شقّت ملك خفاجي طريقها في رياضة الإسكواش، لتصنع قصة نجاح استثنائية بدأت من محافظة الإسكندرية وانتهت مؤقتاً على منصة التتويج في بطولة «سانتياغو المفتوحة» في إسبانيا. اللاعبة المصرية الشابة التي تكمل الـ21 من عمرها الشهر المقبل، كتبت اسمها بأحرف بارزة في سجل البطلات الصاعدات على الساحة الدولية، بعد أن حقَّقت فوزاً مثيراً في النهائي على الفرنسية المخضرمة كاميل سيرم، المُصنَّفة الثانية عالمياً سابقاً، بـ3 أشواط مقابل اثنين، في واحدة من أكثر المباريات إثارةً خلال الموسم. وُلدت ملك خفاجي عام 2004 في محافظة الإسكندرية، ونشأت في بيئة رياضية دعمت شغفها المبكر بلعبة الإسكواش. بدأت مشوارها مع اللعبة في سن الـ14، وسط منافسة شرسة مع لاعبات يتمتعن بقدرات بدنية متقدمة. لم تكن الأقوى بدنياً في البداية، لكنها كانت الأكثر إصراراً على التطور، مدفوعةً بعزيمة داخلية ودعم عائلي كبير، خصوصاً من والدتها.
واصلت التمرين بجدية، وتجاوزت صعوبات البدايات، لتشق طريقها نحو التألق، مستفيدة من كل عثرة بوصفها فرصةً للنهوض من جديد. تميّزت خفاجي خلال سنواتها الأولى في بطولات الناشئين، حيث تُوِّجت بلقب بطولة هولندا الدولية للناشئين مرتين متتاليتين عامَي 2018 و2019، كما أحرزت المركز الثالث في بطولة العالم للناشئين سنة 2023، والمركز الخامس في نسخة 2022. كذلك نالت المركز الثالث في البطولة البريطانية للناشئين، ما جعلها تحت أنظار المدربين والفرق العالمية. في عام 2023، قرَّرت ملك خفاجي الانتقال إلى الولايات المتحدة لمتابعة دراستها الجامعية في جامعة بنسلفانيا، وهناك واصلت مسيرتها الرياضية دون أن تتخلى عن حلمها في أن تصبح إحدى نجمات اللعبة عالمياً. انضمت إلى فريق الجامعة، وسرعان ما فرضت نفسها لاعبةً أساسيةً، حيث نالت لقب أفضل لاعبة في دوري رابطة اللبلاب لعام 2024، إلى جانب لقب أفضل لاعبة صاعدة في موسمها الأول، بعد أن حقَّقت 12 انتصاراً في 15 مباراة. تفوَّقت خلال الموسم على 7 لاعبات سبق لهن أن نلن ألقاباً مرموقة على مستوى الجامعات، ما أكد مكانتها الفنية العالية، وقدرتها على التكيُّف مع بيئة جديدة. ولم تقتصر إنجازاتها على البطولات الجامعية، بل انطلقت بقوة في بطولات رابطة المحترفات، ففازت بعدد من الألقاب المهمة مثل بطولة «أودينسه المفتوحة» في الدنمارك، وبطولة «غرينيتش» الصيفية في الولايات المتحدة، إلى جانب بطولتي «بيغا» و«لانكستر»، حيث تفوّقت على لاعبات من مدارس وأساليب مختلفة، وأثبتت قدرتها على التكيُّف والتفوق في جميع البيئات. في شهر يونيو (حزيران) الحالي 2025، حقَّقت نقطة التحول الأبرز في مسيرتها الاحترافية، حين فازت بلقب بطولة «سانتياغو المفتوحة» للسيدات، إحدى البطولات المُصنَّفة ضمن الفئة الفضية في روزنامة الاتحاد الدولي، بجوائز مالية تبلغ 25 ألف دولار. أُقيمت البطولة في إسبانيا، وشاركت فيها نخبة من أبرز اللاعبات العالميات، وعلى رأسهن الفرنسية كاميل سيرم. وبعد مباراة امتدت إلى 5 أشواط، تمكَّنت خفاجي من فرض أسلوبها وانتزاع الفوز بصعوبة، لتتوج بأول ألقابها الرسمية في بطولات المحترفات. هذا التتويج شكَّل نقطة انطلاق جديدة في مسيرتها، ورسَّخ مكانتها في التصنيف العالمي، الذي بلغ ذروته في سبتمبر (أيلول) من عام 2024، عندما احتلت المركز الـ25 على مستوى العالم، قبل أن تستقر في المركز الـ28 في شهر يونيو 2025. نجاح ملك خفاجي لا يُقاس فقط بالألقاب والتصنيفات، بل بما تمثّله أيضاً من نموذج ملهم للرياضية المصرية التي تجمع بين التميز الأكاديمي والرياضي في آن واحد. لقد استطاعت ملك أن توازن بين الدراسة في واحدة من أعرق الجامعات بالعالم، وممارسة رياضة تتطلب جهداً بدنياً وتركيزاً ذهنياً كبيرَين، وهو ما يجعلها مرشحةً لمنافسة نجمات اللعبة على المدى القريب.