عادت قضية الرقابة على المطاعم والأدوية تطل برأسها بمناسبة ما أثير بعد إغلاق سلسلة مطاعم بسبب الاشتراطات الصحية، وأيضا ضبط ووقف طبيب ادعى العلاج بـ«سم النحل»، بجانب تقارير حول إغلاق ومتابعة أكثر من 23 ألف منشأة بينها مطاعم أو محلات حلويات تفتقد إلى الشروط الصحية، بجانب اتساع ظاهرة القنوات التى تقدم برامج طبية وتروج لمنتجات طبية ومكملات وأدوية تخسيس دون تراخيص وتتسبب فى أضرار صحية لا يمكن مراقبتها أو عقاب من يروجون لهذه الخرافات والمواد الضارة، أما على مواقع التواصل فقد اتسعت دوائر ومراكز وهمية لا يمكن التأكد من جدية أو صحة تراخيصها تروج لأدوية وأغذية، وتزعم فى بعض الأحيان أن الوصفات التى تقدمها تعالج أمراضا مزمنة، ما يجعل بعض المرضى يتوقفون عن تلقى العلاج، مما يعرضهم للموت أو على الأقل تدهور صحى.
والواقع أن هذه المواقع أو القنوات على يوتيوب أو فيس بوك أو تليجرام لم تعد حالات فردية، وإنما ظاهرة تتسع وتمثل تهديدا لصحة المواطنين والمرضى، لأنها تنطلق من قنوات بعيدة عن الرقابة وإن كانت تخضع للقانون، لكن متابعتها تتطلب إجراءات وأدوات يجب أن تتوفر للجهات الرقابية، وهى بالفعل تمثل تهديدا لصحة الناس، لأنها تزعم الحصول على تراخيص من الصحة، أو تزعم أنها لأطباء بينما هذه المواقع أو أغلبها لا يوجد أى دليل على أنها مرخصة.
أما الخطر فهو فى أمثال طبيب سم النحل أو غيره ممن يروجون لمنتجات غير مرخصة وخطرة وبعضها سام، وتحول الطب إلى سلعة مثل المنظفات أو الطعام والأحذية، وتنتحل أو تستعمل سلطة الأطباء بشكل غير شرعى، وتتطلب جهدا كبيرا من النقابات أو الجهات الرقابية لتطبيق القوانين الخاصة بالممارسة والتراخيص والدعاية، والتأكد من صحة مؤهلات من يروجون لأنفسهم أنهم أطباء، وبعضهم إما موقوف أو مدان بأحكام قضائية، وهى معلومات لا يعرفها المواطن إلا بعد القبض على ممارسيها.
وللأسف فإن بعض القنوات ومواقع التواصل تروج لمن تزعم أنهم أطباء، وهم فى الواقع دجالون أو نصابون، بعض هؤلاء يعلنون عن مؤهلات أو تخصصات بشهادات أمام مزيفة أو وهمية، وكل من هب ودب يمكنه تعليق لافتات تزدحم بـ«الدكتوراه والزمالة»، بينما بعضهم لم يحصل على الإعدادية، أو الثانوية أو بلا شهادة جامعية على الإطلاق، وهناك حالات لمرضى وقعوا ضحايا وبعضهم دفع حياته ثمنا لتصديق قنوات ترويج الخزعبلات أو المواد التى يتم تسويقها أو بيعها أونلاين من قبل غير مختصين ينتحلون صفة أطباء أو صيادلة، اعتمادا على تكثيف الدعاية والظهور فى القنوات الفضائية أو الافتراضية فى ساعات مدفوعة لا يهمهم غير جمع المال والهرب بعد التسبب فى كوارث للمرضى وأهلهم.
وهناك عشرات البوستات والفيديوهات على مواقع التواصل تروج لأدوية وعقاقير للتخسيس والتسمين والأمراض المستعصية أو منشطات ومكملات تباع فقط «أونلاين»، بلا عناوين أو أماكن ولا بيانات، وبالتالى يصعب أحيانا تتبع هذه المراكز أو محاسبة من يديرونها، وبالتالى فإن مهمة النقابات الطبية وهيئة الدواء والغذاء والرقابة صعبة لأنها تحتاج لتطوير أدواتها لمتابعة ومراقبة مواقع هذه الجهات، لأنها لا تبيع ملابس أو مواد استهلاكية، لكنها تروج لمنتجات تخص الصحة وتمثل خطرا على صحة الناس وحياتهم، والمشكلة أن المستهلك فى حالة النصب الطبى قد يدفع صحته أو حياته ثمنا لهذه التجارة المحرمة، التى تجعل حياة المواطنين رهنا للنصابين وبائعى الوهم بمزاعم طبية.
وهذه الظواهر والقنوات تحتاج إلى ردع بالقانون يمنع التلاعب بصحة الناس، وهى مهمة جهات الرقابة على الإعلام والقنوات الوهمية، أو المواقع التى بلا تراخيص، ومعاقبة كل من يضر بصحة الناس.
اليوم السابع