كشف ابن مدينة عنابة، مؤدي المالوف جمال ميروح، عن مشاريع فنية مشتركة مع فنانين شباب من ولاية قسنطينة، من بينهم الفنان العربي شوشانة،حيث يشتركان في تصوير كليبات في طبع المالوف، ستقدم صورة مشرقة وجميلة عن هذا الفن، وتؤكد بأن انتماءه واحد، وتقضي بذلك على بعض الحساسيات الجهوية التي تعكر صفو الساحة الفنية.
حاورته/ أسماء بوقرن
كما حدد الفنان للنصر، موعد إصدار أغنية «أنت قمرة ضواية»، التي أعاد توزيعها بكلمات وتلحين جديدين، ليظهر بصمته الفنية كما عبر، علما أنه يحضر لأغاني أخرى جديدة في طبع المالوف العصري، الذي يعد لونه الموسيقي المفضل، وضرورة لاستمرار التراث وإحيائه في كل مرة.
خطى الفنان جمال ميروح، الخطوات الأولى في المجال الفني وهو في سن صغيرة، حيث كان يهوى أداء مختلف الطبوع ويوثق لما يؤديه من مقاطع عبر حسابه على فيسبوك، فأدى الطبع الشاوي والسطايفي، والراي، والتونسي، والمالوف.
وقال،إنه حينما بلغ درجة النضج الفني، تخصص في فن المالوف، الطبع الذي ينجذب إليه ويبدع فيه أكثر، واختار المالوف العصري، الذي يؤديه بإحساس عال، فوثق لتدرجه الفني عن طريق تسجيل فيديوهات على حساباته الافتراضية، التي كانت تلقى إعجاب أصدقائه ومتابعيه، وتتداول بين مستخدمين منهم عديد ولايات الوطن، من اكتشف هذا اللون الموسيقي لأول مرة.
عيد المرأة قدمني للجمهور
كان أول صعود للفنان على الركح للغناء أمام جمهور حقيقي، منذ نحو 7 سنوات، وذلك خلال فعالية احتفالية باليوم العالمي للمرأة 8 مارس، حينها لم يتجاوز عمره 21 سنة، وكان ذلك الحفل بمثابة إعلان عن انطلاقة رسمية لنشاطه الفعلي في الساحة الفنية.
أخبرنا، أنه في ذلك الوقت لم يكن يعتمد على موهبته وصوته الجميل في إمتاع الجمهور فقط، وإنما كان حريصا على صقل ملكته الصوتية، بالاستماع إلى أعمدة الفن كالشيخ محمد الطاهر الفرقاني، وحمدي بناني، والشيخ الكرد، وحسان العنابي، ومصطفى بن راشي، وترديده للقصائد مع الوقوف عند كل بيت ليتمعن فيه ويفهم معانيه وليصنف النوع الموسيقي.
كما كان يبحث وبشكل معمق في المجال الموسيقي، وبخاصة أنواع موسيقى المالوف، للتفريق بين الزجل والمحجوز والطقطوقات، التي يميل إلى أدائها بالنظر إلى سهولة الكلمات، إلى جانب حبه وتفضيله للمحاجز، و تحديدا أغنية «جا رسول زين الناقة»، التي أعاد تسجيلها ولاقت نجاحا كبيرا.
وأرجع السر في ذلك إلى الأداء الجيد والرغبة في التميز عن طريق الإحساس القوي والعميق، مع الحرص على اتباع القواعد الصحيحة في الغناء.
ويعتبر ابن عنابة، أن المشاركة في حفلات عيد المرأة، قدمته للجمهور الواقعي وفتحت له باب الفن بشكل رسمي، حيث توالت عليه الدعوات سواء لإحياء سهرات وأماسي فنية لقطاع الثقافة، أو أفراح و مناسبات العائلات العنابية، التي ساهمت كذلك في بروزه والتعريف به أكثر.
وأضح، أن الأمر خدمه كثيرا حيث ارتفاع معدل الطلب عليه وتضاعف نشاطه الفني، ما جعله يتحكم جيدا في الغناء ويبلغ مرحلة متقدمة، ويتخصص في اللون الغنائي الذي يناسب صوته وذوقه الفني، فاختار المالوف العصري، انطلاقا من معطيات ومعايير تتوفر فيه، كالنضج الموسيقي.
معتبرا، هذا الطبع ذو خصوصية فريدة ولا يمكن لأي فنان أداؤه بنفس التميز و الروح، لاختلافه وصعوبته مقارنة بباقي الطبوع.
وقال محدثنا، إنه استطاع التميز في هذا اللون الفني، لأن له جمهورا خاصا جدا، يتمتع بذوق رفيع، فضلا عن كونه مثقفا.
ويرى جمال، أن موقع يوتيوب مكنه من توسيع رقعة نشاطه الفني عن طريق نشره لفيديوهات على قناة صديق له يملك أستوديو تسجيل فني، حيث كان يصور أداءه هناك و ينشر المقاطع، على غرار فيديو سجله لأغنية «نت غرامي» التي أعاد أداءها بطابع المالوف العصري خلال إحياء فرح عائلي في عنابة، وهو مقطع حقق مليون مشاهدة.
مردفا، بأن نسب المشاهدة كانت بالنسبة له مؤشرا إيجابيا على عودة الاهتمام بفن المالوف وسرعة انتشاره مجددا، وشكلت حافزا له للمواصلة إلى جانب فرقته المكونة تقريبا من ستة أعضاء يسعون دائما لتقديم ما يرقى لتطلعات الجمهور ومتابعيه من مختلف ولايات الوطن، على غرار قالمة، وسوق أهراس وقسنطينة، وجيجل، والعاصمة وسكيكدة، باعتبارها مناطق استطاع أن يؤسس فيها قاعدة جماهيرية عريضة، بحسب ما تؤكده الطلبات الكثيرة التي يتلقاها لأجل إحياء حفلات الزواج والتفاعل الكبير مع فيديوهات الأعراس التي يقيمها هناك.
لا يوجد طبع موسيقي أصيل غير قابل للعصرنة
قال الفنان، بأنه ضد رفض عصرنة الطبوع الموسيقية التراثية، بل يرى أنه من المهم أن تتدعم بموسيقى عصرية شريطة عدم المساس بجوهرها الأصلي.
واعتبر، أنه لا وجود للون موسيقي غير قابل للتجديد، والمالوف تحديدا بحاجة لتحديث وتطوير حسبه، ليستمر في ظل متغيرات العصر التي أعادت تشكيل الأذواق خصوصا بالنسبة للشباب.
وعليه، يركد الفنان أن الاستمرارية تفرض العصرنة خاصة في ظل هيمنة الطبوع الشبابية، كالراي الذي يعد المفضل لعديد الفئات من الجمهور لدرجة أنه استحوذ بشكل شبه كلي على الساحة، ولولا العصرنة التي مست في السنوات الأخيرة طبوعا كالمالوف لما شهدنا عودة الاهتمام بهذا الفن في الأعراس ومختلف المناسبات العائلية.
وقال، إن هذا الانتشار استقطب كذلك اهتمام الفنانين الشباب وليس الجمهور فقط، و دفع ببعض الأصوات القوية والجميلة إلى اختيار موسيقى المالوف كتخصص، وأن تنطلق من مجرد الأداء لأجل الانتشار إلى البحث و التعلم و التدرج في تعلم أصول هذا الفن.
هذه أبرز الحيل للترويج للتراث
وأضاف الفنان جمال ميروح، بأن الاكتفاء بتقديم مقتطفات من أغان تراثية لموسيقى المالوف، حيلة ترويجية تخطف أسماع الجمهور وتقوده للبحث عن الأغنية كاملة وسماع نسختها الأصلية.
مقدما مثالا، بإعادة أداءه لمقاطع من أغنية «جا رسول زين الناقة»، و «البوغي» بطابع عصري، والتي حققت تفاعلا ملفتا على مواقع التواصل، حيث وردته عديد الرسائل من متابعين للمطالبة برابط الأغنية كاملة، ليوجههم نحو مؤديها الأصلي وبالطريقة الكلاسيكية.كما تحدث عن حجم التفاعل مع مقطع من أغنية « نبرا من الأضرار»، تم تداوله على نطاق واسع، وحرك الروح الفنية لدى شباب وحتى بعض الأطفال حسبه، وكلها مؤشرات يقول الفنان بأنها تؤكد أن المالوف العصري بوابة نحو المالوف الكلاسيكي. مشيرا، إلى أنه مع الحفاظ على أصول هذا الفن وقواعده، ومن أشد الحريصين على ديمومته ونقله بين الأجيال.
منوها، بأن متعته الفنية تكتمل بسماع أغاني المالوف القديمة بصوت المشايخ، أو بأصوات فنانين مبدعين عدلان فرقاني، وسليم فرقاني.
مشروع فني يجمع فناني قسنطينة وعنابة
وفي ختام حواره للنصر، كشف الفنان جمال ميروح، عن تحضيره لأربع أغاني بكلمات جديدة بطبع المالوف، ثلاث منها كتب كلماتها صديقه عصام من ولاية قسنطينة، وأخرى كتبها بنفسه، ويشرف أيضا على تلحينها.
وقال، إنه سيطلق مع مطلق السنة القادمة، أول أغنية بعنوان «أنت قمرة ضواية»، أنهى تلحينها مؤخرا، وسيباشر تصوير مشاهد الكليب في ولاية عنابة، مستعملا السانتي، والدربوكة، وآلات أخرى كالكمان والعود.
كما يشارك جمال في مشروع فني جماعي شبابي، يجمع فنانين شباب من عنابة وقسنطينة، وهي مبادرة فنية لتجاوز بعض الحساسيات التي أصبحت تشوه صورة المالوف، والمتعلقة بأصل المالوف وطريقة أدائه.
أوضح، أن المبادرة ستقدم هذا الطابع بقبعة واحدة باسم المالوف الجزائري، حيث تتمثل الفكرة في أغاني تراثية تسمى «بالخواتات»، تشترك في الصنعة وتختلف في الكلمات، كأغنية «بوالجبال» و أغنية « بابا منصور».
وستقدم من خلال العمل أغنيتان في كليب واحد يصور بين قسنطينة وعنابة.كما يحضر الفنان في إطار نفس المبادرة، لعمل مشترك مع رئيس فرقة عيساوة من قسنطينة، ومؤدي فرقة جواهر رامي عتيق، ويحضر لمشروع مع الفنان العربي شوشانة.
أ ب