الانتخابات البلدية والاختيارية في طرابلس، شمال لبنان، تشكل مفصلاً أساسياً في حياة العاصمة الثانية وأهاليها، كون البلدية السلطة المحلية القادرة على إزالة الغبن وتنشيط الحركة وتفعيلها، على رغم ان الواقع يختلف تماماً عن النصوص مما يبقي “أم الفقير” افقر الفقراء إنمائياً.
مجلس بلدية طرابلس من 24 عضواً على غرار مجلس بلدية بيروت. ووفقاً للعرف والتقليد يتألف من 20 عضواً من السنّة وعضوين من المسيحيين وعضوين آخرين من العلويين. لكن الانتخابات السابقة أوصلت 24 عضواً سنياً، فطار المسيحيان والعلويان، ويُخشى تكرار هذه النتيجة في انتخابات 11 أيار/مايو المقبل .

حرمان إنمائ تاريخي.
المرشحون يزدادون يوماً بعد يوم، وإن كانت القوى السياسية هي التي تقرر في غالب الأقضية الشمالية، فإن الأمر مختلف في طرابلس، إذ إن العائلات هي من ترشح وتعلن وتدعم، أما السياسيون فيدعمون ترشيحات أخرى أو يواكبونها، ولو أن “تيار المستقبل” لم ينكفء عن الساحة لكان المشهد في الفيحاء تغير أيضاً.
للمجتمع المدني حراك بلدي واسع في طرابلس من واجهة “حراس المدينة ” الذين سهروا وتعبوا حفاظاً عليها وعلى أهلها في خلال الأزمات التي أعقبت “ثورة تشرين”، وإليهم جمعيات بيئية واجتماعية وثقافية واقتصادية أخرى تعد لتأليف لوائح بلدية واختيارية.

شعار البلدية.
السياسيون حتى الساعة لا يزالون بعيدين من التوافق على خوض الانتخابات بلوائح يدعمونها صراحة وعلانية، في انتظار مزيد من “الجوجلة ودرس الأوضاع”، علماً أن الخلافات في ما بينهم كثيرة وكبيرة وهم غير قادرين على دعم لائحة مشتركة يتوصلون الى تأليفها من خلال اتصالاتهم.
وتنشط حركة المتقاعدين العسكريين من خلال السعي الى تأليف لائحة وطنية مستقلة، بالتحالف مع مرشحين من المجتمع المدني مشهود لهم بالكفاءة والخبرة في التعامل مع متطلبات المدينة وتأمين حاجاتها، ومتحررين من أي تبعيات سياسية أو خلفيات حزبية.
وفي هذا السياق ، أعدّ المتقاعدون العسكريون مشروعاً إنتخابياً يتضمن خطة عمل متكاملة تلبي مطالب الشعب الطرابلسي، على الصعيد الإجتماعي والإنمائي والثقافي والبيئي، وينقلها من حالة الفوضى والبؤس والحرمان الذي عاشته منذ عقود بسبب المحاصصة السياسية وتغليب المصالح الشخصية على حساب مصلحتها، الى حالة التطور والإزدهار .
ويلاحظ أن هذه الخطوة يتردد صداها بين الطرابلسيين الذين يتطلعون الى تغيير الواقع الحالي للمدينة، وإيصال فريق عمل متجانس ومتكامل ينقذها من الحرمان ويحررها من التسلط السياسي .
وعلى صعيد الترشيحات العائلية، أعلنت رابطة آل النابلسي الاجتماعية عن دعمها الكامل لمرشّحيها الستة في الاستحقاق المقبل كالآتي:
عن بلدية طرابلس: بهاء كمال النابلسي وعبدالله محمد نابلسي.
عن بلدية البداوي: المهندس عمر عبد الوهاب نابلسي.
عن مختارية القبة: بلال عبدالله نابلسي.
عن مختارية الرمانة: علي يحيى العبدالله النابلسي.
عن مختارية السويقة والجسرين: ابراهيم حسن صادق.
وبالنسبة الى الرؤى البلدية وبرامج العمل، أعلن المختار الدكتور باسم عساف برنامج ترشحه البلدي تحت عنوان “طرابلس أولاً”، ويتناول طموحاته في ما يتعلق
بالشباب والبيئة والاقتصاد المحلي، إضافة الى دعم الأسواق التقليدية، وتمكين الحرفيين، وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وفتح آفاق السياحة المستدامة.
وتشدد أوساط طرابلسية على الحاجة الى مجلس بلدي ينهي زمن الخلافات والعقبات والعراقيل، لتحقيق انماء في مدينة تحتاج الى جهود كبيرة ومضنية لتعويض سنوات الاهمال والحرمان. فيما تتوقع مصادر أخرى ولادة لوائح عدة، وأن ينحصر التنافس لاحقاً بلائحة محتضنة من سياسيين، ولائحة للمجتمع المدني.
“أبو الفقرا” يقاطع الانتخابات
من جهة أخرى، أعلن “أبو الفقرا” نضال عبد الهادي أحد أبناء طرابلس العصاميين، مقاطعة الانتخابات البلدية والاختيارية احتجاجا على ما وصفه بأنه “ظلم مشروع نهر أبو علي الذي كلّف 24 مليون دولار بدعم من البنك الدولي، وتسبب بقطع أرزاق عشرات العائلات التي عملت عقوداً على الجسر”.
ومما قال: “إثنتان وثلاثون سنة من الشغل الشريف ضاعت، لا بلدية ولا مسؤول سألا. المشروع فاشل، وعلّمنا أن لا نثق بأحد. من عام 2005 ما انتخبت، واليوم بكرّر قراري”.
صرخة تعبّر عن وجع الناس، وسقوط الثقة بين المواطن والدولة.