جرى حفل التكريم صباح اليوم في مبنى “الطبق الطائر” بالشارقة، حيث قلّد السفير الفرنسي لدى دولة الإمارات نيكولا نيمتشينو الوسام إلى الشيخة حور، بحضور عدد من الشخصيات الرسمية والثقافية، في مقدّمهم الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي، والشيخة نوار القاسمي، وجان كريستوف باري، والشيخة نورة المعلا، والشيخة راد فاهم القاسمي، إلى جانب مستشارات ثقافيات من السفارة الفرنسية والرابطة الفرنسية في الشارقة.
السفير نيمتشينو لم يخفِ إعجابه بمسيرة القاسمي التي وصفها بـ”المليئة بالعطاء”، مؤكداً أن هذا التكريم يمثل تعبيراً عن امتنان الجمهورية الفرنسية لما قدّمته القاسمي من جسور ثقافية تربط بين فرنسا والإمارات. وأشاد تحديداً بدور “مؤسسة الشارقة للفنون” و”بينالي الشارقة” كمساحتين مفتوحتين للتعبير الفني الحر، يحتضنان تنوعاً ثقافياً غنياً وينقلان صوت الفن العربي إلى الساحة الدولية.
من جهتها، عبّرت الشيخة حور عن سعادتها بهذا التكريم، معتبرةً أن الوسام لا يُتوّج جهودها الشخصية فحسب، بل هو أيضاً تقدير لمسار جماعي بدأته بدعم والديها، الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي والشيخة جواهر بنت محمد القاسمي. وقالت: “إنه لشرف كبير استقبله بكل امتنان وسرور، ليس لنفسي فقط، بل لكل من وقف إلى جانبي وساندني ووجهني وألهمني طوال مسيرتي”.
وأعادت القاسمي التأكيد على أن هذه اللحظة، رغم رمزيتها، لا تمثل نهاية لمسار بل امتداداً له، في سعيها المستمر لتعزيز التعاون الثقافي بين الشارقة وفرنسا، ودعم المبدعين من مختلف الأجيال. وذكّرت بأنّها “منذ أكثر من ثلاثة عقود، كرست حياتها لشغفها العميق بالفنون، وبشكل خاص الفن المعاصر، بكل أشكاله ومجالاته”، معتبرة أنّ “منحي هذا الوسام هو في المقام الأول اعتراف بالعمل الذي تم إنجازه، واحتفاء بالالتزام الجماعي الذي يمكنني من دعم وتشجيع عالم الإبداع في الشارقة”.
مسيرة ممتدة من الشغف والعمل
ولدت حور القاسمي مع شغف بالفن والثقافة، ونجحت في ترسيخ اسمها كأحد أبرز القيّمين الفنيين في العالم العربي. منذ تأسيسها لـ”مؤسسة الشارقة للفنون” عام 2009، عملت على توسيع نطاق المؤسسة لتشمل معارض دولية وبرامج إقامة للفنانين، ودعم التكليفات الفنية، والبحث في العمارة والترميم، إلى جانب برامج تعليمية للفئات العمرية المختلفة.
وأشرفت على تقييم بينالي الشارقة 15 عام 2023، كما تولت إدارة البينالي منذ عام 2003، ما جعله منصة دولية بارزة للفن المعاصر. وفي عام 2017، انتُخبت رئيسة لرابطة البينالي الدولية، وتم نقل مقرها إلى الشارقة.
تشغل القاسمي أيضاً مناصب مؤثرة أخرى، منها: رئيس معهد إفريقيا، ورئيس مجلس إدارة ترينالي الشارقة للعمارة، والمدير الإبداعي لعلامة “قاسمي” للأزياء، كما ستتولى في 2025 منصب المدير الفني لترينالي آيتشي في اليابان. وفي 2023، عُيّنت رئيسة لجامعة الدراسات العالمية في الشارقة.
معارض عالمية وعضويات مرموقة
عملت القاسمي على تقييم معارض بارزة مثل “حسن شريف: فنان العمل الواحد”، و”الرفيق قبل الطريق”، و”حين يصبح الفن حرية”، كما شاركت في معارض كبرى حول العالم، في برلين، باريس، لندن، أمستردام، فالنسيا، وكوريا. واختيرت عضواً في مجالس فنية واستشارية مرموقة، أبرزها الجمعية اللبنانية “أشكال ألوان”، ومعهد كونست فركيه في برلين، ومجلس الفنون المستقلة في لندن.
وحازت على شهادات مرموقة من أبرز الجامعات الفنية في لندن، ونالت الدكتوراه الفخرية من جامعة الفنون الإبداعية في المملكة المتحدة (2023).
مؤسسة الشارقة للفنون: حاضنة للإبداع
تُعد “مؤسسة الشارقة للفنون” اليوم من أبرز المنصات الفنية في العالم العربي، عبر مبادرات مثل “بينالي الشارقة”، و”لقاء مارس”، و”البرنامج التعليمي”، و”برنامج الفنان المقيم”، وتعمل على تشجيع الحوار الفني المتعدد الثقافات، والبحث في الهويات المتنوعة، وتشجيع التجريب والابتكار في الفنون البصرية.
بهذا الوسام الفرنسي، تُتوّج مسيرة الشيخة حور القاسمي التي استطاعت عبر التزامٍ حقيقي بالرؤية الثقافية أن تُعيد تشكيل علاقة الشارقة بالفن، وأن تمنح الحراك الفني العربي بُعداً عالمياً يليق بطموح المبدعين فيها.