الأدوية منتهية الصلاحية أصبحت ظاهرة خطيرة تهدد صحة المرضى فى زمن الانقلاب ورغم تعدد الشكاوى ورصد الكثير من مواقع الانترنت وصفحات مواقع التواصل الاجتماعى بل وبعض الصيدليات تبيع هذه الأدوية بأسعار رخيصة بعد طباعة تواريخ صلاحية مزيفة عليها إلا أن حكومة الانقلاب فشلت فى مواجهة هذه الظاهرة وكل الحملات التى توجه فى هذا المجال هى من أجل الشو الإعلامى والتطبيل لنظام الانقلاب ليس أكثر .
كان خالد عبد الغفار وزير صحة الانقلاب قد أصدر قرارًا في فبراير الماضي يُلزم المنشآت الطبية بإعادة الأدوية والمستلزمات الطبية منتهية الصلاحية إلى الشركات الموردة، ومنع إعدامها إلا بعد استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة وموافقة الجهات المختصة.
ورغم هذا لا تزال الأدوية منتهية الصلاحية منتشرة بصورة كبيرة وهو ما يثير تساؤلات حول من المسئول عن ضبط السوق ومواجهة تلك التجارة التي تتسع باستمرار فى ظل فشل حكومة الانقلاب فى مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة .
مصانع بير السلم
حول هذه الظاهرة قالت الصيدلانية هناء محمد إن شركات توزيع الأدوية تسترجع فقط 1% من قيمة المسحوبات الشهرية للصيدليات، مع اشتراط أن تكون العبوة كاملة، مما يدفع الصيادلة إلى تقليل مشترياتهم تجنبًا للخسائر. كما يحاول بعضهم بيع الأدوية القريبة من انتهاء الصلاحية كبدائل لأدوية مطلوبة بشدة.
وأشارت هناء محمد فى تصريحات صحفية إلى أن الأدوية التي لا يمكن تصريفها، يتم التخلص منها بإلقائها في القمامة، أو بيعها لمندوبين يعرضون شراءها بخصومات كبيرة أو استبدالها بمنتجات أخرى.
وحذرت من أن هذه الأدوية، بمجرد خروجها من الصيدليات، غالبًا ما يتم تداولها بطرق غير قانونية، حيث تباع مباشرة إلى المرضى عبر وسطاء، بعيدًا عن القنوات الرسمية موضحة أنه من المفترض أن تحصل الصيدليات على الأدوية من مصادر مرخصة، مثل شركات التوزيع، لكن بعض الصيادلة غير الملتزمين قد يلجأون إلى شراء الأدوية من مخازن غير قانونية تُعرف باسم مصانع بير السلم.
المادة الفعالة
وقال الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الدواء وعلم انتشار الأوبئة بكلية الصيدلة بجامعة عين شمس ان سلامة حفظ الأدوية، أكثر أهمية من تاريخ صلاحيتها، إذ يمكن أن تفسد رغم استمرار الصلاحية بسبب درجات الحرارة وسوء التخزين، محذرًا من استخدام الأدوية منتهية الصلاحية التي تتحول المادة الفعالة داخل بعضها لمادة مختلفة، قد تتحول إلى سم، مثل: المضادات الحيوية، في حين تفقد أدوية أخرى جزءًا من فعاليتها في العلاج .
ونصح عنان فى تصريحات صحفية المستهلكين بالتخلص من الأدوية في القمامة، بعد اتلافها، فور انتهاء تاريخ الصلاحية أو بعد مرور أسبوع أو اثنين على فتح العبوة، حال كان ذلك مدونًا في روشتة الدواء، لاسيما القطرات والمضادات الحيوية، التي يتركها غالبية المواطنين في ثلاجاتهم لشهور أو سنوات، والرجوع للصيدلي للتخلص من الحقن الجاهزة.
ولفت إلى وجود فترة جفاف في تخزين الأدوية خلال العام 2024 بسبب نقص الأدوية، لكن هذا لا يعني عدم وجود أدوية منتهية الصلاحية، موضحا أنه في حين تسترجع بعض الشركات أدويتها التي انتهت صلاحيتها، فإن هناك جمعيات خيرية اتجهت مؤخرًا إلى أخذ الأدوية منتهية الصلاحية من المستهلكين، وإعادتها للشركات المنتجة لها للتخلص منها، كي لا تقع في أيدي مندوبين يعملون بشكل غير قانوني، وتصل في النهاية إلى مصانع غش الأدوية .
وطالب المواطنين بعدم شراء أي دواء من على الإنترنت أو منفذ غير رسمي لبيع الدواء.
تاريخ الصلاحية
وكشف علي عوف رئيس شعبة الأدوية، أن هناك مصانع غير مرخصة تنتشر في مصر تقوم بشراء الأدوية منتهية الصلاحية من الصيدليات، ثم تعيد تغليفها بتواريخ مزيفة وتطرحها مجددًا في الأسواق، مما يعرض حياة المستهلكين لخطر بالغ.
وقال عوف فى تصريحات صحفية إن جهاز حماية المستهلك ضبط خلال الفترة الماضية مصانع مخالفة تعيد تدوير بعض أدوية الأورام عبر إزالة تاريخ الصلاحية المنتهي وطباعة آخر جديد، قبل توزيعها عبر المخازن والصيدليات، مشيرًا إلى أن حجم هذه التجارة غير المشروعة يُقدَّر بنحو 3 مليارات جنيه.
وأكد أن شركات الأدوية لم تسحب أدويتها منتهية الصلاحية من الأسواق منذ سبع سنوات، ما يفاقم الأزمة ويمنح السوق غير الرسمية مساحة أوسع.
شركات الأدوية
وأكد محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري لحماية الحق في الدواء، أن أزمة الأدوية منتهية الصلاحية ليست جديدة، إذ تواجهها دول العالم منذ السبعينيات. لكن في حين تضع معظم الدول لوائح صارمة للتخلص الآمن من هذه الأدوية، تظل المشكلة قائمة في مصر فى زمن الانقلاب بسبب نفوذ شركات الأدوية، التي ترفض استرجاع الأدوية منتهية الصلاحية من الصيدليات، متذرعةً بنقص بعض الشرائط من العلب أو غياب الفواتير الرسمية.
وقال فؤاد فى تصريحات صحفية : ما يفاقم المشكلة أن العديد من الصيدليات الصغيرة تعتمد على شراء الأدوية من مخازن غير رسمية دون الحصول على فواتير، مما يحرمها من التعامل المباشر مع شركات التوزيع الكبرى. كما أن بعض شركات الأدوية التجارية، التي لا تنتمي لغرفة صناعة الدواء أو اتحاد الصناعات، تلجأ إلى إغلاق سجلاتها التجارية وتجميد نشاطها للتهرب الضريبي، مما يجعل من المستحيل على الصيادلة التواصل معها لاسترجاع الأدوية التالفة.
وأشار إلى أن الشركات الأجنبية ومتعددة الجنسيات تلتزم باسترجاع أدويتها بعد انتهاء صلاحيتها، مؤكدا أن حجم الأدوية منتهية الصلاحية في السوق المصري في عام 2019 تم تقديره بنحو 500 مليون جنيه.
وكشف فؤاد أن مصر تضم نحو 80 ألف صيدلية، من بينها 15 ألفًا مملوكة لأشخاص لا ينتمون إلى المهنة أو ينتحلون صفة صيادلة، وهؤلاء يسعون لتحقيق الربح بأي وسيلة، مما يدفعهم للتعامل مع عصابات متخصصة في شراء الأدوية منتهية الصلاحية بأسعار مخفضة لافتا إلى أن هذه الأدوية تُنقل إلى ورش غير قانونية، حيث يعاد تعبئتها بطبعات تواريخ إنتاج جديدة، ثم تُباع مجددًا إلى الصيدليات، ما يؤدي إلى خداع الصيادلة والمستهلكين على حد سواء.