على وقع الاشتباكات التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس خلال الأيام الماضية، تحدثت تقارير عن صراع خفي بين عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة ومحمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي وراء تصاعد الأحداث .
عاد الملف الليبي إلى واجهة الاهتمام الدولي بعد تصاعد الاشتباكات المسلحة في طرابلس، وسط صراع متفاقم بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي.
هذا التصعيد دفع مجلس الأمن الدولي إلى عقد جلسة طارئة، محذرًا من خطورة الوضع الأمني في ليبيا، ومطالبًا بوقف فوري لإطلاق النار، في وقت تتزايد فيه المخاوف من انزلاق البلاد نحو موجة جديدة من الفوضى.
اشتباكات طرابلس تعيد الأنظار إلى الأزمة الليبية
شهدت العاصمة الليبية مؤخرًا مواجهات عنيفة بين مجموعات مسلحة، استخدمت خلالها أسلحة ثقيلة في أحياء سكنية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من المدنيين، وتسبب في دمار كبير للممتلكات.
هذه الأحداث دفعت مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة طارئة الخميس، استمع فيها إلى إحاطة من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الذي تحدث عن “مراكز احتجاز مرعبة” و”انتهاكات واسعة” ترتكبها ميليشيات ليبية بحق مدنيين.
صراع الدبيبة والمنفي يتجاوز السياسة ويهدد الأمن
بحسب تقارير فإن الخلاف بين عبد الحميد الدبيبة ومحمد المنفي لم يعد يقتصر على التباين في وجهات النظر، بل أصبح صراعًا على النفوذ والصلاحيات، وخاصة في الملف الأمني والعسكري.
بينما أصدر الدبيبة قرارات بإقالة شخصيات أمنية بارزة من بينها رئيس جهاز الأمن الداخلي، وقرر حل جهاز الردع، رد المجلس الرئاسي بإجراءات مضادة، معتبرًا أن تلك القرارات تمس بصلاحياته السيادية.
الصراع الخفي بين الطرفين انعكس ميدانيًا، إذ تدعم كل جهة تشكيلات مسلحة موالية لها، ما يزيد من احتمالية تجدد الاشتباكات في أي لحظة، وسط غياب أي ضامن فعلي للتهدئة.
تحذيرات دولية من انفجار وشيك في ليبيا
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا جميع الأطراف الليبية إلى ضبط النفس، مؤكدًا على ضرورة استئناف الحوار السياسي تحت إشراف الأمم المتحدة.
كما حذّرت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا من خطورة انهيار وقف إطلاق النار المعلن منذ عام 2020، مشددتين على ضرورة احترام خارطة الطريق نحو الانتخابات، ووقف كافة أشكال التصعيد العسكري.
مذكرات توقيف دولية جديدة
خلال جلسة مجلس الأمن، قال المدعي العام كريم خان إن مكتبه يحقق في جرائم خطيرة ارتكبتها مجموعات مسلحة ليبية، متوعدًا بإصدار مذكرات توقيف بحق قادة ميليشيات متورطين في انتهاكات حقوق الإنسان.
وتطرق خان إلى قضية أسامة انجيم، أحد أخطر قادة الميليشيات، والذي اعتُقل في إيطاليا قبل أن يُعاد إلى ليبيا، مطالبًا بعدم إفلات أي مجرم من المحاسبة.
ورغم دعوات خان لتعزيز التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن بعض الدول، مثل الجزائر، شددت على أهمية أن تتم المحاكمات داخل ليبيا، في حين عبّرت واشنطن عن تحفظها على بعض آليات المحكمة، ما يعكس تباين الرؤى داخل مجلس الأمن بشأن سبل تحقيق العدالة في ليبيا.
ميليشيات طرابلس
تعاني العاصمة طرابلس من وجود عشرات التشكيلات المسلحة ذات الولاءات المتباينة، والتي باتت تلعب دورًا مركزيًا في رسم ملامح المشهد السياسي والأمني. إذ يعتمد الدبيبة على دعم بعض هذه المجموعات لبسط نفوذه داخل العاصمة، فيما يسعى المجلس الرئاسي لإحداث توازن من خلال تحالفات مع أطراف أخرى.
وتشير تقارير إلى وجود توتر متصاعد بين بعض الميليشيات التي كانت في السابق متحالفة، في ظل شعور بعدم الرضا عن التعيينات الأمنية الأخيرة، ما يُنذر بانفجار وشيك قد يمتد إلى خارج طرابلس.
ليبيا تدفع ثمن صراعات المنفي والدبيبة
المدنيون في ليبيا هم أول من يدفع ثمن هذا الصراع السياسي والعسكري، حيث تتكرر مشاهد القصف والاشتباكات في قلب العاصمة، وتتعطل حياة السكان، وسط غياب أي مؤشرات على حل قريب.
ومع تفاقم الانقسام بين المؤسسات، وتعثر المسار الانتخابي، تبدو البلاد أمام خيارين: إما توافق سياسي يتطلب تنازلات مؤلمة من جميع الأطراف، أو انفجار شامل يُعيد ليبيا إلى نقطة الصفر.
في هذا السياق، يبقى تدخل مجلس الأمن مؤشرًا على أن الوضع في ليبيا لم يعد يُحتمل، وأن الصراع بين الدبيبة والمنفي بات يهدد ما تبقى من استقرار هش في بلد أنهكته الحروب والتدخلات منذ أكثر من عقد.
اقرا أيضا
شائعات الوفاة تلاحق سيلفا كير.. ماذا يحدث في جنوب السودان؟
نسخ الرابط