الزميلات والزملاء والصديقات والأصدقاء الأعزاء،
مساء الخير لجميع الحاضرين هنا في جنيف، وصباح الخير أو مساء الخير لكل من ينضم إلينا عبر الإنترنت في مختلف أنحاء العالم.
يوم صحة عالمي سعيد!
يتزامن يوم الصحة العالمي، كما تعلمون، مع ذكرى ميلاد منظمة الصحة العالمية (المنظمة)، ونحتفل اليوم بالذكرى السابعة والسبعين لتأسيس منظمتنا.
ففي مثل هذا اليوم الموافق 7 نيسان/أبريل من عام 1948، دخل دستور المنظمة حيز التنفيذ.
ويحدد دستور المنظمة 22 وظيفة أساسية للمنظمة، منها وظيفة “تعزيز صحة الأم والطفل ورفاههما”.
وبعبارة أخرى، تشكل صحة الأم والطفل جزءًا من الحمض النووي للمنظمة منذ تأسيسها.
وموضوع يوم الصحة العالمي لهذا العام هو “بداية صحية لمستقبل واعد”، ويذكّرنا بأن الكيفية التي نستهل بها حياتنا تلعب دوراً كبيراً في تحديد مستقبلنا.
عندما لا يقتصر الأمر على مجرد نجاة النساء والمواليد من مضاعفات الولادة، بل ويذهب إلى حد تمتُّعهم بصحة جيدة، فإن ذلك يعود بالنفع على الأُسر والمجتمعات المحلية ويسهم في التنمية الاقتصادية والاستقرار.
لقد أحرز العالم تقدماً كبيراً منذ عام 2000، حيث انخفضت وفيات الأمهات بنسبة 40٪ ووفيات المواليد بنسبة تزيد قليلاً على 30٪.
ويتضمن التقرير الذي نصدره اليوم المزيد من الأخبار السارة: ففي عام 2023، ولأول مرة، لم يُصنَّف أي بلد على أنه يعاني من ارتفاع شديد في معدلات وفيات الأمهات.
وتُعزى هذه المكاسب إلى التقدم المحرز في مجال البحوث وتقديم الخدمات، والتي تساعدنا على معالجة الأسباب الرئيسية لوفيات الأمهات، بما فيها النزف التالي للولادة.
كما تدعم المنظمة البلدان في توسيع نطاق التدخلات الرامية إلى زيادة فرص بقاء الأطفال الخدّج والمرضى على قيد الحياة، بوسائل منها وحدات رعاية المواليد المتخصّصة ورعاية الأم لطفلها على طريقة الكنغر.
كما نعمل مع الشركاء على تحسين فرص الحصول على الرعاية المقدمة من كادر القبالة المهرة.
ولم يكن لأي من هذه الأعمال أن يتحقق لولا الشراكات، ولهذا السبب أنشأنا بالتعاون مع اليونيسف وصندوق الأمم المتحدة للسكان مبادرة “كل امرأة وكل مولود في كل مكان”.
ويسرّني أن المديرتين التنفيذيتين لصندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسف، ناتاليا كانيم وكاثرين راسل، ستشاركاننا رسائلهما اليوم.
وتضمن مبادرة “كل امرأة وكل مولود في كل مكان” العمل من أجل صحة الأمهات والمواليد تحت سقف واحد، بحيث يتسنى لنا تنسيق عملنا مع الشركاء المحليين والدوليين بقدر أكبر من الفعالية في الأماكن التي هي في أمس الحاجة إليه.
وتدعم المبادرة حالياً أكثر من 50 بلداً في تحسين استفادتها من التدخلات العالية الأثر وتعزيز نظمها الصحية.
وبات تعزيز الشراكة أكثر أهمية من أي وقت مضى، بينما نسعى إلى دفع عجلة التقدم صوب تحقيق غايات أهداف التنمية المستدامة في بيئة مالية محدودة الموارد بشكل خطير.
لقد تباطأ التقدم منذ عام 2016، وما زلنا نفقد كل عام أرواح الملايين من المواليد ومئات الآلاف من الأمهات أثناء الولادة وبعدها بفترة وجيزة، ومعظمهم لأسباب يمكن تفاديها.
وغالبية هذه الوفيات تحدث في البلدان أو المجتمعات المحلية الأشد فقراً، ولا سيما في مناطق الحروب وغيرها من البيئات الهشة.
وسيكون للتخفيضات الأخيرة في المساعدات الإنمائية أشدّ الآثار في هذه المناطق تحديداً.
لذا دعوني أعرض عليكم ثلاث أولويات ونحن نمضي قدماً في هذه الأوقات العصيبة:
أولاً، تحديد الأولويات. يلزم علينا أن نركّز على ما ندرك أنه فعّال، ونوسّع نطاق الممارسات المسندة بالبيّنات ونكيّفها مع السياق المحلي من أجل تحقيق أقصى أثر ممكن.
ثانياً، الاستثمار. يلزم علينا أن نثبت أن الاستثمارات في صحة الأم والوليد تعود، على مدى سنوات عديدة، بنفع كبير على صحة الأطفال والمراهقين والبالغين، وعلى استقرار المجتمعات المحلية والبلدان والاقتصادات.
ثالثاً، الشراكة. لا يمكن لأي وكالة أو بلد أن يحقق ذلك بمفرده، بل يلزم علينا أن نعمل معًا ونتعلم من بعضنا البعض وأن نحرص على إشراك المجتمعات المحلية التي نخدمها.
أشكركم جميعًا مرة أخرى على التزامكم بالعمل من أجل بداية صحية ومستقبل واعد لأمهاتنا وأخواتنا وأطفالنا ولنا جميعًا.
شكراً لكم.