حالة من القلق والخوف داخل إسرائيل، عقب قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فرض جمارك على البضائع الإسرائيلية بنسبة 17%، ما أثار مخاوف داخل تل أبيب فى ظل حربها ضد قطاع غزة بدعم عسكرى ودبلوماسى أمريكى، من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد الإسرائيلى الذى يعانى أزمات كبيرة وحرجة بفعل نفقات الحرب على القطاع.
وشهد الشيكل تقلبات عنيفة، فى التعاملات مقابل العملات الرئيسية، على خليفة إعلان الرئيس الأمريكى التعريفات الجمركية التى شملت إسرائيل. على الرغم من محاولة إسرائيل استرضاء ترامب من خلال إلغاء جميع الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع القادمة من الولايات المتحدة، إلا أن الأخير فرض تعريفات جمركية على عدد من الدول – بما فى ذلك إسرائيل.
وأشعلت تلك الرسوم قلق كبير بين مجتمع الأعمال الإسرائيلى، حيث دخلت الشركات فى حالة “الترقب الحذر” لاستيعاب التداعيات قبيل اتخاذ قرارات جديدة”، كما أعرب مسؤولون اقتصاديون إسرائيليون عن صدمتهم من قرار إدارة الرئيس الأمريكى فرض تعريفة بنسبة 17% على إسرائيل، واصفين القرار بأنه “غير مبرر“.
وقالت صحيفة ” جيروزاليم بوست ” فى تقريرها أن المسؤولين مقتنعون بأن قرار إسرائيل إلغاء الرسوم الجمركية الإسرائيلية على الواردات الأمريكية سيمنع التعريفات الأمريكية على إسرائيل.
وأوضحت الصحيفة أن الرسوم الجمركية على إسرائيل هى جزء من مجموعة شاملة من التعريفات الجمركية التى أعلنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يوم أمس الأربعاء والتى سيفرض فيها تعريفة أساسية بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة.
وأشارت إلى أنه سيتم فرض رسوم أعلى على بعض أكبر الشركاء التجاريين للبلاد، فى خطوة تصعد الحرب التجارية التى بدأها عند عودته إلى البيت الأبيض.
وقال خبراء اقتصاد لصحيفة جلوبس الإسرائيلية، تمثل الرسوم الجديدة تهديدًا اقتصاديًا كبيرًا لإسرائيل، حيث قد تصل تكلفتها السنوية إلى نحو 2.9 مليار دولار، بناءً على صادرات إسرائيل إلى الولايات المتحدة البالغة 17.3 مليار دولار فى عام 2024.
ومع ذلك، فإن الرسوم تطبق أساسًا على البضائع وليس على الخدمات، مما يعنى أن صادرات إسرائيل من الخدمات، التى بلغت 16.7 مليار دولار العام الماضى.
وتضيف الصحيفة، فى النهاية، سيتحمل المستهلك الأمريكى تكلفة هذه الرسوم، ما لم يمتص المصدرون الإسرائيليون فرق السعر بالكامل.
وحذر الخبراء من خطورة تداعيات تلك الرسوم. فستصبح المنتجات الإسرائيلية أكثر تكلفة مقارنة بالمنتجات المحلية الأمريكية، كما تؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمى، بما فى ذلك الاقتصاد الإسرائيلى.
وتؤكد الصحيفة أن الرسوم الجديدة تشكل تهديدًا مباشرًا لبعض القطاعات الحيوية فى الاقتصاد الإسرائيلى.
ووفقًا لبيانات المكتب المركزى للإحصاء، فإن أهم الصادرات الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة تشمل المعدات الكهربائية والإلكترونية، والأجهزة الطبية والبصرية، والصناعات الدوائية، والألماس، ما يجعل هذه القطاعات الأكثر عرضة للضرر جراء التعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة.
ونبهت الصحيفة إلى أن هذه الرسوم تشكل تحديًا خاصًا لإسرائيل، حيث تُعتبر الولايات المتحدة الوجهة الرئيسية للصادرات الإسرائيلية، إذ يتم تصدير أكثر من 25% من إجمالى البضائع الإسرائيلية إلى السوق الأمريكية.
وبموجب القرار الأمريكى، ستخضع المنتجات الإسرائيلية لرسوم جمركية بنسبة 17%، وهى نسبة تُحسب استنادًا إلى العجز التجارى بين البلدين، أى الفرق بين الصادرات الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة والواردات الأمريكية إلى إسرائيل.
وسعيا لاحتواء ذلك، سارعت الشركات لمواجهة تأثيرات رسوم إدارة ترامب باتخاذ بعض التدابير الاحترازية المؤقتة منها تجميد عمليات التوظيف وإعادة النظر فى بعض خطط الأعمال الاستراتيجية.
ونقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” عن رئيسة مجلس إدارة شركة “جيفتهيد”، قولها أن شركات التصنيع هى أولى الشركات المتضررة أو التى شرعت فى الدخول فى حالة إعادة التقييم. ورأت أن هناك “تحركاً طفيفاً” بين الشركات، فيما دخلت الشركات التصنيعية حالة “الترقب الحذر”- كالتجميد المؤقت للتوظيف غير الحيوى وتسعى لبذل جهد لاستيعاب التداعيات قبيل اتخاذ قرارات جديدة“.
من جانبه، يرى رئيس مجلس إدارة شركة “ماروم- بروجيكت 360″، نيمرود زفيك، أن الرسوم وتداعياتها ربما تنعكس على أسواق الإنشاءات والعقارات فى إسرائيل. فشركات البناء والبنية والتحتية الأساسية الإسرائيلية الكبرى التى تقدم حلولاً تكنولوجية متطورة فى تلك الصناعات، جميعها تعمل فى الولايات المتحدة، تقول إنها تواجه فى الوقت الراهن تحديات سببتها الرسوم الجمركية.
كما يتوقع أن تضر الرسوم المتصاعدة بهوامش أرباح هذه الشركات، وتعقيد الصادرات، وتجعل من المشروعات الأمريكية، التى كانت يوماً من الأيام أكثر ربحية، أقل صلاحية وجاذبية. وهناك أيضا مخاوف من أن الرسوم قد تبطئ من التطورات التكنولوجية، وتعطل الاستثمارات، وتقلص المنافسة، التى ربما تتسبب فى التأثير على مستويات الابتكار، والجداول الزمنية لسلاسل الإمدادات، وتكلفة البناء فى إسرائيل.
وتؤكد رئيسة قسم حلول المخاطر فى شركة “أوكورا”، أسا درورى، أن الرسوم سوف “تقلص جاذبية تصدير السلع من إسرائيل إلى الولايات المتحدة، فى وقت تواجه فيه بلدان أخرى معدلات جمركية أقل من إسرائيل”، إضافة إلى أن فرض الرسوم يتوقع أن يقوى الدولار الأمريكى على حساب الشيكل على الأجل المتوسط، ما سيؤدى إلى زيادات سعرية فى إسرائيل تجعل من الصعوبة بمكان على بنك إسرائيل المركزى تخفيض معدلات الفائدة الرئيسية.. وتشمل غالبية الصادرات الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة الخدمات التى لم تخضع للتعريفات الجمركية، بما يعنى أن الأثر على ذلك القطاع سيكون فى أدنى مستوياته.
وأضافت أسا درورى، أن إلغاء إسرائيل للرسوم الجمركية على سلع أمريكية خلال هذا الأسبوع ربما تخلق منافسة أكبر أمام المستفيدين الإسرائيلى ومزارعى البطاطس فى البلاد.
وذكرت أن “أثراً أكبر، رغم أنه غير مباشر، قد يأتى بسبب الخطوة الأمريكية على الاقتصاد العالمى.” مطالبة الشركات الإسرائيلية بـ”التمهل قبل شيوع الهلع”، قائلة أن هذه السياسة ربما لا تتمكن من الصمود حتى نهاية هذا الأسبوع.
من جانبها أوصت وزارة المالية الإسرائيلية، بضرورة التحرك العاجل لفتح مفاوضات رسمية مع الإدارة الأمريكية بهدف خفض الرسوم الجمركية التى أقرها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب على العديد من الدول ومن بينها إسرائيل.
وكان ترامب قال، الخميس، أن نتنياهو قد يزور البيت الأبيض قريبا، وكشفت صحيفة معاريف أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى الوشيكة إلى واشنطن، تأتى على خلفية الرسوم الجمركية، وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو طلب من الرئيس الأمريكى تخفيف قضية الرسوم الجمركية، ورد الأخير: “دعونا نلتقى ونتحدث فى هذا الأمر”، وهكذا ولدت دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلى لزيارة واشنطن،
وأشار ترامب فى وقت سابق إلى استعداده لتخفيف الرسوم الجمركية حال تقديم الدول ما وصفه بــ”عرض مذهل.