12:06 م | الثلاثاء 06 مايو 2025
وكيل الأزهر: الشباب دعامة أساسية وثروة حقيقية في المجتمع
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، إن أهمية هذا الملتقى تتأكد في ظل عالم يشهد اشتباكات فكرية حادة، واستقطابًا متصاعدًا، ومحاولات مستميتة لتدمير الدول والشعوب بأساليب متنوعة تستهدف جوهر الوطن، وهم الشباب، عبر محاولات لقطعهم عن عقيدتهم وتاريخهم وهويتهم. وأضاف أن لكل أمة ثروة تعتز بها، ورصيدًا تدخره لمستقبلها، وقوة تبني عليها مجدها ونهضتها، وفي مقدمة هذه الثروة يأتي الشباب، باعتبارهم الدعامة الأساسية للمجتمع، والثروة الحية الحقيقية فيه، والأمل المرتجى دائمًا.
وأكد وكيل الأزهر، خلال كلمته في منتدى «اسمع وتكلم»، الذي يعقده مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في نسخته الرابعة، أن من مظاهر التحضر والرقي لدى الأمم اهتمامها بشبابها، وتهيئة الفرص الكفيلة بصناعتهم رجالًا أكفاء أقوياء تنهض الأوطان بسواعدهم. وأشار إلى أن الملتقى لا ينبغي تأطيره أو المصادرة على نتائجه، التي نأمل أن تعم فائدتها شبابنا وبلادنا، متوقفًا عند أهدافه المعلنة، والتي تزداد الحاجة إلى ترسيخها وتبيينها في نفوس الناس، لا سيما فئة الشباب.
ووجّه وكيل الأزهر عددًا من الرسائل المهمة للشباب، منها ضرورة الاهتمام بـ«المبادرات التطوعية»، التي تنبع من توجيهات ربانية، مستشهدًا بقوله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، موضحًا أن التطوع لا يقتصر على صلاة النافلة أو الصدقة الزائدة عن زكاة الفريضة، بل يشمل كل صور الخير التي تعود بالنفع على الإنسان والمجتمع. ولفت إلى أن للتطوع مكانة بارزة في القرآن الكريم والسنة النبوية، مما يجعله عملًا دينيًا بامتياز، تتعدد فيه الأجور والمنافع.
وحثّ الدكتور الضويني الشباب على اكتشاف الخير الكامن في نفوسهم، والسعي إلى إيجاد مسارات للمحبة والمشاعر الإنسانية النبيلة، لا تنتظر الطوارئ أو المناسبات، بل تبادر إلى فعل الخير دون مقابل، وتسهم في ترابط المجتمع، من خلال تعزيز الثقة بالنفس، وتكوين صداقات جديدة، وتحسين مهارات التواصل، واكتساب مشاعر الدفء والتراحم والعطف.
وأضاف الدكتور الضويني أن الأمة لا يمكنها الاستغناء عن الشباب، خاصةً إذا كانوا على قدر عالٍ من الوعي والالتزام، والحكمة والاتزان، والعقل والفهم. وأكد أن قضية فلسطين، بما تحمله من أبعاد دينية واجتماعية وسياسية وإنسانية، يجب أن تحتل موقعًا مميزًا في نفوس الشباب، بحيث يدركون أن العدو الصهيوني لا يملك أي حق في الأرض، ولا في الادعاءات التي يروج لها، فكل ما يبثه من مزاعم لا يعدو كونه محض أكاذيب. وشدد على أن محاولات الصهيونية تقزيم الصراع وتحويله إلى نزاع محصور بين الفلسطينيين وعصابة الاحتلال الإسرائيلي، وإبعاده عن إطاره الإسلامي الأشمل، تهدف إلى إبعاد الشباب عن قضية القدس وفلسطين، وهو أمر لا يمت إلى الحقيقة بصلة.
وأوضح وكيل الأزهر أن سعي العدو الصهيوني لتغييب قضية فلسطين من ذاكرة الشباب المسلم، ومحاولته إضفاء صفات زائفة عليها، يؤكد الحاجة الملحة لتعزيز وعي الشباب بأبعاد القضية. فالقضية الفلسطينية، في جوهرها، قضية ذات بعد ديني، تتقاطع مع أبعاد أخرى، مثل البعد الداخلي، والبعد القومي العربي، والبعد الإنساني، ومن يتناول القضية من زاوية واحدة فقط دون مراعاة سائر الأبعاد، لن يرى الصورة مكتملة، ومن هذا المنطلق، وجب على الشباب أن يدركوا الطبيعة العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية للعدو الصهيوني، وأن يبادروا بأعمال تطوعية تهدف إلى فضح مخططاته الإرهابية الرامية إلى تدمير الأمة العربية والإسلامية.
واختتم الدكتور الضويني كلمته بالتأكيد على ضرورة إدراك كل مسؤول أمين على رسالته، أن المسؤولية الملقاة على عاتق مؤسسات الدين وعلمائها عظيمة، في ظل ما يشهده الواقع من تحديات في شتى مجالات الحياة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية وغيرها. وشدد على أهمية تقديم خطاب ديني موازٍ يواجه الخطاب المنحرف، فيحفظ عقيدة الناس ويعزز إيمانهم بربهم، ويحمي مقدرات مجتمعاتهم، ويضمن لهم الأمن والطمأنينة.