل بعمليات قصف عشوائي ببراميل متفجرة للمناطق السكنية المدنية في منطقة الساحل السوري إلى جانب اعتداءات وانتهاكات أخرى بحق المدنيين، وهو ما اعترف به الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، الذي تعهد بملاحقة مرتكبي هذه الانتهاكات ومحاسبتهم.
لم تُعرض أي نساء عاريات بين القتلى.
الادعاء: نشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي على X وTikTok مقطع فيديو (مؤرشف هنا) يزعم “مقتل 1000 شخص، بينهم نساء عاريات، وإعدامات في الشوارع – سوريا تغرق في 48 ساعة من العنف الوحشي”. يُظهر الفيديو أشخاصًا تمت تغطيتهم بالبطانيات جالسين على الأرض ليلًا. وفي الخلفية، يُسمع صوت باللغة العربية لرجل يتحدث عن أشخاص اعتُقلوا، معظمهم من نظام الأسد المنهار.
دويتشه فيله تتحقق: خطأ
باستخدام بحث عكسي عن الصور، وجدنا عدة مقاطع فيديو تُظهر المشهد نفسه. تتعلق هذه المقاطع بإعادة 1905 جنود سوريين من العراق إلى أوطانهم، والذين لجأوا إلى العراق في اليوم السابق لسقوط نظام بشار الأسد في 7 ديسمبر/كانون الأول.
نُشر هذا الفيديو في 20 ديسمبر 2024 بواسطة وكالة أنباء الأناضول الإنجليزية التركية، وصُوّر في مدينة دير الزور، شرقي سوريا، عند معبر البوكمال الحدودي مع العراق.
لا يُظهر الفيديو أي “نساء عاريات” أو جثث على الإطلاق. من خلال البحث عن كلمات مفتاحية، وجدنا فيديو على صفحة وكالة الأنباء التركية على فيسبوك (مؤرشف هنا) يظهر فيه جنود سوريون ملفوفون ببطانيات مماثلة.
ساهم كل من آنا شيلد وأفروز جاهان ودانيال إيبرتز في هذا التقرير.