أميركا ما بين بنغازي وطرابلس… مساعٍ لدعم البعثة و«توحيد المؤسسات»
عادت أميركا إلى بذل جهودها للدفع بالعملية السياسية المتكلسة في ليبيا، عبر جولات يجريها جيريمي برنت، القائم بأعمال سفارتها في البلاد بين بنغازي وطرابلس، وذلك في سياق مساعيها لدعم الدور الأممي، والعمل على «توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية».
والتقى برنت في بنغازي الفريق خالد حفتر، رئيس أركان الوحدات الأمنية بـ«الجيش الوطني»، وقال إنهما ناقشا سبل التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وليبيا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة «مستمرة في التواصل مع الضباط العسكريين في جميع أنحاء ليبيا، ودعم الجهود الرامية إلى توحيد المؤسسات العسكرية»، لافتاً إلى أن «وجود مؤسسات أمنية موحدة ومهنية يُعدّ أساساً للاستقرار، وللسلام الدائم، وتعزيز الازدهار في ليبيا».
القائم بالأعمال جيريمي برنت: “أشكر المستشار المالي لرئيس الوزراء ووزير المواصلات محمد الشهوبي على استضافته لي اليوم في #طرابلس. أجرينا مناقشة جيدة حول التطورات الاقتصادية الأخيرة في #ليبيا وفرص تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة وليبيا في قطاع المواصلات والقطاعات المهمة الأخرى،… pic.twitter.com/Pdgkg7a0T0
— U.S. Embassy – Libya (@USEmbassyLibya) April 10, 2025
وفي لقاء جمعه، الخميس، في العاصمة طرابلس بمحمد الشهوبي، وزير المواصلات بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، قال برنت إنه أجرى معه مناقشة «جيدة» حول التطورات الاقتصادية الأخيرة في ليبيا، وفرص تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة وليبيا في قطاع المواصلات والقطاعات المهمة الأخرى؛ بما يسهم «في جعل بلدينا أكثر ازدهاراً».
في أعقاب ذلك التقى برنت القائم بأعمال وزير الخارجية بحكومة «الوحدة»، الطاهر الباعور، وقال عبر حساب السفارة الأميركية على منصة «إكس»، الخميس، إنه استعرض معه في طرابلس سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين ليبيا والولايات المتحدة، و«الدور الحيوي لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا من أجل مساعدة الليبيين على تجاوز الانقسامات، ودفع العملية السياسية قدماً».
وقالت وزارة الخارجية إن اللقاء استعرض آخر المستجدات على الساحة السياسية المحلية، وتبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وسبل دعم العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، وتهيئة الظروف الملائمة لإجراء انتخابات حرة وشاملة، تمهيداً لاستكمال مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد.

وأكد الباعور على التزام ليبيا بالانفتاح والتعاون البنّاء مع شركائها الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، مثمناً دعمها المتواصل للمسار السياسي، وجهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. فيما نقلت وزارة الخارجية عن برنت تأكيد موقف بلاده «الثابت والداعم لاستقرار ليبيا ووحدتها، واستعداد واشنطن لمواصلة العمل مع السلطات الليبية من أجل تحقيق تطلعات الشعب الليبي، في بناء دولة ديمقراطية وآمنة».
يأتي ذلك فيما حثت البعثة الأممية الأطراف الليبية كافة على «تغليب المصلحة الوطنية، والكف عن اللوم المتبادل، والتوصل لاتفاق حول تدابير عاجلة من أجل استقرار الاقتصاد الوطني».
وقالت البعثة في بيان أصدرته، مساء الأربعاء، إنه يتعيّن على السلطات الاتفاق على «ميزانية وطنية موحدة»، بما يضمن إدارة مالية شفافة، وتعزيز المساءلة في هياكل الحوكمة، مبدية استعدادها لتيسير محادثات بشأنها.
واستغرب سياسيون ليبيون هذا المنحى الأممي، حيث علّق مصطفى البحباح، رئيس المكتب السياسي لـ«التحالف الليبي لأحزاب التوافق الوطني»، على بيان البعثة الأممية، الذي وصفه بـ«الضعيف»، قائلاً: «لا يتناسب ذلك مع حدة الأزمة الليبية المستفحلة، ودون أدنى شعور بالمسؤولية تجاه الدور، الذي كلفها به المجتمع الدولي، وهو دعم الليبيين للخروج من الأزمة العميقة، التي تعصف ببلادهم منذ عام 2014».
وأضاف بحباح في إدراج عبر حسابه على «فيسبوك»: «كنا ننتظر حواراً يهدف لإطلاق عملية سياسية شاملة توحّد البلاد، وتؤدي إلى انتخابات عامة، لكن فوجئنا باقتراح البعثة رعاية حوار من أجل إنجاز ميزانية موحدة للحكومتين المتنافستين؛ الأمر الذي يعزز الانقسام القائم ويشرعنه».

وكانت البعثة قد أوضحت أنها تتابع بـ«قلق تدهور الوضع الاقتصادي، وتبادل الاتهامات» حول المسؤولية عن هذا التدهور، وذلك بعد إعلان المصرف المركزي عن خفض قيمة الدينار، وإصدار بيانه التوضيحي.
ودعت إلى اتخاذ «إجراءات عاجلة للتخفيف من وطأة الآثار السلبية، التي تمس الشعب الليبي، بما في ذلك غلاء المعيشة، وانخفاض القدرة الشرائية، وتراجع ثقة الشعب بمؤسسات الدولة وقياداتها».

كما حثت البعثة الأممية جميع الناخبين المؤهلين على التسجيل في انتخابات الجولة الثانية للمجالس المحلية، وأبدت استعدادها لتيسير محادثات بشأن «الميزانية الموحدة».
وقالت، الخميس، إن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات مددت عملية تسجيل الناخبين للانتخابات البلدية في 52 بلدية، ودعت المواطنين ليكونوا جزءاً من التغيير، والاستفادة من هذه الفرصة لـ«إحداث فارق».
وكان من المفترض أن تغلق المفوضية باب التسجيل في السادس من أبريل (نيسان) الحالي، لكن مجلس إدارة المفوضية قرر تمديد الموعد، وبلغ عدد المسجلين نحو 461 ألف ناخب.
ونوهت المفوضية (الخميس) بأن لجان قبول طلبات تسجيل الناخبين ستعمل السبت المقبل، على أن يكون آخر موعد هو الأحد، وقالت للمواطنين: «لا تفوتوا الفرصة، وسجلوا لتشاركوا في اختيار مجلس بلديتكم».

في شأن مختلف، قالت وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة» إن سفير الجزائر الجديد لدى دولة ليبيا، عبد الكريم ركايبي، قدّم نسخة من أوراق اعتماده؛ تمهيداً لبدء مهامه الدبلوماسية في البلاد. وأوضحت أن الباعور رحب بالسفير، مؤكداً استعداد الوزارة لتقديم أوجه الدعم والتسهيلات اللازمة كافة لتمكينه من أداء مهامه على أكمل وجه، بما يُسهم في دفع العلاقات الثنائية نحو مزيد من التنسيق والتكامل.