في زمن تتصدّع فيه الجسور بين الشعوب، يخرج الفن وحده ليقول كلمته بوضوح وجمال. وبين الحِرَفية الصامتة التي تُصقل خلف الكواليس، والاحتراف الذي يُبهر على الخشبة، سيقف بسام شليطا في مهرجان الثقافات الثلاث في مرسيّا الإسبانية ليقدّم عملًا موسيقيًا استثنائيًا بعنوان “فنتازيا الأندلس”.وكما وصفه بنفسه أنه ليس مجرد حفلة … بل رحلة.
اذن لن تكون هذه الأمسية مجرد عرض موسيقي، بل بيان فني متكامل، صيغ بأنامل دقيقة وإحساس نادر، يحمل فيه شليطا رسالته من لبنان إلى قلب إسبانيا، من قرطبا إلى قرطبة، مستعيدًا روح الأندلس كما لم تُستعد من قبل: لا كحنين فقط، بل كحالة موسيقية نابضة بالهوية والانفتاح.
موسيقى تُنقّب في الذاكرة وتعيد كتابتها
ما سوف يميّز هذا العرض لن يكون فقط الدمج الخلّاق بين الموسيقى العربية والفلامنغو الإسباني، بل الدقّة في البناء الموسيقي والثراء في الأداء، حيث أن كل نغمة ستمرّ من مصفاة حسّية عالية، وكل مقطوعة خُطط لها بعين الملحن وبروح بسام.
في “فنتازيا الأندلس”، لن يعزف بسام شليطا البيانو فقط، بل سيعزف مشاهد من التاريخ، مشاعر من المنفى، وحنينًا إنسانيًا مشتركًا.

بين الحِرَفية والاحتراف
بسام شليطا يمارس حرفته كما لو كانت طقسًا مقدّسًا، لا يكتفي بإتقان العزف، بل يبني عوالم من الداخل إلى الخارج. تظهر الحِرَفية في صمته بين المقاطع، في احترامه للزمن الموسيقي، في انسجامه التام مع الفرق العالمية التي سترافقه على المسرح.
أما الاحتراف، فهو ذلك الحضور الطاغي، الذي يحوّل كل لحظة إلى مشهد، وكل نغمة إلى ذكرى. إنه الهدوء الذي يسبق الانفجار الموسيقي، والثقة التي تمكّنه من مخاطبة جمهور متعدّد الثقافات، ويجعلهم يلتقون عند نقطة واحدة: الجمال.
رسالة من الموسيقى إلى العالم
على خشبة ساحة الرسل التاريخية في مرسيّا، وتحت سماء مفتوحة على الزمن، سيدوي صوت البيانو كصلاة. لن يكون الأمر عن الأداء فقط، بل عن الموقف. عن الإيمان العميق بأن الفن لا يزال قادرًا على أن يوحّد، أن يضمّد، أن يُنقذ.
في ليلة 24 أيار، الساعة 10:00 مساءً “فنتازيا الأندلس” لن تكون حفلة فقط، بل تجلٍّ موسيقي لهوية مشتركة، ورسالة سلام نابعة من قلب عازف واحد، ينتمي إلى أكثر من مكان، وأكثر من زمن “بسام شليطا”.
