باقات حكايات تاريخية وقصص تطور وملامح إنجازات رائدة متفردة، توثقها روائع معرض «برج راشد»، المبادرة التي تندرج ضمن «استراتيجية جودة الحياة في دبي»، إذ تنظمه هيئة الثقافة والفنون في دبي «دبي للثقافة»، في مكتبة الصفا بدبي، بدعم من «منصة سكة»، وذلك كأول نسخة من «سلسلة دبي»، المبادرة التي تسلّط الضوء، في كل عام، على جانب محدد من جوانب الإمارة، لتروي سيرها الملهمة بطرق مبتكرة، وتتمحور النسخة الأولى حول «برج راشد»، بوصفه رمزاً للتطور والازدهار في المدينة.
ويضم هذا المعرض 30 عملاً فنياً تحمل بصمات مجموعة واسعة من الفنانين والمبدعين المواطنين والمقيمين، وهي تجسد أفكاراً مستلهمة من برج راشد احتفاء بالذكرى الـ 45 لافتتاحه، حيث تروي سيرة فرادة دبي وتضيء على أهمية هذا البرج الذي يؤرخ لنهضة دبي العمرانية وتطور مسيرتها التنموية الطويلة.
توثيق المعمار
وقالت كاملة العلماء، مديرة مشروع «معرض برج راشد» في «دبي للثقافة»، في حديثها لـ«البيان»، إن الأعمال الفنية المعروضة في معرض «برج راشد»، والذي يستمر حتى 2 مايو المقبل، تعكس التطورات المعمارية والاجتماعية والتنموية العامة، التي شهدتها دبي منذ افتتاح البرج، وبينت أنه يحتوي، إلى جانب الأعمال الفنية، على محتوى تاريخي لزيادة وعي الجمهور عن أهمية برج راشد ودوره المحوري في تاريخ دبي المعماري والاجتماعي والاقتصادي.
وتابعت: ينقسم المعرض لثلاثة أقسام أساسية، أولها «شارع الشيخ زايد» (يعكس أهمية البرج كأيقونة في تاريخ دبي)، والقسم الثاني «برج راشد: في الذاكرة»، أما القسم الثالث فجاء تحت عنوان «برج راشد: إرث حي».
وحول أهمية المعرض في تعزيز الهوية الثقافية والفنية للإمارة، ودعم التجارب والحوارات الفنية بين الفنان المحلي والجمهور، أكدت كاملة العلماء، أنه يوفر فرصة للمبدعين لعرض أعمالهم الفنية من مجالات مختلفة. وبينت أن المعرض يشمل أعمالاً من 8 مجالات إبداعية مختلفة، كالفنون البصرية والشعر والفن الرقمي والتصميم، كما أن المشاركات فيه هي من أجيال مختلفة، وضم 30 عملاً مبتكراً.
وأضافت كاملة العلماء: إن الأعمال الفنية المستلهمة من «برج راشد» في هذا المعرض، تسهم في تعزيز الوعي بتاريخ دبي وتطورها. كما يتضمن المعرض إلى جانب الأعمال الفنية مقتنيات تاريخية أخرى تعزز من التجربة الثقافية لزوار المعرض، وأهمها الكتب والصحف والعملات والطوابع، بالإضافة إلى الرسومات المعمارية والصور من الأرشيفات العامة والخاصة، والتي تتمحور جميعها حول برج راشد بوصفه تحفة معمارية ملهمة واستثنائية في إمارة دبي.
وعن أهم الأعمال الفنية التي يحتضنها المعرض، أشارت كاملة العلماء، إلى جدارية قصيدة برج راشد للدكتور عارف الشيخ، والتي تجسد طموح المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وذلك إلى جانب تصميم المهندس «هاريس» وعمل المهندس «هيلد» اللذين تمكنا من تصميم البرج بطريقة تحافظ على رشاقته على مدار الزمن، ليصبح رمزاً تجارياً عالمياً وكأول ناطحة سحاب في دبي تم إنجازها في 1979.
وتابعت: في حين قدم الفنان أحمد حسن الصفار صورة فوتوغرافية للبرج تجمع بسلاسة بين التراث العربي والتصميم العصري. وتستحضر واجهاته المتلألئة، بالنسبة للفنان في عمله، إحساساً بالتقدم والإبداع وعظمة دبي الدائمة.
وأيضاً، تسلط الضوء على مكانته كجوهرة معمارية بارزة في أفق دبي.
واستطردت كاملة: من الأعمال الفوتوغرافية الأخرى المميزة في المعرض، سلسلة الفنانة عليا الشامسي، والتي تعد استكشافاً لإعادة تفسير برج راشد الأيقوني في عام 2024، حيث تدعو الزائر إلى التعمق في تفاصيل جماليات عمارة برج راشد من خلال تفكيك عناصره المعمارية، والكشف عن أشكال وأنماط خفية تتحدى التصورات التقليدية، في حين يوثق الفنان عمار العطار عبر الصورة الفوتوغرافية «دوار المركز التجاري»، موثقاً مشهداً خاصاً لمدينة استثنائية لا تتوقف عن التطور. كما يستكشف ملصق «نمط راشد» بأسلوب الباوهاوس، وهو للفنانة نوال البلوشي، جماليات مدرسة وتقاليد الفن العربي، محتفياً بمعلم من التراث الحديث في دبي. وذلك من خلال دمج فن الخط العربي.
وأكدت كاملة العلماء أنه ومن ضمن المعروضات في فئة الوسائط المتعددة بالمعرض، عمل فني بعنوان «انطلاقة» للفنان علي مراد، حيث إنه يدعو المشاهدين للتأمل في بدايات رحلة دبي الاستثنائية، وكذلك المستقبل الطموح، والذي يُبنى دائماً على أسس متينة كما فعلت دبي، وهذا في حين تعد الصورة الفوتوغرافية للفنان حسين الموسوي، والتي حملت اسم «سعي بين الواجهات: مركز دبي التجاري العالمي»، جزءاً من مشروع بعيد المدى يوثق التراث المعماري لدولة الإمارات في الأماكن العامة.
إتقان هندسي
ولفتت كاملة العلماء للتصميم الذي طرحه «ون ثيرد استوديو» تحت عنوان «صراي دبي» وهو تصميم متعدد الاستخدامات للمقاعد، مستوحى من برج راشد الأيقوني، الذي يجسد تميز ودأب دبي وطموحها المستمر.
وتابعت: كما استوحت الفنانة لطيفة سعيد لوحتها التشكيلية «بناة اللانهاية» من التفاصيل الهندسية الفريدة لبرج راشد، معبرة عن انبهارها باللمسة الإنسانية الدقيقة التي تتجلى في تصميمه اليدوي المتقن، وتبرز الصورة الفوتوغرافية للفنانة وفاء بنت حشر آل مكتوم «مدفع رمضان أمام برج راشد» إطلاق مدفع الإفطار يومياً عند غروب الشمس، من أمام البرج، للإعلان عن موعد الإفطار.
وقد التُقطت هذه الصورة قبل غروب الشمس في 20 مارس 2024، الموافق 10 رمضان 1445. كذلك استلهم الفنان عبدالرحيم سالم لوحته «برج راشد في الليل»، من العناصر الحجرية المحيطة بالبرج لتجسد القوة التي تقف وراء بنائه.
قيم التقاليد
وقالت كاملة العلماء، إن لوحة الفنان فيصل عبد القادر «الثلاث والثلاثون المضيئة» في المعرض، تُكرّم هذا الصرح الفريد المضيء، الذي أتاح من طابقه الـ 33 للزوار الحصول على إطلالة بانورامية يتابعون من خلالها نمو دبي وتطورها. واستطردت: يمثل عمل «سكون» للفنان مكتوم آل مكتوم، في المعرض، عملاً تركيبياً يجسد الحوار المستمر بين الإنسان والعمارة.
كما يتناول عمل بعنوان «أثر: دراسة مرئية» للفنانة فاطمة السويدي موضوع الذاكرة والتحول من خلال عدسة المشهد المعماري في دبي.
وقد استلهمت الفنانة عملها من صور التقطها خالها محمد بن هاشم لبرج راشد الأيقوني في عام 1986، وذلك في حين يبرز العمل التركيبي «قيمة الذكريات» للفنانة سارا الخيال، مفهوم الذكريات وأهميتها في منح الأشياء قيمتها، وتتجسد ذاكرة ثلاثية الأبعاد لبرج راشد في شكل منحوتة «سر الخلود»، للفنان أحمد قطان مستلهماً من الزي الوطني الإماراتي الذي يعبر عن التقاليد والأناقة.