ضرورة بناء مجتمع رقمي ناضج…

عمان – وسط حالة فوضى عارمة وضجيج يعيشه المستخدم اليوم في عالم منصات التواصل الاجتماعي نتيجة انتشار المحتوى العشوائي غير الموثوق، المحتوى غير المتخصص، والمختلط بمعلومات مضللة وغير صحيحة، ومنشورات توصف بـ”الصادمة” كل هدفها جمع اللايكات والتفاعلات، أكد خبراء وصناع محتوى أردنيون أهمية الإسهام في تعزيز المحتوى العربي الرصين الموثوق بشكل عام، وضرورة توجه المستخدم لبناء هوية رقمية تعكس قيما وخبرات تبني المجتمع والاقتصاد في بلد يقدر فيه عدد مستخدمي الإنترنت بنحو 10.7 مليون مستخدم.اضافة اعلان
وقال خبراء وصناع محتوى، في فعالية عقدت مؤخرا في جامعة الحسين التقنية، إنه ينبغي العمل على بناء مجتمع رقمي عربي ناضج يقدر “الجودة”، ويتبادل المعرفة، ويحتفل بالهوية وليس بالصورة فقط، مؤكدين أن على المستخدم أن يعي بأن هويته الرقمية يجب أن تعكس جوهر الإنسان وليس صورته.
وأشاروا الى أهمية التواجد على شبكة متخصة مهنية مثل “لينكد ان”، مع التركيز والحرص على النشر باللغة العربية، وذلك لتعزيز المحتوى العربي الرصين والمتخصص على الشبكة العنكبوتية، الذي لا يزيد في أحسن حالاته على نسبة 3 %.
وقال خبراء وصناع المحتوى خلال الفعالية، وهي باكورة ملتقيات مبادرة “مجلس” الساعية لبناء مجتمع رقمي ناضج على الإنترنت، إن على المستخدمين اليوم الاستفادة من الفرص والخبرات الموجودة عبر منصة مهنية، مثل “لينكد ان”، مجمعين على أن بناء الهوية الرقمية “ليس استعراضا” بل “مسؤولية”، وأن الحضور الرقمي للمستخدمين يجب أن يعكس قيمهم وألا يقتصر على إنجازاتهم.
وأشاروا، خلال الفعالية التي انعقدت تحت عنوان “هوية حاضرة”، إلى أن الحضور الرقمي على قدر كبير من الأهمية في زمن الخوارزميات والمحتوى العشوائي السريع، وأن على المستخدم أن يكون “حقيقيا” في تواجده وفي المحتوى الذي يقدمه وأن يبتعد عن الزيف والمبالغات والتقليد والنسخ، باختصار أكدوا أن الهوية الرقمية يجب أن تعكس شخصية المستخدم بقيمه وخبراته.
ودعوا الى أهمية استخدام الطلاب والجامعيين للمنصات، وخصوصا شبكة “لينكد ان”، لبناء هويتهم الشخصية من اليوم الأول في الجامعة والمبادرة في المشاركة، مشيرين الى أهمية الحوار بين الأجيال ودوره في صناعة محتوى أصيل ومستدام.
وشددوا على أهمية الالتزام تجاه القضايا الإنسانية والتعبير عن القيم والمواقف الإنسانية على المنصات الرقمية، مع الحرص والحذر في الصياغة والنشر.
خلال كلمته الافتتاحية، قال رئيس جامعة الحسين التقنية الدكتور إسماعيل الحنطي “إن التواجد والحضور الرقمي هو على قدر كبير من الأهمية للشباب اليوم”، مؤكدا أن التأثير يكون بالفكر الهادئ وأن الصوت المرتفع لا يصنع الفرق.
وأشار الحنطي الى أن الحياة يمكن أن تأخذ منك كل شيء إلا السمعة، ولذا علينا الحرص على تواجدنا الرقمي بسمعة وخبرة ومحتوى رزين، وقال: “إن اسمك هو أغلى ما تملكه، فاربطه دائما بخبرات ومؤشرات قوية”.
وقال صاحب فكرة مبادرة “مجلس” المستشار في مجال بناء الهوية الرقمية خالد الأحمد “حان الوقت اليوم لأن نسلط الضوء ونتعاون جميعا لبناء المحتوى القيم والمتخصص وباللغة العربية، مع الابتعاد عن الاهتمام بالأرقام والإعجابات والتفاعل السريع حتى لو كان كبيرا”.
وأشار الأحمد الى أهمية مبادرة “مجلس” وجمعها للخبراء وصناع المحتوى والشباب، في الطريق لتوعية شاملة للمستخدمين في مجال بناء هوية رقمية حقيقية.
وقالت مشاركة في الفعالية أسماء الخالدي “إن المحتوى القوي الحقيقي ليس بالضرورة أن يحصد كثيرا من الإعجابات، ولكنه دائما يترك الأثر”.
وانطلق، الأسبوع الماضي، أول ملتقيات مبادرة “مجلس” التي تسعى الى نشر الوعي والحوار حول بناء هوية حقيقية رقمية، وتواجد رقمي مفيد للمجتمع والاقتصاد والشباب، وخصوصا عبر شبكة “لينكد ان” الاجتماعية المهنية التي يقدر عدد مستخدميها حول العالم بنحو مليار مستخدم، منهم حوالي مليونين في الأردن.
وحضر الفعالية الأولى لـ”مجلس” نحو 250 فردا من صناع المحتوى وطلبة الجامعات والمهنيين من قطاعات متنوعة.
وشارك في تأسيس مبادرة “مجلس” صاحب الفكرة المستشار في بناء الهوية الرقمية خالد الأحمد، وهو رئيس المبادرة، مرام سمارة، وهي مدربة شركات في مهارات التواصل، حسام خطاب، وهو خبير في الثقة الرقمية والأمن السيبراني والحوكمة، وجمانة فيصل أبو عاقولة، وهي كاتبة محتوى ومديرة حسابات، محمد حزين المستشار وخبير موارد بشرية، وأحمد آل سيف مؤسس شركة “ألفريدو” التعليمية.
وشهدت فعالية “مجلس” الأولى جلسة قادها مؤسس شركة “الفريدو” التعليمية أحمد آل سيف، وقدم 40 نافذة لصنع مسار مهني حقيقي مع نصائح عملية.
وشملت الفعالية جلسة بعنوان “الخوارزميات مقابل الجودة”، ودار فيها نقاش حول صناعة محتوى المنصة، كما شهدت الفعالية انعقاد جلسة أخرى حول العلامة الشخصية للطلبة التي أكدت أهمية البدء ببناء هوية رقمية حقيقية قبل التخرج.
وحفلت الفعالية بنقاشات جادة حقيقية بعيدا عن السطحية، شارك فيها صناع محتوى أردنيون وأصحاب تجارب؛ حيث أجمع الجميع على أن الهوية الرقمية ليست مجرد ملف شخصي بل مسؤولية ورسالة، وأن صانع المحتوى ليس فقط من يحسن الكتابة والتصوير، ولكنه من يحسن الإنصات ويقدم مادة ومحتوى يلهم ويعلم ويضيف.
وأكدت الفعالية أهمية شبكة “لينكد ان” المهنية، وأنها اليوم لم تعد تمثل السيرة الذاتية للمستخدم، ولكنها بما تقدم وتتيح من محتوى هي تعكس السيرة الفكرية.
وعلى صعيد متصل، أوضح مؤسسو مبادرة “مجلس” أن فعالياتها الرئيسية ستنعقد كل ثلاثة أشهر، مع إمكانية عقد فعاليات أصغر كل فترة زمنية أقصر، في الطريق لبناء مجتمع أردني رقمي واع يسير لتصحيح مسار التواجد الرقمي وللحد وتقليص حالة الفوضى العارمة التي تشهدها معظم منصات التواصل الاجتماعي، وتطويع هذه المنصات، لا سيما شبكة “لينكد ان”، لإفادة الناس والمجتمع والاقتصاد بالخبرات الحقيقية والتجارب الإنسانية والعملية في كل القطاعات.