كشف مركز البيانات المفتوحة في إيران، استنادًا إلى وثيقة سرية صادرة عن وزارة النفط، أن إيران استخدمت خلال السنوات الأخيرة مركبات خطرة وملوثة لإنتاج البنزين.
ووفقًا للتقرير الصادر يوم الأحد 25 مايو (أيار)، فإن هذا الإجراء المنهجي وواسع النطاق تمثل في “إضافة مركبات كيميائية منتجة خارج الدورة التكريرية للمصافي”، بهدف تعويض النقص في البنزين داخل البلاد.
وذكر المركز أن هذه المركبات تشمل مادة “ميثيل ترت-بيوتيل إيثر” (MTBE)، وهي مادة مضافة بتروكيميائية محظورة، إلى جانب مواد أروماتية رافعة للأوكتان، تتم إضافتها للبنزين لرفع رقم الأوكتان.
وتشير البيانات المستندة إلى الوثيقة السرية إلى أنه بين عامي 2021 و2024، تضاعفت كمية هذه المركبات الخطرة المضافة إلى البنزين المُنتج في المصافي بنحو أربع مرات مقارنة بالسنوات السابقة.
حتى في المصافي التي تدعي إنتاج وقود وفقًا لمواصفات يورو 4 و5 الأوروبية، تم استخدام هذه المركبات الملوثة.
ورغم أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن ثلث البنزين المنتج في إيران يتوافق مع المعايير الأوروبية، إلا أن الوثيقة تؤكد أن هذا الوقود أيضًا ملوث بمركبات كيميائية خطرة.
وكانت قناة” إيران إنترناشيونال” قد حذرت في تقرير نُشر في مايو (أيار) الماضي، بعنوان “عودة بنزين البتروكيمياويات بعد 10 سنوات وخطر أيام أكثر تلوثًا”، من مخاطر هذا النوع من البنزين.
وفي ذلك الحين، أعلن جواد أوجي، وزير النفط في حكومة إبراهيم رئيسي، عن استئناف إنتاج البنزين البتروكيميائي.
كما أكّد حميد رضا حاجي بابايي، رئيس لجنة دمج الميزانية لعام 2024، توقيع عقد بقيمة 2.7 مليار دولار مع شركات البتروكيمياويات لإنتاج البنزين.
إحصائيات المواد المضافة المنتجة خارج المصافي
وأفاد مركز البيانات المفتوحة بأن مصفاة شازند، أكبر منتج للبنزين الأوروبي في إيران، تستخدم حوالي 350 ألف لتر يوميًا من مادة MTBE المحظورة، فيما تستخدم مصفاة أصفهان، ثاني أكبر منتج، 325 ألف لتر يوميًا من نفس المادة.
وأشار التقرير إلى أن العديد من الدول تحظر استخدام هذه المادة بسبب “إمكانية تلوثها العالية للمياه الجوفية”.
كما ورد في التقرير أن الإنتاج اليومي للبنزين الخام في مصافي البلاد خلال عام 2023 بلغ بمعدل 101 مليون لتر، ومع إضافة نحو 20 مليون لتر من الإضافات المنتجة خارج المصافي، وصل المجموع إلى 121 مليون لتر، لكنه لا يزال أقل من الاستهلاك المحلي اليومي بمقدار 2.5 مليون لتر.
وبدأ إنتاج البنزين البتروكيميائي في إيران خلال فترة رئاسة محمود أحمدي نجاد، وذلك بعد فرض العقوبات على تصدير البنزين إلى إيران عام 2010، حيث لجأت الحكومة إلى منتجات البتروكيمياويات لتعويض النقص ضمن ما سُمّي بخطة “الضربة السريعة لزيادة إنتاج البنزين”.
وكان رحمت الله حافظي، رئيس لجنة الصحة في بلدية طهران سابقًا، قد صرح في فبراير (شباط) 2014 أن الوقود البتروكيميائي غير المعياري يرفع نسبة البنزين في الهواء بـ35 ضعفًا عن الحد الطبيعي، مما أدى إلى 22 حالة وفاة إضافية يوميًا خلال أيام التلوث.
تداعيات خطيرة لاستخدام مركبات ملوثة
وذكر مركز البيانات المفتوحة أن الوثيقة السرية الصادرة عن وزارة النفط لا توضح بشكل دقيق “نوع، تركيبة أو آثار” المواد الكيميائية المستخدمة في إنتاج البنزين، بل تستخدم عبارات غامضة مثل “مواد مستلمة من شركات البتروكيمياويات” و”مواد رافعة للأوكتان”.
وأضاف التقرير أن مراجعة التقارير الرسمية للوزارة بين 2019 و2024 تظهر أن الاعتماد على هذه المواد ظل في تزايد مستمر، وأن MTBE هو العنصر الوحيد المذكور صراحةً والذي لا يزال ثابتًا ضمن تركيبة البنزين النهائية.
واختتم المركز تقريره محذرًا من أن الاعتماد المتزايد على المواد المضافة الخطرة، في ظل غياب تطوير البنية التحتية للمصافي، أصبح ركيزة من ركائز تأمين الوقود في إيران، محذرًا من عواقب اقتصادية، صحية وبيئية وخيمة.
يُذكر أنه في يناير (كانون الثاني) 2023، صرح مسؤول في منظمة حماية البيئة أن فقط 38 في المائة من البنزين المنتج في البلاد يفي بالمعايير المعترف بها.