محليات
34
من خلال منظومة متكاملة تنتهجها مدارس التعليم ما قبل الجامعي..
❖ الدوحة – الشرق
■ حصة آل ثاني: الفن يمنح الطلاب لغةً قويةً تتجاوز الكلمات
■ عائشة السلطان: نؤمن بأن الفنون ليست ترفاً بل حاجة جوهرية
■ رموز طلابية تنبض بالأمل والهوية عبر الأعمال الفنية
■ تعزيز الثقة والذكاء العاطفي عبر المسرح والموسيقى
■ عروض فنية حية لتعزيز التلاحم المجتمعي والتنوع الثقافي
■ نتائج ملموسة لبرامج الفنون في مدارس مؤسسة قطر
في قلب رؤية مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، تحتل الفنون مكانة محورية باعتبارها أداة قوية لتعزيز الإبداع الشخصي، وبناء الثقة بالنفس، وترسيخ القيم المجتمعية والهوية الثقافية لدى الطلاب. ومن خلال مدارس التعليم ما قبل الجامعي التابعة لها، تقدم مؤسسة قطر منظومة متكاملة من برامج الفنون البصرية والموسيقى والمسرح، تُمكّن الطلبة من التعبير عن أنفسهم، والتواصل مع محيطهم، والمساهمة الفاعلة في بناء مجتمع أكثر وعيًا وتضامنًا.
تسلّط مبادرات مثل معارض الفنون، والعروض المسرحية، والأمسيات الموسيقية، الضوء على كيفية مساهمة الفنون في صقل مهارات الطلبة العاطفية والاجتماعية، وتعزيز قدرتهم على التعبير عن هويتهم الثقافية وفهم قضايا العالم المحيط بهم. ومن خلال قصص وتجارب حية لمعلمين ومشرفين، يتضح كيف تحولت الفنون إلى جسر يربط الطلاب بذواتهم وبالعالم.
– الفن لغة للمشاعر والهوية
تحدثت حصة آل ثاني، معلمة الفنون في أكاديمية العوسج، عن التأثير العميق للفنون البصرية على الطلبة، مشيرة إلى أن الفن يوفر لهم «لغة قوية تتجاوز الكلمات». أوضحت قائلة: «عندما يبدع الطلاب أعمالهم الفنية، يُصبحون قادرين على التعبير عن مشاعرهم وتجاربهم المعقدة. يصبح الفن مرآةً يرون من خلالها أنفسهم بوضوح أكبر، ونافذةً يفهم من خلالها الآخرون وجهات نظرهم».
وأضافت آل ثاني أن الفن يسهم في تشكيل وتعزيز الهوية الشخصية والثقافية للطلاب، حيث يستخدمون الألوان والأشكال والرموز للتعبير عن أنفسهم، مما يُعمق وعيهم العاطفي ويغني شخصياتهم.
من الناحية الصحية، أكدت أن تعليم الفنون له أثر بالغ الإيجابية على الصحة النفسية للطلبة، موضحة: «الفن يُشجع على التعبير عن الذات، ويُخفف التوتر، ويبني الثقة. لقد رأيت طلابًا كانوا خجولين أو قلقين يزدهرون من خلال فنهم، ويكتسبون شعورًا متجددًا بالهدف والاهتمام».
– فلسطين علمتني.. الفن جسر للتضامن
أبرز مبادرة طبقتها أكاديمية العوسج كانت معرض «فلسطين علمتني»، الذي وصفته آل ثاني بأنه «أكثر من مجرد معرض، بل كان حركة تعاطف وتضامن». وقد تفاعل الطلاب مع المبادرة بعمق، حيث عبروا من خلال لوحاتهم ورسوماتهم عن القيم الإنسانية المستلهمة من القضية الفلسطينية، مثل الرحمة والعدالة والصمود.
وحول نوعية الرسائل التي حملتها الأعمال الفنية، أوضحت آل ثاني: «كانت أعمالهم غنية بالمشاعر – عبّر الكثيرون عن الألم والتعاطف مع أطفال فلسطين، بينما عبر آخرون عن الأمل والحرية. كانت رموز مثل أشجار الزيتون وقبة الصخرة والسلاسل المكسورة حاضرة بقوة، ما يعكس ارتباط الطلاب بالتراث الفلسطيني وأحلامهم بالتحرر».
وشددت آل ثاني على أهمية إتاحة منصات كهذه للطلاب، معتبرة أنها تغذي الإبداع والمسؤولية المجتمعية، قائلة: «عندما نمنح الطلاب مساحة للتفاعل مع قضايا العالم الحقيقي عبر الفن، فإننا نُسهم في تشكيل مواطنين عالميين متعاطفين وفاعلين».
– غرس القيم من خلال الفنون
وفي ما يتعلق بطريقة دمج مواضيع مثل التعاطف والعدالة والوعي الثقافي داخل حصص الفنون، شرحت آل ثاني أن المنهج يبدأ دومًا بسرد قصة أو طرح سؤال حواري يشجع الطلاب على التفكير خارج ذواتهم. وأضافت: «لا يتعلق الأمر بالتقنية فقط، بل بفهم المعنى، وتحفيز الوعي، وإضفاء الغاية على الإبداع».
وقدّمت نصيحة للمعلمين الراغبين في استخدام الفن كوسيلة لدعم النمو العاطفي لدى طلابهم، داعيةً إلى الإصغاء العميق لأصوات الطلاب وتوفير مساحة آمنة للحوار الحر والتعبير الإبداعي.
– بناء الثقة عبر المسرح والموسيقى
من جانبها، ألقت عائشة السلطان، منسقة الفنون الأدائية في التعليم ما قبل الجامعي بمؤسسة قطر، الضوء على كيف تساهم البرامج المسرحية والموسيقية في بناء ثقة الطلبة وتوسيع مهاراتهم الاجتماعية والذهنية.
وأكدت السلطان أن المؤسسة تُولي اهتمامًا بالغًا بإدماج الفنون ضمن الرحلة التعليمية الشاملة، مشيرة إلى أن الفنون تعتبر مادة أساسية وليست نشاطًا ترفيهيًا.
وقالت: «نوفر عبر إدارة شؤون الطلاب والمشاركة المجتمعية منصات وبرامج فنية ثرية، مثل برنامج Showtime والأمسيات الموسيقية ومعارض الفنون الجماعية، مما يمنح الطلاب فرصًا للتعبير والتميز والتواصل».
– تمكين المواهب وتعزيز الإبداع
وبيّنت السلطان أن دعم المواهب الطلابية يتخطى مجرد المشاركة في الفعاليات إلى احتضانها بشكل كامل. أوضحت أن الفعاليات المركزية، مثل الأمسيات الموسيقية وبرنامج Showtime، تتيح للطلاب تقديم عروض فنية احترافية بمرافقة موسيقيين وفنانين محترفين أحيانًا، مما يوسع آفاقهم ويعزز مهاراتهم الفنية.
وأضافت: «نسعى إلى تمكين الطلبة عبر منصات عرض حقيقية تعزز الثقة بالنفس، وتمنحهم خبرة فنية غنية تتجاوز حدود الصف الدراسي».
– تعزيز التلاحم عبر الفن
وفي سياق الحديث عن الأثر المجتمعي للبرامج الفنية، أشارت السلطان إلى أن عروضا مثل Showtime والأمسيات الموسيقية تساهم في تعزيز التلاحم المجتمعي بين الطلاب وأسرهم والمدارس، قائلة: «تُتيح هذه المناسبات التقاء العائلات والثقافات المختلفة، مما يخلق لحظات ثقافية مشتركة تُبرز التنوع وتحتفي بالهوية الجماعية».
ورأت السلطان أن الأثر الإبداعي لهذه البرامج ملموس بوضوح، حيث تطورت قدرات الطلبة على التفكير النقدي والتواصل الفني، وشهدوا تحولًا في قدرتهم على التعبير الذاتي بثقة وابتكار.
– الفن حاجة إنسانية وليست ترفاً
وحول سبب الاهتمام الكبير الذي توليه مؤسسة قطر للفنون البصرية والمسرحية والموسيقية، قالت السلطان: «نؤمن أن الفن حاجة بشرية أصيلة. من خلال الفن نفهم أنفسنا ونترجم مشاعرنا وأفكارنا ونتواصل مع العالم».
وأكدت أن الفنون تتيح للطلاب قنوات متعددة للتعبير الذاتي والنمو الشخصي، كما تساعد في تعزيز اللغة العربية من خلال سياقات طبيعية حيوية بعيدة عن الأطر التقليدية.
– رؤية متكاملة للمستقبل
من خلال هذه المبادرات، تثبت مؤسسة قطر أن الاستثمار في الفنون ليس خيارًا ثانويًا، بل جزء جوهري من بناء أجيال قادرة على الإبداع، التفكير النقدي، والتواصل الحضاري. إنها رسالة واضحة بأن التعليم الذي يحتفي بالإنسان كاملًا – عقله وقلبه وروحه – هو السبيل إلى بناء مجتمعات أكثر وعياً ورحمةً وابتكاراً.
مساحة إعلانية