حسام عطية
اعتبرت اخصائية العلاج بالفن التشكيلي الفنانة فاتن الداوود، أن هاجس الفنان المفاهيمي هو ان يدخل في اعماق نفسه من غير قيود او تكبل ويجعل الفن هو انعكاس له يرى نفسه، والفن المفهومي اوالمفاهيمي تخطى اطار اللوحة ليشمل العالم بكل احداثه المتوالية ورغبة من الفنان المفاهيمي أن ينغمر تحت غطاء هذا العالم ومظلت احداثه جسديا ليعبر في الفضاء التشكيلي الرحب الذي لا حدود له بتجربة حقيقية يجد به نفسه وذاته في القول او الفعل عبر الفن المفاهيمي.
ونوهت التشكلية الداوود، وهي عضو بالهيئة الإدارية الجديدة لرابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، وأمين الندوات والمحاضرات الثقافية، ان الواسائل المستخدمة في الفن المفاهيمي ، فاقتصرت على الصور الفوتوغرافية والاوراق المطبوعة على الالة الكاتبة والاشرطة الموسيقية والبرقيات والملفات والميكروفلم والنصوص المدونة ويتم استخدام تلك الوسائل دون تملق جمالي وعرض الفكرة مجردة وان كانت كتابة حيث اقترح الامريكي « لاورنس وينر «ان يكتب الفنان ما ينوي من شعور لان العمل بنظره يتحقق بمجرد كتابته حيث قال «اطلق النار على شلالات نياغرا»، فان كتب الفنان فلا يهم ان تحقق الفعل ام لم يتحقق.
اول من
ولفتت التشكلية الداوود، الى انه كان اول من مهد للمفاهيمية الفنان الفرنسي «دوشامب» في القرن التاسع عشر واول عمل له بعنوان «النافورة» الذي خرج عن قطار السريالية في عام 1917، والذي قدم الفنان دوشامب هذا العمل الذي هوعبارة عن مبولة لكنها ليست بالمبولة بل سميت بالنافورة ولكنها ليست بالنافورة المتعارف عليه رغبة من الفناندوشامب» تحطيم اي محتوى او فكر جمالي للنافورة وتشبيهها بالمبولة وذلك استفزازا للنخب الفنية في أوروبا ما بين الحربين العالميين وتمردا من قبل الفنانين في زيورخ لرفض كل ما جاءت به الحضارة الانسانية جمعاء واطلاق مسمى الدادائية « فن اللافن « الذي رفض الانحطاط الاخلاقي لما وصل به العالم انذلك، وبما ان فكرة المبولة قد نوقشت عن ماهية الفن اصبح هذا العمل مفاهيميا لكنه متجذر من جذور الدادائية في الوقت نفسه.
ونوهت التشكلية الداوود، بأن مرسيل دوشان قال «ان محور الفن قد انتقل من شكل اللغة الى اللغة نفسها»، اي ان الفن وسيلة للتحاور والتساؤل عن ماهية الفن نفسه وماهي وظيفته حول محور فكري يحاور العقل ويدعوه للسؤال عن ماهية الاشياء، كما جاء «جوزف كوزت»، 1945 للتعبير عنه من خلال عرضه «كرسي واحد وثلاثة كراسي» وهي عبارة عن كرسي حقيقي وصورته الفوتوغرافية والتعريف اللغوي لكلمة كرسي « هنا يعرض الفنان كوزت مختلف المناهج والاحتمالات لعرض الفكرة مستبعدا كل اسهام ذاتي مع الحضور الحقيقي للشي وتبيان محيطه الغير مدرك، فادراك الشئ الفني يزول كليا امام مفهوم الفن وادراكه المفهومي للعناصر.
وتقول التشكلية الداوود، يعزى الى ظهور المفاهيمية الى الفن السريالي في القرن العشرين وفناني السريالية «مارسيل دوشامب «، «1887 – 1968» ، والبلجيكي رينيه ماجرييت «1898 – 1967 «، وبما ان السريالية تحوم ضد التشكيل السليم للشخوص وراءه للعمل الفني ولا تعترف بالصورة الطبيعية لعناصر العمل الفني والنزوع نحو المعاني المطلقة بحس صوفي في تناول ما وراء عالم الانسان فقد اضيف عليه بعض العبارات والدلالات المكتوبة لتصبح فنا مفاهيميا مستقلا بحد ذاته، فيما من اهم اعمدة الفن المفاهيمي اليوم في العالم باسره يعتبر الفنان الامريكي «لورنس وينر «، 1942 الذي خرج من عباءة الفن السريالي والدخول الى عالم المفاهيمية بكل جدارة واستحقاق فكري وفلسفي ، وسار (وينر) بالفن المفاهيمي الى ذروة الابداع على خطى الفنان ماجريت , بحيث استخدم العبارات البسيطة بلغات عدة منها العربية لتبيان ادق التفاصيل الغائبة عن الذهن وتفكيك بعض المعاني التي اخذت حيزا كبيرا في عمله بعنوان «عمل بدون عنوان 2006»، كما اضاف رينيه ماجريت حيث قال، «كل ما نراه يخفى شيئا ما لا نراه ونحن نتتوق دائما الى فهم المخفي وراه ما نراه» ، بعمله الذي خرج من قطار السريالية ليدخل عالم المفاهيمية الذي بعنوان «غش الصورة هنا ليس غليونا 1929»، لرينيه ماجريت الذي حول ذلك الحقل الفلسفي الى صورة مرسومة كفنان سريالي مفاهيمي تصغيري ، حيث نجح في طرح الفكرة الاعتيادية في اطار غير مادي مع تقديم الفكرة وطرحها وكتابة التمثيل اللغوي الذي قد يشكك عن ماهية الغليون حقيقي ام حقيقة مزيفة من اجل ايجاد علاقة ما بين النص المكتوب والصورة البصرية.
ويذكر أن الفنانة التشكيلية فاتن الداوود، حاصلة على درجة البكالوريوس بتخصص المحاسبة جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، دبلوم مصغر من أكاديمية الفنون الجميلة وزارة الثقافة، وحاصلة على دبلوم فنون جميلة من مؤسسة الشارقة للفنون الإمارات العربية المتحدة، ودبلوم لغة إنجليزية من أكاديمية بوابة الجامعة، وعضو في اتحاد المرأة الأردنية، وعضو في جمعية النهضة النسائية الإمارات العربية المتحدة، وعضو جمعية الإمارات للفنون في الشارقة الإمارات العربية المتحدة، عضو رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين وعضو جمعية نحاتي الخشب الأردنية، وأن الأولى للفنان أن يتحرر من أفكارِه المصفوفة وأسلوبِه المنمق ويخرج من بوتقة الصندوق المحكم حتى يتسنى له البوح بطريقة عفوية للكشف عن مكنونه واضطرابه النفسي مثل الكثير من الأفراد الذين يحتاجون الى العلاج الفني.
جميع الحقوق محفوظة.
لا يجوز استخدام أي مادة من مواد هذا الموقع أو نسخها أو إعادة نشرها أو نقلها كليا أو جزئيا دون الحصول على إذن خطي من الناشر تحت طائلة المسائلة القانونية.